جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر: الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف، الذي عقدته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قوله: «إنني أعرف أن خطر الإرهاب لا يمكن أن يزول بين يوم وليلة، وأن حربنا ضد الإرهاب ستكون مريرة وطويلة، وأن الإرهاب يزداد شراسة وعنفاً كلّما ضاق الخناق عليه.. إلا أنني واثق بالله تماماً من النتيجة النهائية، وهي انتصار قُوى المحّبة والتسامح والسلام على قوى الحقد والتطرفّ والإجرام، بعونه تعالى، إنه نعم المولى ونعم النصير. كما يكمن الخطر الحقيقي في انتشار فكر التطرف، واتساع دائرته، وتزايد أشياعه، وتحوله إلى جزء من ثقافة المجتمع، ثم محاولة فرضه بالقوة». دراسة العميد الشهري كما قدمت دراسة بعنوان: «مخاطر الإرهاب» دراسة تحليلية لآثاره الأمنية والاقتصادية، قدمها العميد أحمد بن حسن الشهري من قوات الأمن الخاصة يقول فيها: إن الإرهاب يسعى إلىٍ إحداث أكبر رعب ممكن وأكبر دمار ممكن، وإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى، لذلك كان الإرهاب جريمة لا يقرها أي دين أو عقل؛ في أيِّ عصر ومصر، وتعد نقطة البدء في التطرف من أخطر مراحله، حيث يبدأ التطرف في أي مجتمع نوعاً من المغالاة والتشدد في الأخذ بفكر من جانب بعض معتنقيه، فإذا غابت لغة الحوار الهادئ بين المجتمع وهؤلاء المتشددين تحوّل تطرفهم إلى حالة نفسية وعقلية تسمى التعصب، يبدأ بعدها هؤلاء المتعصبون بالخروج على القيم والثوابت والأطر النظامية والاجتماعية السائدة، فإذا استشعرت تلك الفئة أنها أقلية أو منبوذة اجتماعياً تحوّلت إلى مقت المجتمع بكل فئاته وطوائفه وطبقاته. والإرهاب وراؤه أيادٍ خفية، وتمويل وتحريض خارجي استهدف استخدام الأحداث وصغارالسنِّ وذوي المآرب الخاصة لأن يكونوا أدوات لتدمير أوطانهم ومجتمعاتهم، ووسائل لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، حتى تظل البلدان الإسلامية مشغولة - دائماً - بقضاياها الداخلية، بعيدة عن تحقيق التقدم والازدهار. والإسلام من سماته الرفق والعدالة والمحبة والأمن والحرية السامية، وهو دين يحارب الكبر والخروج على الحاكم ما دام قائماً بشرع الله تعالى، ويحرم الظلم والبغي والإفساد في الأرض. الإرهاب والاقتصاد وهناك العديد من مخاطر الإرهاب الاقتصادية على المجتمع الدولي ومن أهم الآثار الاقتصادية: انخفاض سعر الدولار أمام العملات الأجنبية، والتراجع الحاد في أسعار الأوراق المالية في البورصات العالمية، وفقد عدد كبير من المستثمرين ثقتهم في الاقتصاد الأمريكي، واتجاه البطالة نحو التزايد بسبب إفلاس بعض الشركات، وتقليص حجم الأعمال في البعض الآخر، فطبقا لأحدث البيانات ارتفعت البطالة في أمريكا لتسجل أعلى مستوي لها منذ أكثر من سبع سنوات، كما سبق بيان ذلك. ونظرا لارتباط التأمين بالمخاطر، فقد تعرضت شركات التأمين العالمية وشركات إعادة التأمين لضربة قوية جدا، بل تعد أقوى ضربة في تاريخ التأمين، وبخاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تعرضت لخسائر كبرى نتيجة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وما نتج عنها؛ وذلك بسبب التزامها بضرورة دفع التعويضات للشركات وجميع الجهات والأفراد الذين تأثروا بهذا الحادث، ويقدر الخبراء هذه المبالغ ما بين 30 و60 مليار دولار متمثلة في المطالبات المطلوب دفعها من قبل شركات التأمين فقط، مما دفع أقساط التأمين للارتفاع في العديد من المجالات؛ مثل التأمين على الشركات، وبالذات الشركات العاملة في مجال الطيران والنقل الجوي. ويضاف إلى ذلك تعرض هذه الشركات إلى مزيد من الخسائر في المستقبل بسبب التحول من شراء أسهم هذه الشركات بعد تأثرها إلى شراء أسهم شركات أخرى في السوق المالية. وعانت معظم دول العالم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مر بها الاقتصاد العالمي خلال العام 2001م نتيجة لاختلال الاستقرار السياسي والاقتصادي الدولي؛ فقد سجلت معدلات العجز في الميزانية العامة للعديد من الدول زيادات تفاوتت نسبتها بحسب الوضع الاقتصادي للدول خلال العام 2002م، ومن ذلك: دول الاقتصادات المتقدمة الرئيسة بلغ عجز الميزانية عام 2002م (7.3%) كنسبة من الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة بعجز بلغ (0.2%) عام 2001م. ودول الاتحاد الأوروبي بلغ عجز الميزانية عام 2002م (9.1%) كنسبة من الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة بعجز بلغ (0.1%) عام 2001م. ومنطقة اليورو بلغ عجز الميزانية عام 2002م (2.2%) كنسبة من الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة بعجز بلغ (5.1 %) عام 2001م. والاقتصادات المتقدمة بلغ عجز الميزانية عام 2002م (1.3%) كنسبة من الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة بعجز بلغ (6.1%) عام 2001م. الاقتصاد السعودي وقد تبين من دراسة حالة المملكة أن الآثار الاقتصادية على الاقتصاد السعودي جراء الإرهاب الدولي تمثلت في: انتشار المضاربات العقارية غير المجدية اقتصاديًا، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي جراء الارتباط القوي بين الاقتصاد السعودي والاقتصاد الأمريكي، وانخفاض سعر صرف الريال السعودي المرتبط فعليًا بالدولار الأمريكي، وانخفاض القيمة الحقيقية للأصول المالية السعودية في الخارج وبالذات في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إضافة إلى الأثر السلبي الكبير على القطاع الخيري بمختلف جوانبه. وكما تتأثر الدول بالإرهاب الدولي تتأثر بالإرهاب المحلي، فعندما يتحول تظهر آثاره السلبية، وتتفاوت في التأثر بها، باختلاف قدراتها وسياساتها ومؤسساتها على اتخاذ الخطوات والإجراءات المتعلقة باحتواء وتقليل آثارها السلبية، وقد تكون المملكة أحد الأمثلة الإيجابية في هذا الخصوص. وقدمت الدراسة العديد من التوصيات منها: 1 نشر مخاطر الإرهاب وآثاره بين أفراد المجتمع؛ للتوعية بمخاطر الإرهاب، ليساعد أفراد المجتمع في مواجهة هذا الخطر. 2 وقاية شباب الأمة من الفكر الضار والمتطرف، بالخطب التوعوية والأبحاث العلمية، ووسائل الإعلام. 3 وضع خطط استراتيجية بعيدة المدى وقصيرة المدى لمكافحة الإرهاب. 4 نشر ثقافة الحوار الديني وقيم الإسلام السمحة من خلال مؤتمرات دولية. 5 ضرورة المشاركة في المؤتمرات والندوات الدولية المتعلقة بدراسة الإرهاب ومخاطره وأسبابه وآثاره وانعكاساته المختلفة للوصول إلى أفضل السبل لمواجهتها. 6 العمل على إيجاد بيئات اجتماعية واقتصادية تعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على التصدي للإرهاب ومواجهة آثاره. 7 نشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نصوص الكتاب والسنة، وفق فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، والإعانة عليه، وتسهيل سبله، وإصلاح مناهج التعليم بما يتوافق مع عقيدة الأمة وثوابتها. 8 العمل على تطوير وتفعيل نظريات وتطبيقات مواجهة الإرهاب داخل مؤسسات الدولة العامة والخاصة. 9 الاجتهاد في إصلاح دين الناس الذي هو قوام حياتهم، وغاية وجودهم، ونفي كل ما يتعارض معه، أو يقدح فيه، لتطمئن النفوس، وتتحد الكلمة، ويجتمع الصف. 10 العمل الجاد وفق خطط مدروسة على إصلاح أحوال الناس الدنيوية، وتلبية مطالبهم الضرورية، وعلاج مشكلاتهم، وتيسير أسباب الحياة الكريمة لهم، ليزداد التواصل الإيجابي بين الناس وولاتهم، وتتعاظم الثقة بينهم. 11 أن تأخذ الدول الإسلامية بأسباب القوة المادية، بما يحقق لها السيادة والعزة، ويمنحها القدرة على الاستقلال في سياساتها، وقراراتها وتوجهاتها. 12 سياسة عادلة تجاه الشعوب كافة، ودعم النظم الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان، والتخلي عن دعم الأنظمة الدكتاتورية والفاشية، وتثبيت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في صلب القانون الدولي والعمل بكل ما من شأنه إقرار الأمن والسلام في العالم أجمع.