طبيعة الحياة قائمة على تمايز العباد وتنوعهم واختلافهم ؛ ليبلو الله بعضهم ببعض ، فتبرز طبائعهم وتتجلى أخلاقهم ، وحين تشترك المجتمعات كل المجتمعات منذ الخلق الأول بكونها خليطاً من الثقافات المتباينة والرؤى المتنوعة والهمم المتفاوتة ؛ فإن المجتمع الذي تبرز لديه مظاهر الرحمة والألفة والمساعدة يبقى مجتمعاً رشيداً يتلألأ نوره عبر الأزمان ، ويبقى شامة بين الأمم ، ومضرب المثل بين الخلائق. والسجين ... إنسان له حاجاته ، فهو يحتاج أثناء فترة إيقافة في المؤسسة الإصلاحية إلى برامج توعوية وإرشادية وتأهيل تساعده على تحديد وسلوك الطريق الصحيح ، كما يحتاج إلى دعم ومساندة بعد الإفراج عنه من الإصلاحية ليستعيد ثقته بنفسه وتمنحه ذلك الشعور برغبة المجتمع بأن يعود فرداً نافعاً ، وبين هذا وذاك .... فكثير من الأسر تعتمد بعد الله تعالى على عائلها ( السجين ) مما يلزم معه التدخل لمساعدة الأسر ( الأم ، الأبناء ، الزوجة ) والعمل على حمايتها واحتوائها أثناء فترة غياب ولي أمرها . من هذه الحقيقة أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين اهتماماً كبيراً بهذا الجانب ، وذلك بإشهارها اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم ( تراحم )التي تقع تحت مظلتها خمس عشرة لجنة تنتشر في مناطق المملكة ، والتي تزهو اليوم برعاية صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رئيس المجلس الأعلى للسجون الأمير نايف بن عبد العزيز – حفظه الله – للملتقى الثاني للجان رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم والذي تبدأ فعالياته اليوم و تستمر مدة ثلاثة أيام بمدينة الرياض . ولجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمنطقة القصيم ( تراحم ) هي واحد من سهام الخير الذي يمنح المجتمع خدماته ، إصلاحاً ورعاية وتأهيلاً . وحين يقلب المرء ناظريه في مخرجاته ؛ تلوح له من بعيد نقاط مضيئة وضاءة تبهج نفسه ، وتفرح قلبه ، وتشرح صدره .. إنها القيام على المساكين والمعوِزين ، وإلقاء أطواق النجاة على الغارقين في لجج الحياة ، وتلكم منقبة يصطفي لها الله من يشاء من عباده ليكون عوناً للعباد ؛ يتدثرون بدثاره ، وينعمون بفضائله ، ويلتحفون بلطفه وحنانه. ويزداد ابتهاجنا وإصرارنا على مواصلة الطريق الذي ارتضيناه لأنفسنا حين تكتنفنا اللمسات الحانية الرؤومة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير المنطقة ، ومن نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز الذين غمرونا بسندهم ودعمهم ومؤازرتهم وتوجيههم الذي لا نزال نتفيأ ظلاله منذ اللحظة الأولى لإنشاء هذه اللجنة المباركة، كما كان لمتابعة معالي وزير الشؤون الاجتماعية رئيس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم الدكتور / يوسف بن أحمد العثيمين أثرها في تحقيق الأهداف. وحين يتواصل المجتمع معنا ؛ فيتفهم رسالتنا ، ويعي حقيقة نهجنا ، ويرمق أرقامنا الناطقة بجهود أعضاء اللجنة والعاملين فيها ؛ فإن ذلك يختصر علينا المسافات ، ويوفر الجهود ، ويصير المجتمع كله لحمة واحدة تتشابك فيه الأيدي ، وتتضافر فيه الجهود ، ويتدفق الدعم المادي والمعنوي ؛ ليبقى المجتمع متراحماً تهب عليه رياح السعادة والحياة الوادعة الهنيئة. ونحن في عصر الأرقام وسرعة المعلومة ؛ آثرنا أن نجعل الأرقام تتحدث عن جهود اللجنة عوضاً عن السرد الممل لنختصر للقارئ الوقت ، وتبقى راسخة في الذهن ، في الوقت الذي نرحب فيه بكل زائر يرنو المزيد من التفاصيل. ختاما أهمس في أذنك أخي المواطن أن اللجنة تعتمد في إيراداتها على الزكوات والصدقات والأوقاف فقط وهناك فتوى من سماحة المفتي العام برقم 9045/2 بجواز صرف الزكاة للجنة . * مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة القصيم رئيس لجنة ( تراحم ) بالقصيم .