لماذا هناك من يكره «نظام ساهر» ويلعنه صباح مساء؟! ثم لماذا تصاعدت حدة الاعتراض على ساهر كنظام وضع لرصد المخالفين، وتطبيق النظام، حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم؟!. لقد تفاقم الأمر من «إحراق كاميرا» ساهر, إلى تحطيمها، وصدمها، والعبث بها بالألوان، وطمسها، وصولاً إلى «قتل السائق» وإحراق المركبة!!. إنها جريمة بحق «إنسان بريء» يزاول عمله بكل «أمانة»، وهي «جريمة مرفوضة» من كل أفراد المجتمع ولا يقر بها ولا يقبلها مسلم عاقل!!. رحم الله «السائق البريء»، ويجب إيقاع أشد «العقوبات الرادعة» على كل من يعبث بممتلكات الوطن ويعتدي على الأبرياء. ولكن السؤال هو لماذا كل هذا السلوك «غير السوي» تجاه نظام يفترض أنه شرع في «الأصل» لحماية الناس؟! لا لتحفيز السلوك العدواني لديهم. وما هو الحل إذاً لتغيير نظرة الناس تجاه ساهر؟!. لنكن منصفين وواقعيين في البداية، فقد حقق «برنامج ساهر» منذ إطلاقه «نتائج» مبهرة وجيدة، لم نكن سنصل إليها في تخفيض «نسبة الحوادث» وما ينتج عنها من إصابات ووفيات والأرقام خير شاهد فهي لا تكذب وهي الفصل في «حسم المسألة» لصالح «نظام ساهر»، الذي ضبط «أخلاق المركبات» في شوارعنا قبل سائقيها، حتى ودعنا بحمد الله و»لغير رجعة» نسبة عالية من الاستهتار والسرعة الجنونية التي كنا «نلاحظها» في طرقاتنا، وباتت مركباتنا «أكثر تعقلاً» مما مضى، بفضل فلاشات ساهر «الكاشحة» في وجه كل مخالف ومستهتر أين كان ودون تفرقة، فمن يخالف يستحق مع التحية «صورة تذكارية» ستبقى لحين دفعه جزاء ما «اقترفه» من خرق للنظام. كنا فيما مضى ننظر إلى هذا النظام ولا نزال بشيء من «الريبة والخوف» على اعتبار أنه جاء «ماحقاً» لمرتباتنا الشهرية ومرهقاً لميزانيتنا المنهكة أصلاً بفعل الغلاء والاستغلال «الفاحش» في أسعار السلع والمنتجات الغذائية والاستهلاكية اليومية، ليكون «مكملاً» لفواتير الكهرباء والاتصالات والماء التي صادرت ابتسامة «رب الأسرة» والعائل لها، لتجعله يعيش في دوامة من المصاريف غير المتناهية. البعض اعتبره «نظام جباية»، وقد تصاعدت الحملات ضد ساهر والمطالبة بإلغائه، والسبب يرجع برأيي إلى «المرور نفسه»، الذي قصر كثيراً في إفهام المجتمع للنظام بشكل مبسط، وعدم مخاطبته لكل أفراد الأسرة ليكونوا شركاء له في إنجاح تطبيقه، وانتهاجه «لأسلوب التخفي والتنكر» لرصد المخالفين، وهو أسلوب «مخادع مستفز» لا يليق بفكرة تطبيق نظام، فراصد النظام يجب أن يكون في مكان واضح للعيان، لا بالتخفي بين السيارات وخلف الأشجار، وهي صفة خلقت نوعاً من التحدي والاستفزاز لقائدي المركبات، خصوصاً وأنهم يسافرون لمناطق خارج المملكة يوجد بها نظام مروري شبيه بساهر يعمل في وضح النهار وبشكل واضح للعيان. طبق «ساهر» مع قصور كبير في تجهيز الطرقات والشوارع بما يلزم من «إرشاد» لسرعات المحددة، ووضع نقاط واضحة ومتكررة لقياس مستوى السرعة فيها. إذاً نجد أن المرور هو من قصر كثيراً في «التوعية» لكيفية عمل النظام قبل تطبيقه!! حتى في كيفية حساب «قيمة المخالفة»، وكيف يمكن الاستفادة من «فترة السداد» أو ما كان يعرف خطأ «بمضاعفة المخالفة», رغم أنها غير مضاعفة فلو عكست لتبدأ «بالقيمة الأعلى» وتوضيح أن فرصة السداد خلال فترة معينة ستمنح المخالف تخفيضاً «بالقيمة الأدنى» لكان أولى من جعل المخالف يتخيل في البداية أنه يستغل بمضاعفة «قيمة المخالفة» مع زيادة الوقت. ومع ذلك بدأنا نتفهم وندرك أن الأمر ليس استغلالاً، بقدر ما هو نظام ضبط ورصد لمنع المخالفين ومتجاوزي النظام؟!. فساهر وضع «لرصد» المخالف المستهتر بالقوانين والأنظمة المرورية، والمخالف فقط، فمن يسير في الطريق «بكل هدوء» ملتزماً بالنظام سيجد أن ساهر «خير عوين» لحفظه ورعايته من المتطفلين والمستهترين «بأرواح الناس»!!. خروج «مدير مشروع ساهر» مشكوراً وحده في عدة برامج لشرح النظام الذي سيطبق على كل الطرقات والشوارع في المملكة، لم يكن كافياً رغم جهوده الكبيرة والمقدرة ولكنه بدا «كفارس وحيد في الميدان» والأمر يلزمه «خطة» و»حملة إعلامية» وطنية ضخمة, وفريق إعلامي ومتحدثين ومرشدين، كان يلزم ساهر «كسب» حملة القلم وخطباء المنابر والدعاة والمدرسين ولاعبي كرة القدم والفنانين والمشاهير ورسامي «الكاريكاتير» وتحويلهم إلى دعاة يوضحون عظم رسالة النظام وفوائده, كان يجب عدم تجاهل أي أحد، فالكل عرضة «لفلاش ساهر» لأنه من مستخدمي الطريق، وبالتالي كان يلزم وصول التوعية له بشكل مبسط ومتقن، وهو ما لم يحدث «برأيي» غير بعض تلك التغطيات البسيطة التي رافقت زيارة بعض المسؤولين لتفقده وتدشينه، وقد نسي «المرور» المستفيد والمتعامل الحقيقي ومن يرى نفسه متضرراً من تطبيق النظام. لقد تجاهل ساهر «رسائل» يتداولها الناس في هواتفهم عن حرمة المخالفات المرورية وعدم جوازها، وفتاوى تحرم النظام، وامتعاض بعض الدعاة من المخالفات التي تحملوها على صفحات الجرائد والصحف الإلكترونية، دون أن يحرك ساكناً، ولم يقم بدور كامل تجاه توضيح الرأي للمجتمع مدعم بالفتاوى الصحيحة واللازمة لوجوب حماية الأرواح والتقيد بالنظام لما فيه من مصلحة والرد على كل مشكك ومعارض بأقوال العلماء المعتبرين. هل استعجل المرور في جعل «ساهر» واقعاً ملموساً في طرقاتنا دون أن تكون هذه الطرقات مجهزة أصلاً، ودون أن يكون مستخدم الطريق على وعي كامل بفحوى وكيفية عمل النظام وهو ما جعل «المواطن البسيط» يصحو ليجد أنه مجبر على الالتزام «بنظام ساهر» بالسالب أيضاً. فالمواطن وجد نفسه مطالباً بتسديد «ألف ريال», أو ألفين، أو ثلاثة، كمخالفات رصدت قبل تجهيز الطريق بالإرشادات وقبل فهم الناس «لمحاسن ساهر», فكم في مرتبات الناس من «ألف ريال» حتى يتم محاسبتهم بهذه الطريقة!!. طبيعي بعد كل هذا أن تكون نسبة كبيرة جداً من الناس تكره «ساهر»، بل وتنتقده عبر وسائل الإعلام وفي مقدمتهم عدد من أصحاب السمو والمعالي والفضيلة والناس البسطاء!!. إذاً ما هو الحل؟؟ أعتقد أن تجربة «الفترة الماضية» كانت كافية وكفيلة باقتناع المجتمع «وإجماعه» بكل أطيافه على ضرورة تطبيق النظام بحزم وصرامة لفوائده المتعددة. فالناس عرفت اليوم أن ساهر «خير وبركة» وهو شرع لحماية الأرواح والممتلكات ولجعل شوارعنا أكثر مثالية وانضباطاً، ولكن ما يجعل في الحلق غصة هي تلك «المخالفات المتراكمة» على الناس, التي لو لم تكن موجودة لوجدت أن السواد الأعظم من الناس يتفهم حقيقة ساهر ويدافع عنه، ويرحب به, ويعتبره صديقاً أميناً، وعيناً تسهر لحماية الطريق وسالكيه. وعليه أقترح وأطالب «المسؤولين» عن نظام ساهر إلى اتخاذ «قرار شجاع» يهدف لمصلحة المواطن والنظام في ذات الوقت، وذلك بالعمل على إلغاء «مخالفات ساهر» الحالية عن جميع المخالفين أو على الأقل تخفيضها «لرسوم رمزية» لمرة واحدة فقط «وبشكل استثنائي», تمكن الناس جميعاً من تسديدها «دفعة واحدة»، وفتح صفحة جديدة مع هذا «النظام الرائع» والتفاعل معه من جديد ولتكن هذه بمثابة الحملة العملية التوعوية، وذلك لأن النظام كان حديثاً وفيه تقنية الرصد الإلكتروني في الأماكن العامة وهي ثقافة كان يجب أن نمر بمثل هذه المرحلة لنتفهمها كما يجب. وهذا لا يعني مطلقاً الاستهتار بهذا النظام أو إيجاد مبرر لمن عبث أو اعتدى على ممتلكاته أو اعتدى على أحد من العاملين فيه، فيجب محاسبة ومعاقبة كل معتدٍ أو عابث، ولكنها فرصة لإعادة توعية الناس وحثهم على تسديد مخالفاتهم والتعامل من جديد مع هذا النظام بروح مختلفة أكثر تفهماً وتفاؤلاً. أظن أن اتخاذ مثل هذه الخطوة الآن، ستساعد كثيراً في تحمس الناس مع النظام والالتزام به، فالكل يسعى أن يكون سجله نظيفاً خالياً من المخالفات التي تعيق إنجازه لكثير من المعاملات الحكومية المرتبطة بالمخالفات المرورية, أما وجود مخالفتين وثلاث فهي تقتل «عزيمة السائق» وخصوصاً الشباب وتجعلهم غير مبالين بمزيد من المخالفات، خصوصاً وهم «يعتقدون» أن هذه المخالفات سجلت عليهم، بترصد وتخفٍ بداية الأمر!!. مدير المشروع العميد «الخلوق» عبدالرحمن المقبل من أكثر الناس تفهماً وحباً لوطنه وإخلاصاً لمجتمعه، وهو قادر «بعون الله» على تبني مثل هذه الفكرة لتحويلها إلى مشروع قرار من الجهات المختصة يساعد كثيراً في اصطفاف الناس جميعاً خلف «ساهر»، وترك المخالفين والمستهترين وغير المبالين وحدهم، عرضة لفلاشاته الحارقة. فهل يتم شطب وإلغاء أو على الأقل تحويل المخالفات المسجلة إلى قيمة رمزية لحث السائقين على تجاوزها والالتزام بالنظام من جديد؟!! إنها «دعوة صادقة» لمصالحة «ساهر» وجعله أقرب إلى قلوب الناس.. والله من وراء القصد. وعلى دروب الخير نلتقي.