استعادت واشنطن زمام المبادرة في الجدل الدائر حول الملف النووي الايراني باعلانها الثلاثاء اتفاقا بين القوى العظمى لفرض عقوبات جديدة على طهران غداة مبادرة تركية برازيلية بدت وكأنها تعيد خلط الاوراق، وفي الوقت الذي قالت فيه ايران امس انها تنتظر ردا "سريعا" من الدول الكبرى على عرضها لتبادل اليورانيوم بالوقود النووي في تركيا، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امام مجلس الشيوخ "عملنا بشكل وثيق مع شركائنا في مجموعة الست على مشروع قرار جديد لفرض عقوبات على ايران، ويسعدني ان اقول اليوم اننا توصلنا الى اتفاق على مشروع (قرار) متشدد بالتعاون مع روسيا والصين". وشددت على ان مشروع القرار الجديد الذي رفع على الفور الى مجلس الامن الدولي، "هو افضل رد يمكن ان نقدمه على الجهود التي بذلت في طهران خلال الايام الاخيرة" واصفة الاتفاق الذي وقعته ايران وتركيا والبرازيل الاثنين بانه محاولة ل "تخفيف الضغط". ويفترض ان يطرح مشروع القرار على مجلس الامن الدولي في جلسته التي ستعقد في الساعات الاولى من صباح اليوم الاربعاء بتوقيت المملكة. ويعتبر الهجوم الاميركي المضاد موقفا جديدا في اختبار القوة الدبلوماسي بين المجتمع الدولي وايران، غداة التوقيع على اتفاق في طهران بدا وكأنه اوقف دينامية فرض عقوبات جديدة على الجمهورية الاسلامية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست امس ان ايران ستبلغ خلال هذا الاسبوع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعرضها الذي يقدم بضمانة من تركيا والبرازيل. واشار مهمانبرست خلال مؤتمره الصحافي الاسبوعي الى ان الاعلان المشترك من عشر نقاط الذي وقع الاثنين بين ايران والبرازيل وتركيا في شأن هذا الاقتراح "يلحظ ان نبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن مهلة اسبوع: سنقوم بهذا الامر خطيا عبر القنوات التقليدية". واضاف "ننتظر ان يبدي اعضاء مجموعة فيينا (الولاياتالمتحدةوفرنساوروسيا والوكالة الذرية) سريعا استعدادهم" للقيام بالتبادل الذي تقترحه طهران. وطالبت وكالة الطاقة الذرية بتأكيد خطي من ايران لهذا العرض الذي ينص على ان تتم في تركيا مبادلة 1200 كلغ من اليورانيوم الايراني الضعيف التخصيب بنسبة 3,5 في المئة ب 120 كلغ من الوقود المخصب بنسبة عشرين في المئة تؤمنه الدول الكبرى لاستخدامه في مفاعل طهران للابحاث. وبدأ مجلس الأمن الدولي بضغط من الولاياتالمتحدة والاوروبيين مناقشة عقوبات جديدة على طهران للاشتباه بسعيها لامتلاك السلاح النووي رغم نفيها الأمر مرارا. وقال مهمانبرست ان "الاتفاق الذي سيجري توقيعه بين ايران ومجموعة فيينا، في حال تم ذلك، سيمهد لتعاون نووي أوسع وسيبدل المناخ" بين ايران والدول الكبرى. وأضاف "في مناخ من التعاون، ينبغي وضع الخطوات غير البناءة وقضية العقوبات جانبا للسماح بتعاون اكبر". وأبدى رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني تأييده للعرض، وقال "ينبغي ان تتقارب مواقف الجميع وان يسلك البلد بصوت واحد هذا الطريق العادل". من جانبه أكد رئيس لجنه العلاقات الخارجيه في البرلمان الايراني حسين ابراهيمي امس بان الاتفاق الذي أبرمته ايران حول مبادله الوقود النووي فوق الاراضي التركية حال دون اعتماد قرار أممي جديد ضد ايران بسبب برنامجها النووي. ورحبت جميع الصحف تقريبا بالاتفاق وعنونت صحيفة "ايران" الحكومية ان "الولاياتالمتحدة خسرت اللعبة". وعنونت صحيفة "كيهان" المحافظة المتشددة ان "قوة ايران وذكاءها يتجليان في اتفاق طهران الثلاثي"، مؤكدة ان طهران ستخرج "منتصرة" في مطلق الأحوال. وصدر الصوت الوحيد المخالف عن صحيفة "جمهوري إسلامي" المحافظة التي اعتبرت ان "الاتفاق ليس انتصارا بل تراجعا امام الغربيين ولم يكن ينبغي بايران ان تنخرط فيه". وفي اسطنبول دعا وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الأسرة الدولية الى التخلي عن تبني عقوبات جديدة ضد ايران بعد التوقيع على الاتفاق. وقال داود اوغلو، احد الموقعين الثلاثة على الاتفاق مع نظيريه الايراني والبرازيلي انه "بالاتفاق الذي تم التوصل اليه امس تم تجاوز عتبة نفسية مهمة على طريق تبادل الثقة". واضاف ان "العقوبات والمحادثات حول العقوبات ستوتر الأجواء والتصعيد في التصريحات قد يستفز الرأي العام الايراني". كلينتون تدلي بشهادتها حول الأسلحة الهجومية الاستراتيجية خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب) من جانبه دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء في مدريد "المجتمع الدولي الى دعم الاتفاق. وقال اردوغان في مؤتمر صحافي على هامش قمة الاتحاد الاوروبي واميركا اللاتينية "ادعو المجتمع الدولي الى دعم البيان الختامي (للدول الثلاث) باسم السلام العالمي". واضاف اردوغان "علينا الكف عن التحدث عن عقوبات" ضد ايران بعد هذا الاتفاق. وقال "امامنا فرصة حيوية، فرصة فريدة، واعتقد ان علينا اغتنامها". واعتبر ان هذا الاتفاق هو "افضل ضمانة تتوافر لدينا حتى الان". وقال "للاسف لا يزال هناك ارتياب.. وهذا واضح من خلال البيانات التي قرأناها امس (الاثنين) ولا تزال هناك دعوات لتشديد العقوبات على ايران". (فرنسا : خطوة ايجابية) وعلى صعيد ردود الفعل الخارجية اعتبرت الرئاسة الفرنسي في بيان الثلاثاء ان اقتراح تبادل اليورانيوم الايراني في تركيا يشكل "خطوة ايجابية"، لكنها شددت على ضرورة ان يترافق في شكل منطقي مع وقف ايران لعمليات التخصيب بنسبة عشرين في المئة. من جانبها اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية ان العرض الذي قدم في تشرين الاول/اكتوبر الماضي الى طهران بتحويل كمية ال 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب التي تملكها الى قضبان وقود نووي، الذي تضمنه جزئيا الاتفاق البرازيلي التركي الايراني يمكن ان يجرى تحديثه. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو "ينبغي التفكير في ذلك" ردا على سؤال خلال لقاء مع الصحافيين عما اذا كان يمكن تحديث هذه الكمية مع استمرار ايران في زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب. واوضح ان هذا التحديث "يندرج على الارجح في اطار الاشياء التي ينبغي تحديثها، لانه وبينما نناقش كل هذه القضايا فان اجهزة الطرد المركزي (الايرانية لتخصيب اليورانيوم) تواصل العمل "مضيفا" اذا وافقت ايران في النهاية على العرض الذي قدمته لها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الاول/اكتوبر الماضي فقد يتعين معرفة الكمية التي نتحدث عنها". وتابع "ننتظر رد ايران، واليوم الذي قد سترد فيه قد يتعين طرح اسئلة اخرى". الى ذلك اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء ان الاتفاق يمكن ان يحقق "تقدما ايجابيا"، في حال ترافق مع "تعاون اوسع" من قبل طهران مع المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي تل ابيب اعتبر الوزراء الرئيسيون في الحكومة الاسرائيلية الذين بحثوا الثلاثاء الاتفاق النووي الموقع بين ايران وتركيا والبرازيل ان هذا الاتفاق "خدعة"، بحسب ما افاد مسؤول اسرائيلي. وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه ان "الحكومة المصغرة (سبعة وزراء) اجتمعت الثلاثاء في مقر رئاسة المجلس في القدس"، من دون ان يكشف اي تفاصيل. وتابع "اطلعوا بشكل موجز على الاتفاق الذي ابرمته ايران مع تركيا واتفقوا بالاجماع على اعتباره خدعة". ولم يسفر الاجتماع عن اي بيان رسمي. البرازيل تطلب الانضمام لمجموعة الست اعلن مستشار للرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الثلاثاء في مدريد ان بلاده تامل بالانضمام مع تركيا الى المفاوضات التي تقو بها مجموعة الدول الكبرى الست التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى المانيا في شان الملف النووي الايراني. وقال ماركو اوريليو غارسيا مستشار الرئيس البرازيلي للصحافيين ان "من الطبيعي ومن المستحسن" ان تتمكن البرازيل وتركيا من المشاركة في مفاوضات الدول الكبرى بعدما توافقت مع طهران الاثنين على اقتراح بمبادلة الوقود النووي في تركيا. وفي بكين قال الناطق باسم الخارجية الصينية ما تشاوتشو "ندعم هذا الاتفاق ونعلق عليه اهمية" مضيفا "نأمل في ان يساهم ذلك في تشجيع حل سلمي للمسألة النووية الايرانية".