التعليم هو أساس نهضة الأمم ، وديننا الإسلامي حث على التعلم ، وكان للحرمين الشريفين دور بارز في نشر العلم للعالم ، والملك عبدالعزيز يرحمه الله بارك التعليم الموجود في بلاده وشجع علماء الحرمين لتعليم الناس أمور دينهم ، بل قام بزيارات لبعض المدارس الأهلية في مكةالمكرمة ، وأهدى لها هبات وعطايا تشجيعا لدورها ، وطلب من العلماء وضع خطة لنشر التعليم في البلاد لإيمانه بأن رقي بلاده لايكون إلا عن طريق التعليم ، ففتح المدارس لجميع أنواع التعليم النهاري ، والليلي ، حتى أوصل التعليم إلى القرى , والهجر , والرُحَّل ، وصرف معونات للمتعلمين وشجعهم على التعلم ، وافتتح في عهده أول كليتين في مكةالمكرمة ، ووضع قاعدة التعليم الجامعي . وتابع هذه المسيرة في النهوض بالتعليم من بعده أبناؤه فكانوا شموعا لإضاءة دروب الشباب والطلاب . حتى شهد التعليم في عهد الإنسان المواطن الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز انطلاقة جديدة غير مسبوقة ، فتضاعف افتتاح الجامعات في غالب مدن المملكة وفتح باب الابتعاث لكافة الشباب "وأنشئت أول جامعة تضاهي جامعات العالم في الأبحاث والتقنية"، وقد بلغ عدد الجامعات "واحداً وعشرين جامعة" ، وصدر أمر بإنشاء ثلاث جامعات أخرى لتصبح " أربعاً وعشرين جامعة" ، بل أصبحت فجاج المملكة كلها مدناً جامعية ، وبنظرة خاطفة ولمحة عابرة على أي مدينة جامعية في المملكة تحس بالحضارة والرقي العلمي المتقدم حيث سجلت الجامعات الحكومية نمواً بنسبة مايزيد على "125" في المئة خلال السنوات الماضية ، إضافةً إلى تسجيل نمو كبير في كليات الطب ، وكليات المجتمع ، وكليات الحاسب الآلي ، وكليات العلوم التطبيقية ، وكليات العلوم والهندسة والتمريض والصيدلة مع زيادة مع في أعدادهم . بل ماأصبحنا ولاأمسينا إلا و وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد العنقري يبشر دائماً بحل أزمة القبول ، مما يفرح العدد الكبير من الناجحين في الثانوية العامة بمستقبل زاهر ، فأصبحوا في كل عام متفائلين يتوقعون انخفاضاً في درجات المفاضلة . ويجوز للجامعة الحكومية و الأهلية اقتراح معايير إضافية لتوسيع دائرة رغبات الطلاب والمسارعة والمسابقة في قبولهم ،و على أسس و معايير تقرها مجالس التعليم العالي في مطلع كل عام دراسي، كما تعتمد المعدلات الواردة من المجالس كأرضية نستطيع من خلالها استيعاب كل خريجي "الفرع العلمي" و ليس هذا بعزيز و صعب (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). ولا يختلف اثنان أن جامعاتنا مع كثرتها تواجه صعوبات لتلبية رغبات الطلاب الجدد مما يضطرها لإخضاع أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات لمعايير الاعتماد العام والخاص , فيُشدد على معدلات القبول في الجامعات "للطب البشري وللهندسة ، ونحوها من الكليات التي ينجذب الطلاب لها" مما يحدث اللغط نتيجة الخلط بين رغبة الطالب ، و النسبة كمتطلب للكلية المتخصصة و عدد الطلاب المرشح من قبل الكلية على قدر طاقتها ، ولا تقبل رغبة الطالب في التسجيل بإحدى الكليات المرغوبة ، وإن كانت الرغبة الطلابية مثمنة و ليست حكراً على الكليات حيث سيخضع المتقدمون من الطلاب لأعذار الكليات المتكررة في سياق متصل مميت. لقد أقر التعليم العالي معدل الشهادة الثانوية العامة "الفرع العلمي" وعدله مرات لمسايرة رغبات طلابنا و لتيسير التسجيل في الكلية حسب رغبة الطلاب ، فانخفضت النسب ليكون المعدل المطلوب مناسبا قدر الإمكان و في متناول الغالبية من مجموع الدرجات للتسجيل في "كليات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة و كليات العلوم الصحية، و الهندسة بمختلف فروعها" ، ووفق الأسس المخصصة من وزارة التعليم العالي وبحسب قرارات عمادات القبول والتسجيل ومن خلال المفاضلة بين المتقدمين في كل كلية أو تخصص أو برنامج بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص . وإذا مانظرنا إلى الموضوع من منظور علمي تربوي ونفسي ، نلحظ مع اقتراب موعد إعلان القبول في الجامعات ، الخوف على وجوه أبنائنا خريجي الثانوية فتزداد نبضات القلب بشكل متسارع كلما اقترب الموعد ، و إن كان الخوف أمراً طبيعياً لأنه استحقاق ، لكن يجب على الطالب أن يتخطاه لكي ينتقل للأمام أو ينجح في تحقيق رغبته و الحصول على مقعد في الكلية المطلوبة ، لا أن يصل الخوف به إلى درجة القلق مما قد يؤثر عليه بشكل سلبي وحالة انفعالية تعتريه قبل وأثناء إعلان القبول بالجامعات ، حالة مصحوبة بتوتر، وتحفز وحدة انفعال وانشغالات عقلية سالبة تتداخل ، تشوش التركيز المطلوب أثناء التقديم ممّا يؤثّر سلبا على المهام العقلية على الطلاب المتميزين أصحاب المعدلات المرتفعة ، يبدأ الطالب محنته الأولى ومعاناته بأن يفاجأ بقبوله فى كلية لا يرغبها ، أو تخصص لا يرى أنه يحقق مستقبله وطموحه فيخار مكتئباً ، و لا يدرك السبب و العلة فى حرمانه من رغبته و لا موقف التقييم من جهة القبول و التسجيل فلا يفسره إلا على أنّه موقف تهديد للشخصية و تسلط و سلب لحقه في العلم و المعرفة . ومع كل ذلك أعطى المسؤولون عن قطاع "التعليم العام ، والعالي" كل مايستطيعون من رؤى وأفكار، ومتابعة حتى اليوم ، وتذليل لكل مايعترض طلاب العلم من مشكلات بدأ من الرأس حتى القاعدة ، ولم يتاونوا في التجاوب لما فيه المصلحة العامة "وفق توجيهات قيادة هذه البلاد" ، والتي تعتبر ثروتها الحقيقة هي "مواطنوها" في تعليمهم وإسعادهم في كافة مناحي الحياة الأخرى . واليوم وإن كان لنا طرح لما يدور في الوسط الاجتماعي حول قبول طلابنا وطالباتنا في الجامعات نلخصه في الآتي : 1) الدارسون الذين حققوا النسبة المطلوبة للالتحاق بالكلية التي يرغبونها ، وهي مايسمى "النسبة الموزونة " ، أي ماحصل عليه الدارس في الثانوية العامة ، والقدرات ، والتحصيلي ، ولكن يفاجأ بأن باب القبول أقفل بحجة أن الطاقة الاستيعابية قد اكتملت , فهنا تموت جميع أحلام وأماني الدارس بهذا القرار .. والسؤال ماهو ذنب الدارس بهذا القرار المجحف ؟! . 2) يحول الدارس إلى تخصص لايرغبه ولايستطيع أن يعطي فيه نتائج إيجابية وإن كان في تخصصات علمية "كالفيزياء والكيمياء وغيرها" ، وإن سلمنا بأن هذا الأمر ربما يكون مقبولاً إلى حد ما . 3) الشيء المقلل والمزعج يحول الدارس إلى تخصصات نظرية " كاللغة العربية ، والدعوة ، والشريعة ، والفنية ، والبدنية ، والتاريخ ، والأدب ، والإعلام " ، .. فبالله عليك! دارس يتقدم إلى " طب ، أو علوم طبية ، أو هندسة " يحول إلى التخصصات النظرية الآنفه ، فلا يستطيع أن يستوعب أو يذاكر أو تكون لدراسته أي نتائج إيجابية ، إضافة إلى أموال تصرف كمكافآت للدارس ، ورواتب للمدرسين ، وهدرٍ للطاقة البشرية . 4) يحول بعض الطلاب إلى الالتحاق ببرامج مقابل رسوم ، أو الالتحاق ببرنامج الانتساب ، وكلتا الحالتين تعتبر فرصة لمن فاتهم ركب العلم أو تقدمت بهم السن أو موظفون في قطاعات أهلية أو حكومية فتتاح لهم الفرصة للالتحاق بتلك البرامج ، وهي تعتبر على نظام الدراسة الليلة في التعليم العام ، لا أن تكون تلك البرامج لخريجي ثانوية عامة حديثي عهد بالتعليم وأعمارهم لاتتجاوز الثامنة عشرة . 5) وهنا لا تلام الجامعات لأن لها نسباً ، ووضعت جداولها عليها في القبول . فما هي الحلول والمقترحات والتي نأمل أن تجد دراسة عاجلة قبل بداية العام الدراسي ، ومستقبلية . 1) قبول خريجي الثانوية وفق معايير القبول دون رفض أي متقدم طالما حقق المعدل المطلوب " النسبة الموزونة " في التخصص الذي يرغبه . 2) التخفيف من الشروط الأخرى بعد ذلك كالحصول على معدلات معينة في السنة الأولى "السنة التحضيرية" كما كان معمولاً به في السابق ، وإلا ماقيمة ماحصل عليه الدارس في الثانوية العامة والقدرات والتحصيلي "النسبة الموزونة" وهل نحن وصلنا في جميع التخصصات إلى حد التشبع حتى نضع شروطا إضافية تحد من أعداد الدارسين بحجة قلة أعضاء هيئات التدريس في الكليات . 3) تصميم استمارة توضع بها جميع التخصصات الموجودة بالجامعات مع المعدلات المطلوبة سواءً العلمية أو النظرية أو المهنية ، بعد ماتم ربط جميع أنواع التعليم لما بعد الثانوية بالجامعات . 4) عمل توازن بين الخريجين من الثانويات ، والقبول ، والمبتعثين ، وسوق العمل ، حتى نستطيع أن نسدد جميع المهن في وقت قريب . 5) وضع برامج دراسية لمدة عامين يمنح بعدها الدارس درجة الدبلوم ، والتنسيق في ذلك مع وزارة الخدمة المدنية . 6) توسيع دائرة القبول في التخصصات العلمية ، مع الأخذ بالاعتبار في زيادة أعضاء هيئات التدريس بها ، حتى تستطيع تسديد سوق العمل ، في المستشفيات ، والصيدليات ، وعيادات الأسنان ، والمختبرات بالأيدي الوطنية في أقرب وقت . 7) تقليص أعداد المقبولين في التخصصات التي أصبح فيها تشبع ، وفائض ، ولايحتاجها المجتمع ، أو سوق العمل ، ولنا خير دليل للأعداد التي تنتظر العمل في القطاع الأهلي ، أو الحكومي من خلال تعيينها من قبل وزارة الخدمة المدنية ، ولابد لنا أن نعلم بأن جامعاتنا تقوم بالتعليم والإعداد للعمل معا . 8 ) إعطاء الأولوية لخريجي الثانوية بالدراسة في المدينة التي يوجد بها ، وفق معايير القبول "النسبة الموزونة" حتى يكون تحت رعاية أسرته . 9) تكوين لجان بالجامعات للتمديد أو التعاقد مع أعضاء التدريس الوطنيين ، كما هو متعارف عليه في دول العالم ، دون وضع عقبات أمامهم من قبل أشخاص يجهلون قيمتهم ولايعرفون للوطنية معنىً ، ولا يقدرون عطاءاتهم ، ويجعلون هذه الأمور المهمة مرتبطة بمصالح وأهواء شخصية . 10) أتمنى أن يكون هناك نظام موحد للقبول في الجامعات لجميع التخصصات ، وكذلك مواعيد الامتحانات وامتحانات الدور الثاني واللوائح الخاصة بذلك ، تحت إشراف وزارة التعليم العالي، ويكون باسم القبول الموحد واللائحة الموحدة ، وتهيئة البيئة التمكينية لمراكز القبول و التسجيل المبكر التكاملي عن طريق مسجلٍ عام و الاستفادة العملية والتعليمية العالمية ، كبديل لطريقة التقديم و القبول الفردية التقليدية ، و التى عجزت عن معالجة مشاكل القبول و التسجيل ، وتجربة المسجلٍ العام نجحت فى كثير من البلدان و صوبت مسار عملية القبول و التسجيل ، وبخاصة نظام تصميم استمارة التقديم الذى يضمن تنويع رغبات الطلاب ... والله من وراء القصد،، *جامعة أم القرى