لا شك أن الأمن هو المحك الأول والأهم في ميزان الدول والمجتمعات، فهو البُعد الاستراتيجي لأي دولة، ولا تقوم المجتمعات ولا تنمو دون نعمة الأمن. والدول مهما بلغت من نعمة التقنية إذا لم يصاحب ذلك أمن في الوطن فلا قيمة لذلك المجتمع ولا تلك التقنية. كثير من الدول حول العالم التي تمتلك الثروات الهائلة، ولكن وبسبب ضياع نعمة الأمن أصبحت في فوضى عارمة لا مكان فيها للإنسان المسالم ولا بقاء فيها للحياة.. فتنقلب الحياة إلى معاناة والتنمية إلى دمار وفوضى بسبب فقدانه. للأسف لا يعرف البعض ولا يقدر آخرون ويحاول الحاقدون إغفال الصورة المشرقة التي يعيشها وطننا من أمن وأمان وهدوء وسكينة، وهذا بلا شك روح للتنمية المستدامة والواجب توفرها للرقي بالوطن. إن أهمية عدد من القطاعات الحيوية في أي مجتمع كان كقطاع التربية والتعليم أو الصحة أو الاتصالات أو الطرق أو الاقتصاد وغيرها، ما كان لأي من هذه القطاعات أن تعمل ولا أن تنتج إلا بوجود العنصر الأمني المنظم لحياة الإنسان وعلاقاته بالآخرين. فلن ينهار مجتمع من المجتمعات فقد التعليم أو فقد الطرق أو الصحة أو غيرها، لأنه سيعوضه بطريقة أو بأخرى، ولكن الفقيدة والمصيبة العظمى هي فقد عنصر الأمن والاستقرار، حيث إن هذا العنصر هو المحك لباقي العناصر، فبدون الأمن لن يكون هناك تعليم ولا صحة ولا طرق ولا اقتصاد، وهذا مشاهد وواضح في عدد من المجتمعات التي فقدت الأمن والاستقرار. وهذا يدلنا بوضوح على أهمية واستراتيجية الأمن، وهو يتمثل في مجتمعنا السعودي بصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، فهو مهندس ومصمم الأمن في مجتمعنا، وهو العين الساهرة فعلاً على تطبيق هذا المبدأ الحيوي الهام الذي لا تنمو الحياة البشرية بفقده. فقد مارس الأمير نايف بن عبدالعزيز الأمن منذ نعومة أظافره، حيث عينه والده الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وكيلاً لأمير الرياض في 17/6/1371ه، ثم عُين أميراً للرياض في 3/4/1372ه ثم انتقل إلى وزارة الداخلية في 29/3/1390ه ليكون نائباً للوزير وفي 17/9/1394ه عين نائباً لوزير الداخلية بمرتبة وزير، ثم صدر أمر سام في 17/3/1395ه بتعيين سموه وزير دولة للشؤون الداخلية، وفي 8/10/1395ه عُين سموه وزيراً للداخلية ومازال، اضافة إلى توليه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حينما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - قراره بذلك لما عُرف عن سموه من حكمة وعلم وخبرة خاصة في المجال الأمني والذي هو المحك الرئيسي ومربط الفرس لأي مجتمع. فاختيار سموه حاز على ثقة خادم الحرمين الشريفين من جهة، وذو دلالة يندرج في سلسلة القرارات والخطوات الاستراتيجية البالغة الأهمية للوطن من جهة أخرى. لاشك أن أكثر من أربعين عاماً في العمل الأمني بين إمارة الرياض ووزارة الداخلية لكفيلة بصقل شخصية الأمير نايف الأمنية حتى أصبح الأمن هاجسه الأول، وهذا الأمن الذي يمثله نايف بن عبدالعزيز يعيشه كل مواطن ومقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة. إن المسؤوليات العظيمة التي يشرف عليها سموه لم تثنه عن النجاحات الكبيرة التي حققها في موضوعي الأمن والتنمية.. ذلك أن سموه الكريم هو المرجع لجميع قطاعات الوزارة المقاربة لأحد عشر قطاعاً، إضافة إلى أنه المرجع أيضاً لجميع أمراء المناطق، وإمارات المناطق بمجالسها، ومحافظاتها البالغة 105 محافظات ومراكزها البالغة 1360 مركزاً تقريباً وكذلك ديوان وزارة الداخلية المشتملة على وكالات مهمة مثل وكالة الوزارة لشؤون المناطق ووكالة الأحوال المدنية، والحقوق، والإدارات العامة للوافدين، والحاسب الآلي والشؤون المالية والإدارية وغيرها من الإدارات المهمة وقبل ذلك وبعده وكالة الوزارة للشؤون الأمنية ذات المستويات العظيمة تجاه أمن البلاد. لقد نجح الأمير نايف بن عبدالعزيز في تغيير المفهوم المعروف دولياً عن وزارة الداخلية، لأن هذا الاسم يعطي انطباعاً بأنها للمحاسبة والمراقبة والعقاب، ولكن سموه حولها إلى وزارة (صديقة) للمواطن، بل إنها من أكثر الوزارات قرباً والتصاقاً به. فلم يغفل سموه عن المهام الأساسية لوزارة الداخلية، وأولها الأمن الوطني وتحقيقه والثبات عليه، إضافة إلى خدمة مناطق المملكة، إذ إن وزارة الداخلية تعتبر بمثابة إدارة لإمارات المناطق من خلال تبعية إمارات المناطق لها، وإشرافها على تنفيذ خطط التنمية المستدامة المتعلقة بها. فسمو الأمير نايف بن عبدالعزيز له آراؤه ومواقفه الواضحة والبينة، فالكل يذكر أنه أول من دعا إلى مقاومة الفكر المتطرف في أواخر التسعينات الهجرية، ودعا دول العالم إلى ضرورة السير في هذا الاتجاه، إلى أن اكتشف العالم صدق دعوته ومنطقيتها عندما اكتوت الكثير من الدول بنار الإرهاب والفكر الضال، ولم يتوقف عن ذلك، بل بدأ يقود خطة شاملة وواسعة داخلياً في محاربة هذا الفكر ليس بالضرب بيد من حديد فحسب بل سلك مسلكاً آخر موازياً للملاحقة والمتابعة، والرقابة هو طريق المناصحة الذي أثبت أيضاً نجاحه حتى أصبح مثلاً يحتذى به في عدد من دول العالم التي طلبت تطبيق هذه الاستراتيجية السعودية في هذا الجانب. أما نايف الإنسان فله صولات وجولات فمن لا يذكر وقفاته مع أسر وأبناء شهداء الواجب في كل منطقة من مناطق المملكة، غير مساهماته الإنسانية لإغاثة الشعب الفلسطيني والمسلمين في أرجاء المعمورة. إنه شخصية قيادية فذة متعددة الجوانب، أمضى سنوات طويلة ومازال يخدم الوطن والمواطن، أرفع من أن يُعرّف، فهو مشهور ببعد النظر والحكمة، والحنكة السياسية والأمنية والإدارية واسع الاطلاع، يوجه القرار والسياسة الأمنية ويدير دفتها بحكمة وسداد رأي، فهو نموذج للقيادي البارع في تعامله مع التحديات، يهتم بكل شيء ويتحاشى الغضب، لأنه يكبح جماحه، ولا يندفع مع موجاته، متحدث بارع، يسهب ويوجز في لقائه، يعشق العلم، فتح نوافذ الابتعاث في وزارة الداخلية داخلياً وخارجياً، وخاصة القطاعات العسكرية وأسس الكليات والأكاديميات، ومدن التدريب، والمعاهد والمراكز، لدرجة أنها لا تضاهي وزارته وزارة عربية واقليمية. وأحب أن أشير إلى مفاخر وانجازات ما كان ومازال راعياً وموجهاً لها منها: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الملك فهد الأمنية، أكاديمية نايف للأمن الوطني، مدن ومعاهد ومراكز مصانع العيون الساهرة، ثم برنامج حفظ القرآن الكريم في السجون وتخفيف عقوبة السجناء الذين يحفظون القرآن كاملاً أو بعض أجزائه وتسابقهم لينالوا الأجر من الله والعفو من السجن، إضافة إلى برامج إعادة تأهيل المتهمين والمحكوم عليهم إلى الحياة السوية للاندماج في الحياة الاجتماعية، وتهيئة الظروف المناسبة. بل امتدت الرعاية إلى أسر السجناء، وهناك جائزة الأمير نايف العالمية للسنّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، وكراسي سموه لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود، ودراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتعلم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة موسكو وغيرها. كما أن الجهود الجبارة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية خلال موسم الحج والعمرة لتقديم كافة الخدمات للزوار وضيوف الرحمن حتى يؤدون مناسكهم بكل يسر وطمأنينة تكون تحت إشراف ومتابعة سموه شخصياً بصفته رئيس لجنة الحج العليا. فالأمن هاجسه فهو جسَّد حرص القيادة على الالتزام بمنهج الإسلام الذي بلاشك الفيصل في كل شأن من الشؤون في بلادنا الحبيبة. ولوجود سموه على رأس هرم الأمن تبوأت المملكة موقعاً مهماً في المعادلة الأمنية بين دول العالم، فالشعب السعودي يتذكر دائماً كلمته الشهيرة (المواطن هو رجل الأمن ورجل الأمن هو المواطن) فكل مواطن خفير، والأمن مسؤولية للجميع. فقد حباه الله المميزات الفكرية والعقلية والإنسانية والأمنية التي تحتاج إلى دراسات وبحوث وليس في هذا المقال، كونه تخرج من مدرسة المؤسس - طيب الله ثراه - ثم صقلت هذه المواهب من خلال عدد من المناصب الأمنية والقيادية وخبرة تقارب أربعين عاماً تؤكد أن هذا الأمن الذي يعيشه كل مواطن ومقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة لم يكن ليحدث لولا توفيق الله تعالى ثم جهد وجهاد ومتابعة... أجل إنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. فكان ومازال صمام أمان للوطن والمواطن. فالكل يقول امض يا وطن إلى الأمام فكلنا معك. وكلنا فداء للدين ثم المليك والوطن. * شرطة منطقة الرياض المحاضر المشارك بكلية الملك فهد الأمنية والمعهد العالي للدراسات الأمنية