استنكر وكيل وزارة العدل الشيخ عبدالله بن محمد اليحيى ما قامت به الفئة الباغية من تفجير وترويع للآمنين. وقال في حديث ل «الرياض» بألم بالغ وتأثر شديد ساءني كما ساء غيري من المخلصين الغيورين على دينهم وأمتهم وبلادهم الطاهرة بلاد الحرمين الشريفين ما قامت به الفئة الباغية من تفجير آثم ومحاولة يائسة لاستهداف آمن هذه البلاد ومؤسساتها وما حدث من ترويع للآمنين وتعد على دماء الناس واموالهم ولا شك ان هذه الاعمال المنكرة مما يجب بيان الحق واقامة الحجة على مرتكبيها والتحذير من شرور هذه الاعمال وعواقبها الخطيرة على دينهم وأمتهم وبلادهم وان ما يمر به العالم من بروز ظاهرة الارهاب والعنف والتي اصبحت تشكل قضية مهمة كل يتحدث عنها من خلال منظوره وفكره وأضاف: لاشك ان العلماء وطلبة العلم مطالبون ببيان موقف الاسلام من هذه القضية المهمة بياناً شافياً حتى لا تستغل هذه الظاهرة في الحرب على الاسلام وتشريعاته والنيل من مبادئه واخلاقياته او الطعن في احكامه والاسلام بتعاليمه السمحة ومقاصده السامية براء من هذه الفرية ذلك لأنه من عند الله تعالى، والله جل وعلى أحكم وأعلم بمصالح عباده يقول تعالى في القرآن الكريم: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} الآية. قال الشيخ اليحيى ان المتأمل في مقاصد الاسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة يقف على سمو أحكامه وسماحة تشريعاته حيث جاء صالحاً لكل زمان ومكان كاملاً وشاملاً لكل مناحي الحياة يقول تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} الآية. هذا الدين الذي جاء مبنياً على السماحة واليسر فلا حرج فيه ولا مشقة ولا عنت: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} والحرج ليس من مقاصد الشرع واليسر من مقاصده كما قررت ذلك نصوص القرآن والسنة حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) ومن المعلوم ان من حكمة مبعث النبي صلى الله عليه وسلم رفع الاصار والاغلال الواقعة بالأمم من قبلنا كما أخبر الله تعالى في القرآن الكريم: {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} الآية. وأضاف وكيل وزارة العدل ان الاسلام جاء بالوسطية والاعتدال بعيداً عن الغلو والتفريط فهو دين الوسطية والاعتدال يقول الامام ابن القيم رحمه الله: (ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان اما الى تفريط واضاعة واما الى افراط وغلو ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه) ومن الامور التي نحتاج الى التذكير بها في هذا المقام عناية الاسلام بحفظ حقوق الانسان وكرامته حيث كرمه الله تعالى على غيره من المخلوقات: {ولقد كرمنا بني آدم} الآية. واعتنى الاسلام في احكامه وتشريعاته بحفظ حقوق الانسان ومن ذلك الضرورات الخمس وهذا مقصد من مقاصد هذا الدين حيث جاء الاسلام بالتأكيد على حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ذلك لأنها مقومات الحياة ولا يمكن ان يتصور بحال من الاحوال ان ديناً يحرم القتل العمد وازهاق الانفس المعصومة من غير حق ويرتب على من يرتكب ذلك العقاب في الدنيا والآخرة كما ان ديننا يحرم الخبائث وما يزيل العقل ويصون العرض والمال لا يمكن أن يتصور انه دين ارهاب ووحشية وعنف ولكنه الجهل بدين الاسلام الحق.. وأضاف الشيخ اليحيى قائلاً: ان دين الاسلام يدعو للاجتماع والالفة ويحرم مفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة لولي الامر ويعتبر ذلك من كبائر الذنوب كما في الحديث الصحيح: (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية) ونذكر بهذه المقاصد السامية والاخلاق العالية لهذا الدين القيم وهي تناقض منهج الغلو والتكفير ذلكم المنهج المنحرف عن الصراط المستقيم لأن الاخلال بالأمن والاعتداء على الانفس المعصومة والخروج على ولاة المسلمين وحمل السلاح هو تفريق للصف واحداث للفتنة واداة من ادوات الاعداء في محاربة الاسلام واهله فهل يرضى اولئك القوم ممن وقعوا في حبائل هذا الفكر المنحرف ان يكونوا خنجراً يطعن به مهد الاسلام ومنبع نوره وان يكونوا لقمة سائغة للعدو في تفريق الكلمة وحرب الاسلام.واستطرد قائلاً: مما تقدم يتبين الحق من الباطل والبون الشاسع بين الاسلام الحق بسماحته ويسره وحسن مقاصده وشمائل اخلاقه وبين فكر ارهابي منحرف. واضاف ان مما يحسن الاهتمام الوقوف على اسباب انتشار هذا الفكر والعمل على وقاية الامة والمجتمعات الاسلامية من مخاطره والحذر من الربط بين هذا الفكر المنحرف واحكام الشريعة المطهرة والالتزام بدين الله والعمل على تربية الاجيال على فهم الاعتدال والوسط وايجاد المحاضن التربوية الصالحة التي تقوم على سلامة المنهج مع حفظ اوقات الشباب من الوقوع في الافراط او التفريط والضياع وبيان اهمية الفقه في دين الله وخطر التعالم والجهل بأحكام الاسلام ذلك لأن الجهل والظلم للعباد طامتان عظيمتان ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (طريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم فيبتدعون بدعة مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجماع الصحابة ويكفرون من خالفهم في بدعتهم). ولاشك ان حداثة الانسان وقلة التجربة في الحياة وعدم النضج من أهم الاسباب التي توجد عواطف بلا علم وحكمة وخاصة في ظل ما يلاحظ بكل اسف من توظيف بعض القضايا الدولية المعاصرة لأغراضهم وتصوراتهم وتبرير افعالهم الشنيعة من سفك الدماء وقتل الابرياء وترويع الآمنين والافساد في الارض واهلاك الحرث والنسل ومن امثلة هذه المسلمات قضايا الولاء والبراء ومفهوم الجهاد وحقوق الولاة وغيرها. ودعا الشيخ عبدالله اليحيى كل من وقع في فتنة التكفير والغلو والارهاب ان يتقي الله في نفسه وفي دينه وامته وان لا ينسب للإسلام ما ليس منه وان يبحث عن الحق فالحق ضالة المسلم بعيداً عن التعصب والهوى فإن اسرع الناس ردة اهل الاهواء عياذاً بالله ومن قرأ التاريخ تبين له ان من اسباب انحراف الخوارج واعتدادهم بأهوائهم في مقابل النصوص واعتدادهم بأنفسهم في مقابل اهل العلم وفي عصرنا الحاضر يعد الاعراض عن العلماء الربانيين والاعتداد بالذوات من اعظم اسباب الانحراف.