قال المهندس ضيف الله عايش العتيبي أمين المنطقة الشرقية، في حلقة نقاش (تجارب المدن في المحافظة على التراث العمراني) التي ترأسها صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية على هامش مؤتمر التراث العمراني «إن المنطقة الشرقية قد شهدت هدما لمباني التراث العمراني من دون قصد، ويجري العمل حاليا على استعادة تراث مدن المنطقة وتعزيز هويتها المعمارية. وأضاف «كانت الشرقية موطنا للعديد من الأقوام والحضارات على مر التاريخ ومن الأمثلة القائمة: منطقة ثاج قرب القرية العليا وجاوان في صفوى وتاروت الإحساء والقلعة بالقطيف وبرج الطوية بالجبيل وتشكلت عبر الزمن هوية عمرانية ونمطا معماريا تميزت به المنطقة الشرقية حتى وقت قريب. وبين أن مدينة الدمام وقبل أكثر من مئة عام استمدت هويتها العمرانية ونمطها المعماري من المناطق المحيطة بها في الإحساء والقطيف ودول الخليج المجاورة، ولكن عدت العاصفة الخرسانية على هذا التراث الزاخر فلم يعد له وجود اليوم إلا بالأحافير والتنقيب. وأوضح العتيبي، انه وبعد اكتشاف النفط في المنطقة وبدء التحولات في أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسكنية وما تتطلبه تلك المرحلة من إيجاد أعداد كبيرة من المساكن والمباني التي يصعب إنتاجها بالطرائق التقليدية المتبعة آنذاك تم اللجوء إلى الأساليب الحديثة في نوعية البناء الخرساني، الذي ساهم في فقدان الهوية العمرانية ودخول مواد وتقنيات وطرز جديدة في البناء، كما أسهم في ارتفاع تكاليف البناء التقليدي وبطء التنفيذ وعدم توافر المواد المستخدمة واختفاء حرفيي البناء التقليدي ودخول العمالة الوافدة التي لا تتقن هذا النوع من البناء في تفاقم المشكلة واكتمال فصول الاغتيال لتراثنا العمراني. ثم يدلي المهندس ضيف الله العتيبي ومن موقعه في أمانة المنطقة الشرقية بالاعتراف الشجاع: نحن في القطاع البلدي في الوقت الذي أسهمنا في بالتنمية بفاعلية لكننا - بدون قصد - أسهمنا كذلك في إهمال بعض التراث المعماري من خلال نزع الملكيات لفتح الشوارع وتوسعة الطرقات وإنشاء الساحات والحدائق حتى لم يتبق من ذلك التراث إلا الشيء القليل.. وحين هدأت العاصفة صحونا فلم نجد إلا بقايا قليلة من تراثنا وصورا متناثرة نتحسر عليها. يضيف المهندس ضيف الله: لقد سارعت الأمانة وهي الجهة التي تعنى بالتنمية والتطوير وهوية المدينة وإيمانا منها بمكانة التراث العمراني وأهميته الاقتصادية والثقافية، إلى وضع خطة استراتيجية تستعيد وتبرز تراث مدن المنطقة وتعزيز هويتها العمرانية، وتضمنت الخطة الإستراتيجية للأمانة أهداف الحفاظ على التراث العمراني وتأصيل الهوية المعمارية التراثية. غير أن المهمة ليست سهلة، بل ثمة عقبات وتحديات ؛ لأن إعادة إحياء تراث عمراني تمت إزالته أصعب بكثير من الحفاظ على مبان تراثية قائمة، ويقول العتيبي «أننا نعمل على دراسات استشارية في النمط المعماري وكان من أهدافها تحسين البيئة العمرانية في المنطقة المركزية بالدمام واعادة تأهيلها. وإيجاد طراز معماري يتلاءم مع هوية المنطقة التاريخية ويحافظ على إرثها المعماري، ووضع معايير واشتراطات لتصميم المباني الجديدة وصيانة المباني القديمة واعادة تأهيلها. وقد توصلت الدراسة إلى حقيقة مفادها اضمحلال الهوية العمرانية وزحف العمالة الوافدة للمناطق ذات القيمة التراثية وضعف وعي الملاك والمستثمرين، ولذا تبنت الأمانة برنامج المحافظة على التراث من خلال استعمال عناصر العمارة التقليدية، وزودت المكاتب الهندسية بمعايير واشتراطات للاسترشاد بها وتطبيقها.