امسك الناس بشموع وزهور بيضاء في جزيرة بوكيت التايلاندية التي تضررت من امواج المد العاتية وهم يحتضنون بعضهم ويذرفون الدموع في رمز حزين للأجواء التي اضفت الكآبة على احتفالات السنة الجديدة في مختلف انحاء العالم. وفي تناقض للصخب المعتاد خيم الحزن على احتفالات هذا العام بعد ان قتل اكثر من 124 ألف شخص وشرد ملايين اخرون بسبب امواج المحيط الهندي العاتية التي اجتاحت مناطق باسيا يوم الاحد الماضي. وقادت استراليا العالم في الوقوف دقيقة حداد على ضحايا الكارثة والغيت الحفلات وغطيت الأشجار في الشانزلزيه بباريس باللون الاسود يوم الجمعة. وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية في نيويورك وقف آلاف المحتفلين الذين ازدحم بهم تايمز سكوير لحظة صمت اثناء انتظارهم وزير الخارجية الامريكي كولن باول كي يعطي اشارة بدء اسقاط كرة كريستال تقليدية عند منتصف الليل. وقال مايكل بلومبيرج رئيس بلدية نيويورك «علينا جميعا ان ننظر في المرآة الليلة لندرك كم نحن محظوظون.» وفي جزيرة بوكيت التايلاندية اوقف العاملون والزبائن في مرقص تيجر احتفالهم لاضاءة الشموع على بعد امتار من المكان الذي ضربت فيه الأمواج شاطىء باتونغ. وعند انتصاف الليل اوقف الناس احتفالاتهم واشعلوا عيدان البخور . وسرى في جنبات المنتجع صوت اغنية ايلتون جون الحزينة «الشموع في مهب الريح.» وعلى الشاطىء الذي تناثر فيه الركام سار شخصان وحيدان قرب البحر وفي يد كل منهما شمعة مضيئة. وبعد ذلك انتهى الأمر وضج المرقص بالحياة مرة اخرى . وقال السائح البريطاني ريتشارد دي جوتال في مرقص تيجر «انه اختلاف كبير دون شك . العمل هنا كالمعتاد وعلى بعد 100 ياردة يرقد الموت والدمار .» واقامت سيدني التي كانت اول مدينة كبيرة تبدأ الاحتفالات بقدوم العام الجديد عرضها المعتاد للالعاب النارية ليلة رأس السنة الجديدة ولكن تم حث ما يقدر بنحو مليون شخص تدفقوا على ساحل الميناء بتذكر قتلى الكارثة. وطلب من سكان سيدني الوقوف دقيقة حداد على ضحايا الطوفان . ووقف ايضا المحتفلون في ملبورن ونيوزيلندا المجاورة دقيقة حداد على القتلى. وقال متحدث باسم رئيس بلدية سيدني» هذا يعطي فرصة للاباء والامهات تساعدهم على ان يشرحوا ما حدث لأولادهم.» وعند انتصاف الليل انطلقت المشاعل الضوئية الملونة لتنير هاربور بريدج بسيدني في الوان متعددة . وفي مختلف انحاء العالم الغيت خطط الاحتفال او قلصت . ففي سريلانكا حيث قتل اكثر من 28500 شخص الغت الرئيسة تشاندريكا بندرانيكا كوماراتونجا كل احتفالات السنة الجديدة واعلنت حالة الحداد العام. والغت تايلاند الاحتفالات العلنية حدادا على 4500 شخص قتلوا في الكارثة ومنعت ماليزيا الاحتفالات الرسمية. وفي سنغافورة دعا رئيس الوزراء لي هسين لونج إلى احتفالات صامتة والغي عرض الألعاب النارية في منطقة خليج مارينا . وفي هونغ كونغ حيث يعتاد السكان الساخطون على الاحتفال بالعطلات العامة بتنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة قررت الأحزاب السياسية من مختلف الاطياف تأجيل مسيرة رأس السنة الجديدة واعتزمت بدلاً من ذلك جمع تبرعات لضحايا الكارثة. والقت الكارثة الآسيوية بظل طويل على احتفالات العالم بالسنة الجديدة ولاسيما في اوروبا. وشكل الاوروبيون غالبية السائحين الاجانب الذين اعلن مقتلهم في الكارثة وعددهم 2200 شخص بالاضافة إلى سبعة آلاف مفقود. وتعتزم السويد والنرويج وفنلندا والمانيا تنكيس الاعلام مع بداية 2005 كلفتة احترام لقتلاها ومفقوديها الذين غادروا شتاء اوروبا البارد والمظلم للاستمتاع باشعة شمس آسيا ورمالها الذهبية. ودعا رئيس الوزراء السويدي جوران بيرسون إلى التضامن العام وسط احتفالات صامتة بالعام الجديد بعد الطوفان المدمر الذي ربما يكون قتل اكثر من ألف سويدي. وقال بيرسون لحشد ضم عدة آلاف في متنزه بوسط ستوكهولم يعد مكانا تقليديا للاحتفالات العامة بكافة اشكالها «بوسعنا الترحيب بالعام الجديد.. وفي نفس الوقت نفكر في كل المفقودين.» ووضعت باريس اشرطة حداد سوداء على الأشجار التي تزين الشانزلزيه حداداً على الضحايا.ويتجمع عادة آلاف الباريسيين في الجادة التي تحفها الأشجار من الجانبين في قلب العاصمة الفرنسية ليلة رأس السنة. والغت اسطنبول التي لا يزال عالقا في ذهنها الزلزال الضخم الذي هز شمال غرب تركيا في عام 1999 وأودى بحياة اكثر من 18 ألف شخص حفلا موسيقيا وعرضا للالعاب النارية في وسط المدينة. والغى عدد من المدن الايطالية خطط اقامة حفلات ضخمة في ليلة رأس السنة الجديدة وقررت بدلا من ذلك ارسال الاموال المدخرة إلى الجمعيات الخيرية التي تساعد ضحايا الكارثة. وبالقرب من بوابة براندنبرغ ببرلين حيث تجمع مليون شخص في ليلة رأس السنة نكست الاعلام . وفقد نحو ألف الماني بعد هذه الكارثة. وحثت المانيا المحتفلين بالسنة الجديدة بالتبرع ببعض المبالغ التي كانوا سينفقونها على الألعاب النارية والتي تبلغ نحو 100 مليون يورو(136 مليون دولار). وهي دعوة تكررت في كل انحاء اوروبا. إلى ذلك ,أهدى قائد فرقة أوركسترا السيمفوني في برلين البريطاني سيمون راتل الحفل التقليدي الذي تقدمه الفرقة مع بداية كل عام جديد والذي قدمته ليلة يوم الجمعة إلى ضحايا كارثة الأمواج العاتية الذي ضربت آسيا. وأعلنت الفرقة أن أعضاءها سيتبرعون بمبلغ 50 ألف يورو لاعمال الاغاثة الخيرية كما حثت رواد الحفل ومن يشاهده في بث حي على شاشة التليفزيون الألماني على تقديم المساعدة التي يستطيعون تقديمها. وقال راتل في تعليق مقتضب بالالمانية خلال الحفل «بينما نحتفل بالعام الجديد نفكر أيضا في ضحايا الزلزال العنيف الذي أودى بحياة العديد من الاشخاص. وكالعادة ضربت هذه الكارثة أفقرفقراء العالم. نبدي تعاطفنا التام مع الضحايا وعائلاتهم». ورد قائد الفرقة على تصفيق الناس على ما قاله «أرجوكم أن تنضموا لحملة التبرعات التي نجريها». وعزفت في هذا الحفل أعمال موسيقية للموسيقار لودفيج فان بيتهوفن وكارل أورف ولاقى أداء راتل وباقي عازفي الالات الصوتية والموسيقية في الفرقة تصفيقا حادا. ومن جهة اخرى قالت شركات الألعاب النارية الايطالية انها تضررت بعد ان الغت يوم الجمعة عشرات المدن عروض الألعاب النارية التي كانت تقيمها سنويا مع بداية السنة الجديدة احتراما لاولئك الذين لاقوا حتفهم في موجة المد في المحيط الهندي. وقال روموالدو ريمو بارينتي رئيس رابطة تجارة الألعاب النارية الايطالية (بيريكو) لوكالة (انسا) للانباء «لماذا يتعين التضحية بشركات الألعاب النارية فقط على مذبح النفاق.» والغت روما شأنها شأن مدن اخرى في ايطاليا وفي مختلف انحاء العالم عروض الألعاب النارية التي جرى العرف ان تدوي في العام الجديد مفضلة تخفيف الاحتفالات والوقوف دقيقةً حداداً على اكثر من 124 ألف شخص قتلوا في هذه الكارثة. واضاف بارينتي ان شركات الألعاب النارية تحقق مابين 30 و 40 في المئة من دخلها في الاحتفالات بالعام الجديد وربما تواجه مشكلة حقيقية اذا لم تدفع مجالس المدن مقابل الخدمات التي حجزتها بالفعل. وقال بارنيتي «الفاجعة التي اصابت جنوب شرق آسيا اصبحت فاجعة لقطاع الألعاب النارية.» وتابع قائلا انه بينما تشاطر شركات الألعاب النارية مشاعر التعاطف بشأن الكارثة فإنه من الجور ومن غير الملائم الغاء عروضها.