أصيب مواطن مبادر وحريص على المصلحة العامة بحالة من خيبة الأمل والاستياء نتيجة مبادرته وحرصه الايجابي وتعاونه المحمود مع إدارة المياه بمدينة جدة لم يكن يتوقعها ولو كان يتوقعها لأثبط محاولته وأخمدها حيث كانت ، وما كان ليتعاون لخدمة مصلحة حكومية مهمة وحيوية في حياة الناس خاصة في مدينة مثل جدة تعاني الأمرين من نقص المياه وشح وصولها في بعض الأحياء مما يتطلب من الناس ضرورة التعاون ابتداء من الترشيد المطلوب بقدر الحاجة من المياه وكذلك الإبلاغ في حاله الإرشاد عن أي عطل و خلل في توصيلات وتهريبات المياه في الشوارع والطرقات . الرجل شاهد كميات هائلة تتسرب من احد تمديدات المياه الرئيسية في الحي وبعد سؤاله تبين له أن أحدا لم يحرك ساكنا أو يبلغ أصحاب الشأن في إدارة المياه بوضع المشكلة والتهريبات المستمرة وغير المنقطعة الناتجة عن هذا العطب في التمديدات وبالذات مع معاناة نقص المياه ومشكلات عدم وصولها في حينها .. فقام الرجل بدور المواطن المتعاون واتصل بإدارة المياه للإبلاغ عن حالة تهريب المياه الواضحة لتتمكن الإدارة من أداء دورها والقيام بمهامها بل إن المتوقع أن إدارة المياه ستسجل اسمه في لائحة الشرف تشجيعا لمبدأ تعاون المواطنين على الإبلاغ لمثل هذه الحالات والتي قد تتسبب في إهدار مياه الشرب الشحيحة في جدة في شوارع الحي طوال الليل وحتى الصباح بل وحتى مرور مراقب الإدارة ربما بعد ساعات أو في اليوم الذي يليه .. فعلا الرد وصل من مسؤول إدارة المياه حيث استقبل المواطن مكالمة للاستفسار عن البلاغ بطريقة وتقليعة جديدة كسرت جميع الأعراف والعادات فبدأت المكالمة كالتالي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المواطن:فلان بن فلان المواطن : نعم مسؤول إدارة المياه : معك برنامج من سيربح المليون .. ومن الطبيعي أن مسؤول إدارة المياه أو مراقبها أو الشخص الموكل بالرد كان يتحدث بأسلوب ساخر لفترة قصيرة جعل المواطن يصول ويجول بتفكيره هل مصدر الاتصال هو جورج قرداحي أو شخص قريب أو صديق قديم أو مَن يا ترى بدأ معه المكالمة بهذا الأسلوب الساخر والذي ينم إما عن معرفة حميمة أو قرابة شديدة تسمح بالسخرية مع شخص لا يمر بسن المراهقة أو الشباب التي تعطي نوع الصداقات تجعله يعتاد على هذا النوع من المكالمات من الأصدقاء والأقارب .. ثم أطلق المتصل ضحكة لم يستقبلها المواطن جيدا حينما أبلغه انه موظف إدارة المياه ويود الاستبصار منه عن طبيعة شكواه ومشكلته التي تتعلق بتسرب المياه لشوارع الحي ولو طال الوقت بدون تدخل سريع لطالت شوارع الحي المجاور من شدة اندفاع المياه من الخط الرئيسي . لكن مع الأسف أن المواطن على درجة من الوعي مكنته من الاتصال السريع على إدارة المياه لإبلاغهم عن مشكلة أخرى ، فمشكلة المياه قد تحل في دقائق أو ساعات لكن المشكلة الأخرى هي في طبيعة ردود وخبرة العاملين في هذه القطاعات التي قد تفتقد المهنية العالية والفهم العميق لأهمية تعاون المواطن الجاد وتقديم له الشكر على تعاونه لتشجيع الآخرين بالإبلاغ عن كل حاله هدر للمياه وما ينتج عنها من نزيف قد لا يتوقف سريعا إلا بتعاون المواطنين .. المواطن أعلن عن أسفه لمستوى التدريب والتأهيل والمهنية لعاملين أوكلت إليهم مهمة الردود على شكاوي المتصلين لمتابعتها لكونها بلاغات في صميم عمل مشرفي هذه الإدارة بل هو دورهم الرئيسي ، لان من المؤسف أن هذا المواطن خرج من هذه التجربة بعد المبادرة والتعاون والحرص باستياء شديد يدعو فعلا إلى إطلاق الضحكات كما فعلت شخصيا لكنني سرعان ما استدركت الأمر وأوضحت له جليا أن من شر البلية ما يضحك ..