إيران دولة وشعب كبيران، وإمكانات هائلة لبلد يستطيع أن يصل إلى التنمية بآلاف الطرق، لكنّ شبح عدو قائم، وآخر يظهر كشبح ينتقل من مكان لآخر، قاداها لأنْ تكون دولة عسكرية على حساب التنمية الوطنية، وقد يكون لكل بلد الحق في تحصين سلامته والدفاع عن شرعية وجوده من أي عدو قادم ، أو ينوي تهديده الأمني، غير أن أسلوب إيران بالمبالغة في الصواريخ عابرة القارات ، والزوارق السريعة التي تهدد أي ملاحة دولية في الخليج، والاستعداد بقفل مضيق هرمز، ثم المناورات الاستعراضية بالقوة التي لا تقهر، هي أمور جربها العرب أمام إسرائيل، وهزموا في أكثر من حرب، وهي الدولة التي لا تصل للرقم واحد في المليون من قوة أمريكا التي تريد إيران إخراجها من الخليج العربي، وتحديها في أي حرب قادمة.. نتمنى أن تكون إيران دولة إسلامية مسلّحة لغايات تخدم السلام في المنطقة لكن تصريحات مسؤوليها وبتوقيت قيام المناورة بالخليج، واعتبار كلمات المسؤول الإماراتي عن الجزر بالتصريح المتبجح والوقح أمر غير منطقي، لأن التنازع على الجزر لم يحسم وأن الاستيلاء عليها جاء في ظرف جعل إيران تحتلها بدون وجه حق ولا قانون غير أن اللهجة التي خرجت عما كانت تقوله إيران عن جوار الأشقاء والأصدقاء، أظهرت وجهاً آخر وبما يشبه التهديد للإمارات، وبصرف النظر عن رؤية كل طرف، فإيران مهما تقوّت أو قالت إنها تستعد لجولات حروب مع إسرائيل وحلفائها، ثم التظاهر بكل سلاح تنتجه، لا نجد الدول العظمى تأخذ بهذا الاتجاه، بل إن القوة العظمى في العالم التي تعمل مراكز دراساتها وبحوثها وكل ما يتعلق بإضافة مستحدث جديد في أسلحتها، يبقى نشاطها قيد الكتمان إلى أن يحين وقت المناورة بإظهار قوة السلاح الجديد، بينما في العالم الثالث كما حدث مع القيادات العربية، أو بعض الدول، نجد التظاهر بالقوة يأتي ضمن شعارات التهييج، وحتى إسرائيل التي تعد، حسب مراكز رصد تطوير الأسلحة، الدولة السادسة في العالم بعد القوتين العظميين في روسيا وأمريكا، وربما قبل دول أوروبية وآسيوية متقدمة عليها، ومع ذلك لم نرها تفاخر بتسلّحها، بل وتنكر أن لديها مخزوناً من الأسلحة النووية تزيد على المائتي رأس مدمر، وعاقبت إسرائيليين كشفوا عن ترسانتها بالحبس والمحاكمة وإصدار الأحكام القاسية عليهم.. إيران قد تخيف الدول المحيطة بها، لأن نواياها غير واضحة، ولكنها لا تستطيع قهر دول عظمى لديها كل الإمكانات التقنية، والمادية والعسكرية، ومع ذلك لا نتمنى أن تذهب إيران إلى حدود استفزاز غيرها، وتجعل الجبهة الدولية تعاقبها، أو تحدث مغامرة تؤدي إلى احتراق الجميع بحرب مدمرة، وحتى لو جاءت تقديراتها أن أمريكا في حال لا تسمح لها بإعلان الحرب ، أو أن تجرها إسرائيل لذلك، ومع أن لكل دولة خطوطاً حمراء لما تعتبره تهديداً لمصالحها أو أمنها، فإن المعالجة الدبلوماسية هي الطريق العقلاني وخاصة في ظرف أصبح القادة في كل العالم يميلون إلى تخفيف حدة التوترات والقبول بنزع أسلحة الدمار الشامل، لكن إيران، وهو أمر مؤسف، أخذت أسلوب التحدي معتمدة على تجربة كوريا الشمالية التي رغم ضآلة إمكاناتها استطاعت أن تمتلك سلاحاً مدمراً وتتحدى المجتمع الدولي، ومثل هذه الفرضية صحيحة لأن الحماية لكوريا تأتي من الصين، بينما إيران حتى لو نظرت إلى خلافات بين أعضاء مجلس الأمن فالقياس يظل خاطئاً أمام مصالحهم المشتركة..