بعيدا عن الهموم السياسية والمعيشية التي تغرقهم، استحوذت مباريات كأس العالم لكرة القدم على اهتمام فئات واسعة من الفلسطينيين الذين "اعدوا العدة" لمتابعتها فرادى او كعائلات، ليتحول "المونديال"، حدثا مهما يحسب له حساب في تحديد البرامج الحياتية طيلة شهر كامل. واضطر الكثير من العرسان لتعديل مواعيد زفافهم وتحديدها بعناية فائقة، بما لا يتعارض وموعد اي من المباريات، حتى لو لم يكونوا هم انفسهم او ذووهم من المهتمين باخبار كرة القدم، فالاعراس لا تكتمل الا بالمدعوين الذين يقدمون متابعة المونديال على سواه. واستعدادا لهذا الحدث العالمي الذي يحل كل اربعة اعوام، حرص عشاق الكرة من الفلسطينيين على ان تكون لديهم "اطلالة" فضائية تمكنهم من متابعة مباريات المونديال اولا باول، لا سيما في ظل احتكار قناة الجزيرة القطرية لامتياز بث هذه المباريات، والحاجة لشراء بطاقة اشتراك خاصة تتيح مشاهدة هذه المباريات. لورنس حافظ (24 عاما) من منطقة نابلس ويعمل في مدينة رام الله، واحد عشاق "رويال مدريد" الاسباني، لا يملك هذا الاشتراك الخاص مع قناة الجزيرة الرياضية، قال انه سيتابع المونديال في المقهى. وبخلاف ما كان عليه الحال في المونديال السابق، تتردد محطات التلفزة المحلية المنتشرة في كافة مناطق الضفة الغربية في بث مباريات كأس العالم على اثيرها، تجنبا لاي مساءلة قانونية من جهة صاحبة الامتياز الحصري في بثها وهي قناة الجزيرة، الامر الذي سيحرم قطاعات واسعة من فرصة المتابعة داخل بيوتهم ومع عائلاتهم. لكن ذلك لم يمنع الكثيرين من عشاق الكرة من شراء بطاقة الاشتراك مع الجزيرة الرياضية، خاصة انها ليست مرتفعة الثمن ولا تزيد عن مائة دولار، طالما انها تحول دون " تشردهم" في المقاهي او الاندية او الساحات العامة، ومتابعة هذا الحدث العالمي الهام - سواء كان الوقت مبكرا او متأخرا- في بيوتهم مع جميع افراد عائلاتهم، لا سيما الفتيات والنساء . وهناك من وجد في المونديال فرصة ذهبية للربح خاصة اصحاب المقاهي والمطاعم الذين استبقوا بدء المونديال بتركيب شاشات عرض كبيرة في الهواء الطلق او داخلها، جذبا للزبائن الذين يكثرون في مثل هذه المناسبات من "الطلبات". خالد البرغوثي من قرية دير غسانة يشرف على " متنزه الخواص" الجديد، قال ل "الرياض" انهم عمدوا الى تركيب شاشات عرض "ال سي دي" على سطح صالة الافراح التابعة للمتنزه بما يمكن ابناء القرية من متابعة المونديال دون ان يضطروا لشراء اشتراكات خاصة، ومثل هذه الخطوة قامت بها الاندية الرياضية في مختلف مناطق الضفة الغربية بدوره عمد اتحاد كرة القدم الفلسطيني بالتعاون مع مجموعة من الشركات الراعية وسفارة جنوب افريقيا الى تثبيت شاشات عرض ضخمة في الساحات العامة في المدن والبلدات الكبرى في الضفة لتشجيع المواطنين على متابعة المونديال مثل ساحة كنيسة المهد في بيت لحم ، وساحة النكبة برام الله وساحة نادي هلال القدس و ساحة مدرسة بن رشد في الخليل ومتنزهات بلديات دورا والظاهرية، وبيت أمر بمحافظة الخليل وساحة كراجات بلدية جنين وميدان جمال عبد الناصر في طولكرم ، وساحة السوقفي قلقيلية وكراجات بلدية سلفيت وملعب بلدية طوباس وساحة مدرسة التراسنطه في اريحا ومدرج جمال عبد الناصر في نابلس وغيرها. ولم تغب السياسة في تحديد المواقف من الدول المتنافسة. فإلى جانب الاحتراف في الاداء، هناك المواقف السياسية التي تدفع المواطن الفلسطيني الى تشجيع هذا الفريق ضد ذاك. احمد حكم من رام الله، قال بغض النظر عن اداء الفريق الاميركي فإنه باي حال من الاحوال يقف ضده نظرا للمواقف التي تتخذها بلاده في دعمها الاعمى لاسرائيل. واكد تأييده المطلق للفريق البرازيلي الذي وقفت بلاده في الآونة الاخيرة مواقف مشرفة الى جانب الشعب الفلسطيني والقضايا العربية، عدا عن العراقة والابداع الذي يتميز بها لاعبو الفريق تاريخيا.