"يا طاير على أطراف الدني " ، وأنت لا تطوف إلا في مدارها ، بعد أن تلاشت يداك ، وانتقل الخفقان من القلب إلى الرأس ، وأي رأس يحتمل هذه اللوعة وهذا الوله، تستنجد بلهيب الشمس ، بالجوع ، بالعطش ، بكل الصحاري التي لجأت إليها ، وأنت بلا قدمين ،ولا أذنين ، تبحث عن عينيك اللتين ما نامتا مذ تلك المهاتفة الأخيرة . تستنجد بكل النباتات والمياه والأعشاب ، ولا من مجيب. في هذه العتمة، في هذا الضياع . لا أحد إلا فيروز ، هي قبله وقبلكم جميعا أحبت فيروز .كان قبلها يسمع فيروز ، ثم اكتشفها حرفا حرفا بعد أن التقيا ، قال لها لم أكن أعرف حياة قبلك ، قبلك ما شممت عطرا ، قبلك لم أعرف كل هذه الحواس وهذه الحساسية وكانت بدورها تعلو ، تعلو ، وكأن فوق السماء سماوات .ما رآها مرة إلا وهي تسمو ، وكلما ارتفعت كتبت قصيدة لم يكن دائما أول من يراها . مرة أقسم لها أنه يسمع قصائدها قبل أن تكتبها، ومرة قالت له كنت أعرف أنك لن تحب هذا المقطع . ليس أمامه من درب مأمون سوى فيروز ، في كل أغنية يجد حبيبته ، يفكر أن يرسل لها مقطعا من إحدى الأغنيات ، " إنتا ياللي بتفهم عليه ، سلم لي عليه " مثلا ، لكنه يعرف أنها في أقصى الأعالي ، وأن رسالة مثل هذه لا تكفي للصعود إلى حيث هي الآن. يعود إلى تلك الحالة التي لاتُحتمل ، ولا أحد في غيابها إلا امرأة اسمها فيروز