أحد الأهداف المهمة لخطة التنمية التاسعة هو تعزيز التنمية البشرية، وتوسيع الخيارات المتاحة للمواطنين في اكتساب المعارف والمهارات والخبرات وتمكينهم من الانتفاع بهذه القدرات المكتسبة وتوفير مستوى لائق من الخدمات الصحية. وعندما صدرت الميزانية الأخيرة للدولة وصفت بأنها ميزانية الموارد البشرية وذلك للاهتمام الكبير الذي أولته الميزانية لهذا القطاع. وفي كل خطط الدولة الخمسية هناك تركيز على الاستثمار في الإنسان، وإذا نظرنا إلى استراتيجية المملكة في هذا المجال والتوجهات الجديدة في هذا المسار نجد كثيراً من المشاريع التي تخدم هذه الاستراتيجية مثل افتتاح الجامعات الحكومية والأهلية، ومعاهد التدريب، إضافة إلى عودة الابتعاث إلى دول مختلفة للتخصص في مجالات متنوعة. والسؤال المتكرر هو:إذا كانت أهداف الخطط واضحة والميزانيات متوفرة، والمشاريع التنموية مستمرة، ومخرجات التعليم تتدفق كل عام فلماذا ترتفع نسبة البطالة وأين فرص التوظيف التي يفترض أن توفرها المشروعات العملاقة مثل المدن الاقتصادية، وغيرها من المشاريع المنتشرة في كافة أنحاء المملكة فالظروف التنموية التي تعيشها المملكة حالياً تعد من أفضل الفرص للتوظيف والتدريب وإعادة التأهيل، وزيادة استيعاب الجامعات من التخصصات المطلوبة؟ لكن دراسة احصائية رسمية صدرت مؤخراً كشفت عن ارتفاع نسبة البطالة في المملكة لتصل إلى ما يقرب من نصف مليون. في عام 2007 قيل إن نسبة البطالة في المملكة بلغت 6.25% من اجمالي القوى العاملة حسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي. في ذلك التاريخ اشار التقرير إلى أن الأجهزة ذات العلاقة سوف تستمر في جهودها لزيادة مساهمة القوى العاملة الوطنية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وخاصة القطاعات التي تتركز فيها العمالة الأجنبية، الآن ونحن في عام 2010 تقول الأرقام إن عدد العاطلين والعاطلات في المملكة بلغ (448547) أي نسبة 10.5% من قوة العمل في المملكة. وبمقارنة هذا الرقم بدراسة سابقة أجريت عام 2008 نجد أن أرقام البطالة ارتفعت. هذا الارتفاع يعني أن الجهود المبذولة للتوظيف لا تزال بحاجة إلى تفعيل وعلى الرغم من تزايد فرص التوظيف كنتيجة للمشروعات الاقتصادية الجديدة وما تعلنه المؤسسات وآخرها إعلان المؤسسة العامة للتدريب الفني والمهني التي تقول إنها ستوفر أربعة ملايين فرصة وظيفية خلال السنوات العشر القادمة. أقول على الرغم من هذه الفرص المعلنة إلا أن أرقام البطالة ترتفع. إذاً .... أين الخلل؟ إذا كانت القضية هي قضية مخرجات التعليم فإن الصورة الآن أصبحت أكثر وضوحاً من حيث احتياجات سوق العمل والاحتياجات التدريبية وفرص التعليم، فهذا موضوع شكّل المحور الأساسي في المنتديات والندوات الخاصة بتوطين الوظائف، وهنا تبرز بعض الأسئلة: هل ينقص الأجهزة الحكومية المسؤولة عن التوظيف معلومات عن مخرجات التعليم، وعن فرص العمل؟ ألم تفتح بعض الجامعات الأهلية مجالات جديدة تتفق مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات المشاريع التنموية؟ أليس لدينا مشاريع تنموية قادرة على استيعاب توظيف الخريجين؟ نحن أمام هدف استراتيجي واضح من اهداف الخطة الخمسية وهو تعزيز التنمية البشرية، والصورة واضحة ولكن حين ننتقل إلى مرحلة التنفيذ نكتشف الحاجة الملحة إلى تفعيل التنسيق بين الأجهزة ذات العلاقة، وتفعيل عنصر المتابعة فنحن نتفق على ما تتضمنه الخطة من أهداف ولكننا نقصر في تحقيق هذه الأهداف على الرغم من أنها أهداف ذات أولوية في كل خطة خمسية. حين ننتقل من الأهداف الى آليات العمل تتضح لنا أهمية التنسيق والمتابعة ولننظر في ذلك إلى الهدف التاسع للخطة وهو تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتوسيع مجالات الاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية ومجالات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص. ألا يصب هذا الهدف في مصلحة تعزيز التنمية البشرية أي تحقيق الهدف الخامس من أهداف الخطة؟ ملاحظة أخيرة على أهداف الخطة الخمسية التاسعة، وهي أن توفير مستوى لائق من الخدمات الصحية هدف حيوي يستحق أن يكون مستقلاً وليس مجرد فقرة في الهدف الخامس.