المتابع الجيد للأندية في السنوات القليلة الماضية يلحظ حالة التداعي الواضحة لبعض رؤسائها أو المتنفذين فيها نحو الرئاسة العامة لرعاية الشباب للفوز بقرار تكليف أو تمديد يضمن لهم بسط نفوذهم عليها، وتكريس وصايتهم لها، وذلك تحت ذرائع مختلفة، ولذلك بات مألوفا حد الاعتيادية أن نسمع عن حصول هذا الرئيس أو ذاك على قرار تكليف ليس لمرة واحدة بل أحيانا لمرتين أو أكثر. يحدث ذلك خصوصا من جهة من لا يؤمنون بتداول كرسي الرئاسة كخيار ديموقراطي؛ وهو الخيار الذي آمنت به الرئاسة نفسها منذ أن تأسست، حيث كانت الانتخابات هي السمة البارزة في الأندية منذ عقود خلت، ولذلك فإن الراصد لتاريخ حركة الإدارات في معظم الأندية يلمس حالة التبدل في مجلس إداراتها بما فيها منصب الرئيس بين الدورة والأخرى، إلا بين أندية معينة كان القرار فيها مختطفا إما لمصلحة فرد واحد، أو لمكون معين، وغالبا ما يكون عائليا، وأحيانا غير ذلك، ولهذا السبب كانت تلك الأندية مرتهنة للتزكية بسبب شعور الناس بأن هذا النادي بات ملكا خاصا، وحتى حينما يهب البعض لتخليص النادي بالترشح لفرض خيار الانتخابات كخيار شرعي، يكون التكليف هو المنقذ لأرباب الوصاية من هذا المأزق. فإذا كان الأصل في العقود الماضية حيث الفقر في ثقافة الديموقراطية هو الانتخابات، والاستثناء هو التكليف، فكيف بنا اليوم وقد هبت رياح الوعي وانتشرت نسائم الإدراك بالحقوق، وهو ما يعني حتمية أن يكون الخيار في تنصيب رؤساء الأندية وأعضائها هو خيار مكوناتها، وتحديدا أعضاء جمعياتها العمومية، لا خيار فرد أو جملة أفراد، مهما قويت شوكتهم، أو بلغ نفوذهم. المشكلة الكبرى لا تكمن في الحصول على ورقة التكليف، والتي بات الحصول عليها أسهل من الحصول على وصفة بنادول من أحد المراكز الصحية، وإنما فيما يعقب ذلك من انشقاق بين منسوبي الأندية. ولعل الراصد للواقع في الأندية التي تدار بالتكليف يجدها رابضة بين سندان القرار ومطرقة المعارضين له؛ لاسيما وأن غالبية المتمثلين في مجلس الإدارات وفق قرارات التكليف لا يشكلون خيار المنتسبين للنادي، حتى وإن كانوا من المنتمين له، بل غالبا ما يكون وجودهم صوريا؛ حيث يؤتى بهم مفصلين على مقاس الرئيس الآتي بقرار التكليف، ولذلك لا يشعر المنتسب للنادي بأن الرابضين على كراسي الإدارة يشبهونه، فهم لا يشبهون إلا الوصي عليهم، أكان الرئيس أو متنفذا غيره. أما ثالثة الأثافي فتكمن في أن المكلفين الذين نالوا حق الاستحواذ على القرار في النادي بورقة التكليف التي تشرعن لهم الحل والربط فيه، وتقونن لهم التحكم بمصيره، باتوا بمنأى عن المحاسبة والمساءلة، وفي مأمن من أي حسيب أو رقيب، فلا ناخب له الفضل عليهم في وصولهم لسدة الإدارة، ولا برنامج انتخابي قدموه يحتم عليهم الالتزام بمقتضاه، وفي ظل ذلك تدفع الأندية فاتورة سعار الوصاية، وشهوة المناصب من تاريخها وحضورها المشرف، والراصد للمشهد الرياضي لدينا يخرج بقناعة حيال هذا الأمر، والواقع الملموس يغني عن المثال، وهو ما يحتم على أصحاب القرار في رعاية الشباب ضرورة مراجعة حساباتها، وإلا فإن القادم أسوأ.