منذ أن بدأ نظام " ساهر " المروري يحاصر الفوضى المؤزمة في شوارع الرياض ، ويرصد التجاوزات التي يمارسها عن عمد وسبق إصرار فئة من مستخدمي الطرق بشكل عبثي ، واستهتار بالناس ، والنظام ، والسلوك السويّ ، ومنذ أن بدأت الكاميرات تفتح " الزوم " لتكشف عن تدني الوعي ، وغياب ثقافة القيادة ، وفضح ما يحدث على هذا المسرح التراجيدي الممتد حتى تخوم المدينة ، وسديم المعاناة التي تحرق الأعصاب ، وتشل الروح، ومنذ أن بدأت المخالفات المرورية " تسمى مخالفات تجاوزاً ، والواقع أنها عبث قاتل " تمارس تواجدها السريع على أجهزة هواتف العابثين اختلف سلوك السائقين ، ومستخدمي الطرق ، وصار هناك تصويب ولو خجولًا في بداياته للتعاطي مع النظام ، والقوانين ، وتحول الفهم لقيادة السيارة من عبث ، وتجاوز ، واستهتار إلى الممارسة العاقلة ، والسلوك السويّ الحضاري الجيد ، ومن التعامل مع الطريق كحلبة سباق ومايشبه الجنون ، إلى منجز حضاري يمتلكه الناس ، كل الناس ، ويستخدمونه كحق عام لهم جميعا وليس لفئة تحوله إلى تفريغ عقدها وأمراضها وتراكمات الجهل والتخلف عندها . أعترف سريعا وأسجل أنني حصلت على سبع مخالفات مرورية ، قمت بتسديد مبالغها فورا ، ليس لطيش مني ، أو استهتار بالنظام والقانون ، أو بأرواح الآخرين ، وليس لأن عندي نزعة عدوانية من خلالها أمارس حماقاتي في الطريق العام الذي هو مقدس أو يجب أن يكون مقدسا عند جميع المواطنين ، ولكن ذلك جاء من خلال جهلٍ أحيانا ببعض التفاصيل الصغيرة وهي تفاصيل مهمة جدا كانت تغيب عنا ككيفية الوقوف عند إشارة المرور أو الحد الاقصى للسرعة في مسارات الخدمة ، ومسارات الطرق السريعة ، أو ربط حزام الأمان ، أو التحدث في الهاتف أثناء القيادة وهذه وحدها خطيئة كبيرة فلا أحد بمقدوره التنبؤ بمفاجآت الطريق . غير أنني تعلمت كثيرا من الغرامات ، وأصبحت أفتح عينيّ كثيرا لمراقبة السرعة ، وعلى أشياء كثيرة . إن نظام ساهر ، وإن أقلق الكثير ، وإن عابه البعض ، وإن تذمر منه من يريدون أن تكون شوارعنا فوضى كوميدية تراجيدية ، لهو إسهام في تربية الناس ، وتدريبهم على احترام النظام ، وحثهم على السلوك الجيد ، فقد كفانا ما أنتجته الفوضى المرورية من وفيات ، وإعاقات ، وخسائر أسرية في الارواح ، والاحصائيات عن مقعدي الحوادث المرورية ، والمصابين بعاهات جسدية فضلا عن أعداد الوفيات شاهد على كل هذا . إنني متفائل ، متفائل كثيرا بأنه لن يمر علينا كثير وقت حتى نلتزم بالانظمة المرورية ، وتعم ثقافة الوعي والسلوك الجيد ، والتفاعل مع المنجز التنظيمي .