قلت من قبل وبالتحديد بعد وصول نتانياهو وحكومته المتطرفة إلى الحكم إننا أمام قيادة أقل كفاءة وأكثر عدوانية، وكل ما تسعى إليه زراعة شر يضاف إلى ما زرعته من شرور في المنطقة. إسرائيل ليست بالدولة التي تسعى لإحلال الأمن والسلم الذي هو مطلب الدول، وإنما هي دولة زارعة للشر منذ أن قذف بها الأشرار إلينا، ولهذا نجدها مندفعة هذه الأيام إلى الملف الإيراني المعني به الكبار لتدمير المنشآت النووية لإيران لتضيف إلى شرورها شراً آخر أكثر خطراً وتدميراً، أعرف أن القدرة العسكرية لإسرائيل ستعميها ولن تجعلها تدرك حجم النتائج المدمرة في حال قيامها بهجوم مسلح على إيران، فهناك معطيات عدة لن تأخذها إسرائيل في الاعتبار منها: 1- لم تدرك إسرائيل أنها ستكون مركز التدمير من إيران في حال تعرضها لأي هجوم مسلح منها أو من أميركا، وفي كلتا الحالتين فهي الهدف المباشر لإيران كونها في حدود مرمى أسلحتها. 2- هل تستطيع إسرائيل استخدام سلاحها النووي إذا كانت رغبتها تدمير المنشآت النووية الإيرانية؟ كون أي منشآت من هذا النوع لا يمكن التعامل معها بالأسلحة التقليدية، وهنا سيكون الخطأ فادحاً والتدمير سيتجاوز الحدود. 3- يجب إدراك أهمية المنطقة الاستراتيجية وارتباطها بمصالح مع دول العالم، وأي تأثير سيدفع بدول أخرى للدخول في دائرة الصراع. هذه حقائق لم تدرك إسرائيل أبعادها، ولهذا نجدها مستمرة في الإعداد للقيام بضربة جوية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وتأكيداً لهذا بدأت القرائن الدالة تصلنا الواحدة تلو الأخرى على عزم إسرائيل توجيه ضربتها الجوية، وأهم تلك القرائن: 1- حديثاً تزودت اسرائيل بمنظومة صواريخ مضادة للصواريخ ورادارات متطورة. 2- المناورة الجوية المشتركة بين اسرائيل وأميركا التي نفذت ضد أهداف مفترضة مشابهة للمنشآت النووية الإيرانية. 3- القيام بمناورات عدة لمواجهة أي هجوم مضاد من مختلف الصواريخ بما في ذلك الكيماوية، كما أن هناك طلباً من الدول الأوروبية وموافقة بمساندتها في حال تعرضها لأي هجوم كيماوي. هذه القرائن تؤكد أن إسرائيل منذ فترة تحشد قواها للقيام بالضربة الجوية، وتأكيداً لقرب تنفيذ الضربة بدأت اسرائيل تحركاً ديبلوماسياً مكثفاً شمل أميركا والدول الأوروبية وأخيراً روسيا، ونفذت أكبر مناورة، وقد تم مناقشة هذه المناورة قبل تنفيذها في مختلف المؤسسات الإسرائيلية ولجنة الخارجية والأمن والمجلس الوزاري المصغر، واشتركت في المناورة الجبهة الداخلية ودوت صافرات الإنذار في المدن الإسرائيلية كافة ودخل المواطنون الملاجئ، وبانتهاء هذه المناورة تكون إسرائيل قد أكملت الاستعدادات كافة وكل ما بقي لتنفيذ الضربة. إسرائيل مندفعة للقيام بعمل عدواني لإيقاف النمو النووي الإيراني وكأنها أصبحت دولة عظمى ترى أنها معنية بمعالجة ما يحتاج لمعالجة في هذا العالم. المنطقة لم يعد فيها مساحة للعبث وإسرائيل دولة عابثة وما تعمل من أجله لا تدرك نتائجه ولا حجم الأخطار التي يمكن أن تحدث، ولهذا فالدول الكبرى تتقدمها الولاياتالمتحدة الأميركية معنية بالحفاظ على استقرار المنطقة ومعالجة أوضاعها بالطرق السلمية، خصوصاً الوضع الإيراني الذي أصبح مصدر التهديد. المهم، نعرف أن المنشآت النووية ذات تحصين عالٍ والتعامل معها لا يمكن بالسلاح التقليدي، وإسرائيل تعرف هذا، فهل تغريها هذه الخاصية لتجرب سلاحها النووي لتحدث كارثة قد يصل تأثيرها أبعد من حدود إيران؟ والأكثر أهمية الموقف الأميركي الحالي الذي بدأ أوباما يجسده وإعلانه أنه معني بسلام العالم، وأن يكون هذا الإعلان واضحاً في منطقة ذات أهمية استراتيجية عالمية مهددة بهذا السلاح القذر الذي تحوي المستودعات الإسرائيلية الكثير منه، وماسيتم انتاجه مستقبلاً في إيران إذا صحت التوقعات. ما يهمنا الآن ماذا تقول إيران في ما يقال حول نشاطها النووي؟ وما نأمله أن تبادر إلى رفع الحواجز عنه لتثبت توجهه للأغراض السلمية، أم يكون لها رأي آخر لتزداد الشكوك؟