خبر صحفي نشر خلال الأسبوع الماضي تضمن أن مديرية السجون في المملكة أكدت أنها بصدد دراسة تضمن عدم سجن الموقوفين على ذمة التحقيق وذلك في خطوة تهدف إلى تقليص أعداد من يتم إيداعهم في السجون. وهذا التأكيد جاء خلال لقاء تم بين قيادات المديرية العامة للسجون برئاسة سعادة مدير عام السجون مع مجلس هيئة حقوق الإنسان الحكومية في المملكة هذا اللقاء الذي امتد لأكثر من أربع ساعات كما تضمن الخبر أن هيئة حقوق الإنسان طلبت من مدير عام السجون إيجاد آلية لضمان عدم سجن الموقوفين على ذمم القضايا .. وأن مرحلة الحبس يجب أن تكون للمحكوم فقط بأحكام قضائية .. ومدير عام السجون رحب بهذه الآلية وهذه الخطوة التي يؤمل فيها إن شاء الله أن تخفف من أعباء السجون .. إلا أن مسؤولي السجون أكدوا في هذا اللقاء أن ما يعوق ذلك هو أمر الإطلاق الذي يجب أن يصدر من قاضي المحكمة . حقيقة مثل هذا اللقاء من المؤكد أنه لقاء له إيجابيات كثيرة منتظرة ، وخطوة لعمل تنظيمات مفقودة ومطلوبة خاصة في أحد وأهم جوانب العمل الأمني !! لكن يبدو ان الخبر يحمل نوعاً من التباين .. فهيئة حقوق الإنسان تتحدث عن قضية ( الإيقاف على ذمة التحقيق) ومسؤولو السجون يتحدثون أن المعوق في ذلك هو أمر الإطلاق الذي يصدر من القاضي .. والمعلوم أن القاضي لا يصدر أمرا بإطلاق إلا في قضية محكوم فيها شرعاً وهذه مسألة مختلفة عن قضية التوقيف على ذمة التحقيق التي تتحدث عنها الهيئة وفق صياغة الخبر المنشور .. والمعلوم أيضاً أن قضية أمر الإطلاق لموقوف على ذمة التحقيق من اختصاص المحقق التابع لهيئة التحقيق والادعاء العام !! لكن الأهم هنا أن هناك أمراً غائباً عن المسؤولين في هيئة حقوق الإنسان وهو أن مديرية السجون في المملكة هي جهة تنفيذية ليس لها سلطة في عملية السجن أو الإيقاف أو الإطلاق .. والأمور التي يتحدث عنها مسؤولو هيئة حقوق الإنسان ليس للسجون سلطة مباشرة فيها فهي من مسؤوليات واختصاص جهات أخرى وأهمها بالطبع المحاكم وهيئة التحقيق والادعاء العام والشرطة .. فالتوقيف على ذمة التحقيق هو إجراء محكوم بنظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 بتاريخ 28/7/1422ه من خلال المادة الثانية عشرة بعد المائة والتي جاء في نصها (يحدد وزير الداخلية بناءً على توجيه رئيس هيئة التحقق والادعاء العام ما يعد من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف) .. أيضاً أن المادة الثالثة عشرة بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية منحت محقق هيئة التحقيق والادعاء العام صلاحيات بإيقاف المتهم لمدة لاتزيد على خمسة أيام من تاريخ القبض عليه لمصلحة التحقيق .. وتضمنت المادة الرابعة عشرة بعد المائة من هذا النظام ما نصه (ينتهي التوقيف بمضي خمسة أيام ، إلا إذا رأى المحقق تمديد مدة التوقيف فيجب قبل انقضائها أن يقوم بعرض الأوراق على رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة ليصدر أمراً بتمديد مدة التوقيف مدة أو مدداً متعاقبة ، على ألا تزيد في مجموعها على أربعين يوماً من تاريخ القبض عليه ، أو الإفراج عن المتهم ، وفي الحالات التي تتطلب التوقيف مدة أطول يرفع الأمر إلى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ليصدر أمره بالتمديد لمدة أو مدد متعاقبة لا تزيد أي منها على ثلاثين يوماً ، ولا يزيد مجموعها على ستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم ، يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة ، أو الإفراج عنه ) . وبناءً على نص المادة الثانية عشرة بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية صدر قرار صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رقم 1900 وتاريخ 9/7/1428ه متضمناً (15) نوعاً من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف لها ( عدد جريدة الرياض الصادر بتاريخ 29 رجب 1428ه) .. من هذا يتبين للإخوة في هيئة حقوق الإنسان أن السجون هي جهة منفذة لأوامر التوقيف على ذمة التحقيق وغير مسؤولة إطلاقاً عن عملية التأخير في الإطلاق أو الاستمرار وما إلى ذلك !! بهذه المناسبة هناك اقتراح قد يكون مساعداً في هذا الشأن فالكل يعلم انه في الغالب يتم ربط إطلاق سراح المتهم بكفالة خاصة في القضايا التي لم تنتهي تحقيقا او حكما .. لذلك لماذا لا يتم استبدال الكفالة بضمان مالي يحدد حسب نوع الضرر الذي لحق بالمجني عليه او حسب نوع الإصابة ودرجتها خاصة في القضايا التي بها إصابات والتي يتحكم التقرير الطبي بمصير المتهم من حيث مدة الإيقاف .. وخاصة القضايا التي تعنيها الفقرة التاسعة الواردة في قرار صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رقم 1900 وتاريخ 9/7/1428ه بحيث يتم تقدير الكفالة المالية على قدر الإصابة .. فالكفالة المالية او الضمان المالي وفق تنظيم مالي وإداري محكم أعتقد انه كفيل مناسب جدا ويحل إشكالات كثيرة جدا من معاناة إحضار المتهم او البحث عن الكفيل .. إضافة ان نظام الكفيل قد يورط أشخاصا آخرين وقد يزج بهم في القضية من غير ذنب لهم الا أنه تورط بحسن نية بكفالة إطلاق سراح شخص متهم على ذمة التحقيق .. على كلّ هذا الاقتراح يحتاج إلى دراسة شاملة وتنظيم مالي وإداري متكامل ومحكم ..