يعود مارك دينيس غونزاليز الى جنوب افريقيا بعد ان تركها قبل 15 عاما عندما يخوض مع منتخب بلاده تشيلي نهائيات مونديال 2010. يعود غونزاليز البالغ من العمر 25 عاما الى جنوب افريقيا ليجدها بلدا مختلفا تماما عن الذي عرفه حين كان يافعا لان بلد نيلسون مانديلا اصبح بلد قوس القزح ولم يعد هناك نظام الفصل العنصري الذي اختبره الطفل التشيلي مع عائلته حتى بلغ العاشرة من عمره. ولد غونزاليز في دوربان، قرب شواطىء المحيط الهندي، وهو يعود الى البلد الذي لعب فيه والده راؤول في الثمانينات بعد ان ترك تشيلي بسبب الأزمة المالية الحادة التي اختبرها البلد الاميركي الجنوبي، ليصل الى بلد يعاني من وضع اسوأ بكثير لانه كان يرضخ تحت نظام الفصل العنصري. لعب راوول غونزاليز مع موروكا سوالوز القادم من القسم الاسود من جوهانسبورغ، من بلدة الصفيح سويتو، ثم انتقل الى بوش باكس في دوربان حيث ولد نجله مارك في العاشر من يوليو 1984. كان جميع اللاعبين الذين يلعبون في موروكا سوالوز من السود باستثناء راوول غونزاليز ولاعب اجنبي اخر، وكان من الصعب على اللاعب التشيلي ان يتأقلم لانه لم يكن يجيد التحدث بالانكليزية او اي من اللغات الافريقية المعتمدة. في تلك الفترة، عاش راؤول وزوجته لورينا واولادهما في حي مخصص للبيض في فترة كان لون البشرة يحدد وجهة الشخص، طريقة عيشه، ومسكنه. لم يتواجد في الحي الذي سكنه مارك وعائلته سوى القليل من السود الذين كانوا يعملون في حدائق المنازل او كخدم، لكن هذا التمييز لم يكن متواجدا في منزل آل غونزاليز لان العائلة كانت تجتمع على مائدة الطعام مع الخدم، وهو امر غير اعتيادي في تلك الفترة. في الواقع تعلم راوول الانكليزية من الخادمة. استمتع راوول بالعيش في جنوب افريقيا رغم انها كانت معزولة دوليا في تلك الفترة بسبب سياساتها العنصرية التي تسببت ببيئة الموت والعنف التي صدمت عائلة غونزاليز. ففي احد الايام وخلال مشاهدتهم لمباراة كرة قدم على شاشة التلفزيون، رأوا حدثا فظيعا بقي عالقا في اذهانهم: "مباراة كرة قدم حيث قام رجال الامن بطعن رجل اسود. كانت صدمة كبيرة، الدماء كانت في كل ما كان"، هذا ما قالته والدة مارك في مقابلة اجرتها مؤخرا مع احدى وسائل الاعلام التشيلية. لكن الوضع تغير تماما منذ 1990 لان نظام الفصل العنصري شهد نهايته مع خروج نيلسون مانديلا من المعتقل، هذا الرجل الذي اصبح رمزا عالميا للمصالحة والغفران منذ ان خرج من سجون نظام الفصل العنصري قبل عشرين عاما في 11 فبراير 1990. وساهم الافراج عن مانديلا في 1990 بعد سجنه 27 عاما في سجن روبن ايلاند في تسريع سقوط نظام الفصل العنصري، ثم وبعد اربع سنوات اصبح اول رئيس اسود ينتخب ديموقراطيا في جنوب افريقيا. في تلك الفترة بدأ مارك يرتاد مدرسة مختلطة لاول مرة، وهو علق على هذه المسألة قائلا: "كان لدي اصدقاء من العرقين". بالنسبة لمارك كانت كرة القدم الرياضة الاهم: "مارست ايضا ألعاب القوى وبعض السباحة لكني لم العب ابدا الركبي"، وهي الرياضة التقليدية لل"بيض" في تلك الفترة. وواصل "لم ار مباراة في كرة القدم عندما كنت هناك، لكني اتذكر ان العنصرية صدمتني فعلا وكان الوضع معقدا جدا حينها". واضاف مارك الذي يحتفل بميلاده السادس والعشرين في 10 يوليو المقبل" لهذا السبب عدنا الى تشيلي"، مشيرا الى ان الامور لم تصبح افضل بكثير مع وصول الغالبية الشعبية الى سدة السلطة مع نيسلون مانديلا: "كان هناك الكثير من العنصرية من قبل السود ايضا. كنا حانقين على البيض بسبب كل ما حدث". عاد مارك وعائلته الى تشيلي عام 1994، حيث بدأ مسيرته مع يونيون سانتا ايلينا في مدينة فالبارايزو. وحين بلغ الثامنة عشرة من عمره، كان قد شق طريقه في الصفوف العمرية وصولا الى الدرجة الاولى مع يونيفرسيداد كاتوليكا في سانتياغو، لكن بعد عامين انتقل عبر البحار ليوقع عقدا مع الباسيتي الاسباني عام 2004، ثم الحق هذه المغامرة باخرى مع ريال سوسييداد ثم بيتيس. انتقل مارك بعدها الى الدوري الانكليزي الممتاز ليلعب مع ليفربول الذي سجل له هدفين في 25 مباراة بين 2005 و2007، لكن الاصابات حرمته من فرض نفسه مع "الحمر" فعاد الى بيتيس قبل ان يهبط الاخير الى الدرجة الاولى الاسبانية لينتقل العام الماضي الى سسكا موسكو الروسي. عاد غونزاليز الان الى بلد قوس القزح وسيحاول ان يترك انطباعا جيدا عند اصدقاء الطفولة، وسيتبع مشاركته في العرس الكروي الاول على الاراضي الافريقية بتقدمه بطلب الحصول على جنسية بلد نيسلون مانديلا.