لا يكاد يخلو موسم درامي رمضاني، من وجود مسلسلاتٍ تثيرُ جدلاً بين أوساط الرأي العام. هذه السنةُ، ليست استثناءً على ما يبدو؛ بعد أن قرر منتجو هذا النوع من الدراما، خوض مغامرتهم "المحببة" من جديد، من خلال مجموعة مسلسلات تشتبك بشكل مباشر وغير مباشر مع "التابوهات" الثلاثة (الدين والجنس والسياسة)؛ دون أن ننسى (التاريخ) كمحرم آخر فيما يتعلق بالدراما التي تقارب الشأن التاريخي الإسلامي وتتطرق لأمورٍ خلافية، لم تحسم تاريخياً أو تلك المسلسلات التي تقترب من تاريخ المدن والقبائل العربية في شبه الجزيرة العربية، وتجسد شخصية تاريخية أو "قبلية" ما، يكون استدعاؤها درامياً، مدعاة لإثارة مشكلات ونعرات قبلية وحتى سياسية (مسلسل أسد الجزيرة مثلاً). نجما طاش.. جرأة مسؤولة غير أنه، ليس كل ما يشاع من ضجة إعلامية حول هذا المسلسل أو ذاك هو حقاً يستدعي التصديق أو المشاهدة، إذ ليس بعيداً، أن تلجأ شركات إنتاج درامية إلى اختلاق وإثارة زوابع صحفية قبل موسم رمضان بأشهر، من أجل تسويق مسلسلها التلفزيوني على هذه المحطة أو تلك، لعرضه خلال أيام شهر رمضان. وقد قرأنا في الأشهر الأخيرة أخباراً، حول تقدم محامين في مصر بدعاوى قضائية ضد أكثر من مسلسل، وبأكثر من حجة. والنتيجة هي أن هذا المسلسل دخل ضمن تصنيف المسلسلات المثيرة للجدل وها هو يعرض الآن على كبريات المحطات الفضائية العربية!. وفيما يلي نستعرض أهم الأعمال التي يتوقع أن تثير الجدل في رمضان الحالي: سقوط الخلافة.. والمجد التركي! بعد مجموعة أعمال درامية عربية تصوّر الخلافة العثمانية في بلاد العرب، على أنها استعمار تركي، ضد الطموحات التحررية العربية (مسلسل أخوة التراب لنجدت أنزور)؛ يأتي مسلسل "سقوط الخلافة" (بطولة عباس النوري) ليقلب الصورة. محاولاً – حسب صنّاع المسلسل – أن يُنصف الأتراك ويسكت اللغط التاريخي حول فترة الخلافة العثمانية، في استعادة درامية لموقف السلطان عبدالحميد المُشرّف تاريخياً، عندما رفض السماح لليهود بدخول واستيطان فلسطين. الأمر الذي أسقطه البعض على المواقف الأخيرة لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان من القضية الفلسطينية. إلا أن معارضي المسلسل، لم يصمتوا على فكرته، مذكرين بتلك الإعدامات الجماعية في ساحة "المرجة" بدمشق لخيرة المفكرين والمثقفين الوطنيين في بلاد الشام على يد والي دمشق أحمد جمال باشا الملقب ب"السفّاح"، إبان حكم السلطان عبدالحميد، مطلع القرن العشرين!؛ فضلاً عن مذابح قام بها العثمانيون في مناطق سيطرتهم، كمذبحة اليونان (1822-1833 الثورة اليونانية) وصولاً إلى مذبحة الأرمن (1915). المسلسل الذي يعرض على قناة أوربت حالياً، أخرجه محمد عزيزية بعد أن ترك إخراجه معتذراً المخرج باسل الخطيب. من «وما ملكت أيمانكم».. رنا أبيض طاش.. أو "الصداع المزمن"! وعلى المستوى المحلي، يُشكّل المسلسل الجماهيري السعودي "طاش ما طاش"، "صُداعاً مزمناً" للمنغلقين والمتطرفين دينياً، وذلك لتطرقه "السنوي" لموضوعات تجد رفضاً ومقاومة إعلامية عنيفة لدى هؤلاء. ومن الحلقات التي من المرجح أن تعيد الجدل حول طاش، حلقة: (تعدد الأزواج) و(الاختلاط) و(السينما) وحلقات أخرى، تشتبك مع أهم الموضوعات الاجتماعية المتداولة بين أوساط الرأي العام المحلي. زهرة والأزواج الخمسة جدلٌ آخر أثير حول المسلسل المصري (زهرة وأزواجها الخمسة) وذلك عندما رفع محامٍ مصري دعوى قضائية ضد المسلسل يزعم فيها أن المسلسل "مسيء لقيم الدين". الأمر الذي دفع منتج المسلسل إلى عرض حلقات منه على "الأزهر" ليحصل على موافقة شرعية، درءاً لخطر تعثر بيعه على المحطات الفضائية في رمضان. غير أن البعض شكك في أصل القضية معتبراً أنها مفتعلة من أجل جذب الأضواء حول المسلسل، خاصة بعد الزوبعة التي أثارتها الكاتبة السعودية نادين البدير بمقال لها نشر في صحيفة (المصري اليوم) تطرقت فيه لمسألة تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة الواحدة!. (يعرض على MBC). الإخوان المسلمون.. درامياً! لا يزال مؤلف فيلم (طيور الظلام) و(الإرهابي) الكاتب المصري وحيد حامد؛ يخوض معركة ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بسبب مسلسله الجديد (الجماعة) والذي يتناول فيه سيرة مؤسس حركة الإخوان المسلمين المصرية حسن البنا (1906 – 1948). نجل البنا أحمد سيف الإسلام هو من يقود المعركة ضد الكاتب المحسوب على الحزب الوطني. ويقف وراءه الأخوان، مطالباً بوقف المسلسل بعد أن عجز عن الحصول عن نسخة من حلقات المسلسل أو من مشاهدته. المسلسل الذي يعرض على الفضائية المصرية، تحوّل إلى حديث الشارع المصري ومواقع تيارات الإسلام السياسي، الأمر الذي دفع الكاتب للقول: "لا يوجد مبرر لرفع نجل حسن البنا دعوى قضائية ضدي قبل أن يشاهد العمل، وليس من حق الجماعة الاطلاع على السيناريو، لأن حسن البنا شخصية عامة ومن حق أي شخص تناولها طالما أنني أقدمها بصدق دون تزييف أو مجاملة" (العربية نت). يُذكر أن الممثل الأردني إياد نصّار هو من يُجسد شخصية مؤسس أكثر جماعات الإسلام السياسي شهرة في العالم. عباس النوري «سقوط الخلافة» نجدت أنزور.. و"ما ملكت أيمانكم"! بعد مسلسل (حور العين - 2006) يعود مخرج (نهاية رجل شجاع) إلى موضوع الإرهاب والجماعات المتشددة ولكن من بوابة: المرأة. المخرج السوري نجدت أنزور، يحاول في مسلسله الجديد (ما ملكت أيمانكم)، فضح استغلال المرأة عند قادة وأمراء الجماعات الإسلامية المسلحة. الأمر الذي فتح النار عليه من هذه الجماعات ومواقع إلكترونية صديقة لها، تتهم مخرج (سقف العالم) بأنه يزدري القرآن!. وهو ما رفضه أنزور الذي أكد على أنه يقدم عملاً يكشف في طياته حال المرأة في الشرق الأوسط. ويلعب بطولة المسلسل "نمس باب الحارة" الممثل مصطفى الخاني، بشخصية مُتشدد ينشىء خلية إرهابية تذهب للقيام بعمليات مسلحة في العراق ثم تعود لتكمل نشاطها الإجرامي في سوريا. المسلسل يعرض حالياً على قناة المستقبل اللبنانية وسيعاد على أكثر من محطة عربية بعد رمضان. أخيراً بقي أن نشير إلى أن ثمة مسلسلات تاريخية واجتماعية ستثير جدل الرأي العام ولكن بعد مشاهدتها، مثل تلك الأعمال التي تمس شخصيات دينية أو حقباً إسلامية من جهة أو التي تسرف في إدخال مشاهد الإغراء والإيحاءات الجنسية وتُظهر بيئات "ليلية" تجلب سخط شرائح من مشاهدين ترى بأن موسم مسلسلات رمضان يجب ألا يخرج عن حدوده، في رفض واضح لأي اقتراب من ثالث المحرمات وهو "الجنس".