سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدننا وأحياؤنا وطرقنا غير مهيأة للكوارث تحويل بطون الأودية ومجاري السيول إلى مخططات سكنية ونسف الجبال وإزالة الهضاب وإقامة أحياء سكنية عليها يخالف أصول العمارة والعمران..
تفتقر مدننا عامة للاستعداد للكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد عادة دون سابق إنذار,ومن الصعب التنبؤ بمعظم تلك الكوارث الطبيعية منها وغير الطبيعية فإنه بالإمكان الحد من تأثيرها وتقليل الخسائر البشرية والمادية الناجمة جراء حدوثها والتخفيف من نتائجها وآثارها وذلك بالقراءة المستقبلية لواقع المدينة وتلمس بؤر الضعف ومناطق القصور التخطيطي والتنظيمي والإداري وللإجابة العلمية عن مدى جاهزية مدننا الكبرى تخطيطيا على مستوى البلاد فقد طرحنا السؤال على المستشار الدكتور مهندس خالد بن عبدالعزيز الطياش وجاءت إجابته من خلال الأسطر التالية: الكارثة عرَّفتها المنظمة الامريكية لمهندسي السلامة بأنها التحول المفاجئ غير المتوقع في اسلوب الحياة العادية بسبب ظواهر طبيعية او من فعل الانسان تتسبب في العديد من الاصابات والوفيات او الخسائر المادية الكبيرة وعرفت ايضا بأنها واقعة مفاجئة تسبب أضراراً فادحة في الارواح والممتلكات وتمتد آثارها إلى خارج نطاق المنطقة اوالجماعة المنكوبة وهذه التعريفات عامة لكل كارثة فأي مدينة في العالم معرضة في أي لحظة لخطر كارثة ما طبيعية مثل كوارث الزلازل والبراكين والسيول والفيضانات والاعاصير وغيرها او كوارث تقنية مثل انهيار المنشآت والحرائق والانفجارات والحروب وتسرب الغازات اضافة الى الكوارث البيئية ومعظم تلك الكوارث قد تحدث دون مقدمات ومفاجئة وغير متوقعة المكان ولا الزمان حيث تسبب خسائر فادحة واضرارا كبيرة على الصعيدين البشري والمادي ينتج عنها مشاكل لا حصر لها تمس المجتمع اقتصاديا وصحيا واجتماعيا وقد يطول مداها او يقصر بحسب قدرة وسرعة تلك المدن على النهوض من هذه الكارثة ومعالجة آثارها بكل اوجهها وحيث انه من الصعب التنبؤ بمعظم تلك الكوارث الطبيعية منها وغير الطبيعية فإنه بالإمكان الحد من تأثيرها وتقليل الخسائر البشرية والمادية الناجمة جراء حدوثها والتخفيف من نتائجها وآثارها وذلك بالقراءة المستقبلية لواقع المدينة وتلمس بؤر الضعف ومناطق القصور التخطيطي والتنظيمي والاداري وعمل الاحتياطات الاساسية الممكن اتخاذها قبل حدوث تلك الكوارث . هذه المقدمة تقود الى تساؤل مفاده هل مدننا والكبرى منها على وجه الخصوص مهيأة لأي من تلك الكوارث تخطيطا وتنظيما ؟ الهضاب وإقامة أحياء سكنية عليها يخالف أصول العمارة والعمران.. لاسيما وأن معظم الكوارث تأتي دون مقدمات ودون سابق انذار فالجواب على هذا التساؤل يقودنا للعديد من الملاحظات ولنأخذ مدينة الرياض عاصمة بلادنا واكبر مدنها مساحة وسكانا على الاطلاق مثالاً لمدى جاهزيتها لأي طارئ ( حمى الله وطننا ومدننا من كل كارثة) فإننا نجد أن هناك العديد من الملاحظات تستحق الدراسة والبحث والتقييم ومنها :- 1) نعلم ان مدينة الرياض تعتمد بشكل رئيسي على طريق الملك فهد كمحور اساسي لنقل الحركة المرورية من الشمال الى الجنوب وبالعكس وهو المحور الاهم في المدينة حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لهذا الطريق مائة وستين ألف سيارة يوميا على المسار السريع وستين ألف سيارة في طريق الخدمة واستمر حجم الحركة المرورية عليه بالتزايد حتى بلغ مائتين وعشرين الف سيارة في اليوم على المسار السريع واربعين الف سيارة على مسار الخدمة في الوقت الحالي ( احصائيات الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض ) وفي ظل حجم النمو السكاني المتزايد وازدياد اعداد السيارات فمن المتوقع خلال السنوات القليلة القادمة عدم قدرة هذا الطريق على استيعاب الحركة المرورية الكثيفة عليه اذا لم توجد البدائل المساندة له لنقل الحركة من الشمال الى الجنوب وبالعكس وهي الحركه المرورية الاكثر اهمية في مدينة الرياض بحكم تكوين المدينة الذي يأخذ الشكل المستطيل هذا الشريان الريئسي يفتقد إلى عدم تحديد مسار خاص يحترم لسيارات الشرطة والاطفاء والاسعاف فنحن نرى جميعا معاناة سيارات الطوارئ عند سلوكهم هذا الطريق في ظروف تلعب الثانية الزمنية دورا كبيرا في انقاذ حياة انسان في ظل وجود خمسة ملايين نسمة هم سكان مدينة الرياض يستخدمون حوالي مليون ومائتي الف مركبة تقطع يوميا اكثر من ستة ملايين رحلة عبر رقعة عمرانية تصل مساحتها الى الف كيلومتر مربع وضمن شبكة طرق تتجاوز اطوالها ستة عشر الف كيلومتر وهذا في الظروف العادية وقياسا على هذا الطريق فهناك طرق اخرى هامة وحيوية تفتقر الى تأهيلها بتحديد مسار يحترم سيارات الطوارئ والاسعاف واللوحات الارشادية الالكترونية ولنا ان نتصور حال طريق الملك فهد وطريق خريص عند أي طأري او حتى انعقاد مؤتمر. 2) من الملاحظ خلو معظم أحياء مدينة الرياض من المناطق المفتوحة داخل الحي والتي يطلق عليها المخططون الميادين اوالساحات والتي يضعها المخطط بين كل مجموعة من المنازل او في وسط الحي حيث تستخدم تلك المساحات المفتوحة للعديد من الاغراض عند الطوارئ كمكان للتجمع أو وحدة ايواء أولية أو مركز ادارة للحي عند الازمات. 3) تفتقر معظم العمارات السكنية ذات الارتفاعات العالية والمتوسطة والقديمة منها على وجه الخصوص الى وجود مهابط للطائرات العمودية على أسطحها اضافة الى شغل تلك الاسطح في الوقت الحالي كمساكن من الصفيح تؤجر على العمالة بأسعار رخيصة وتبرز هذه الظاهرة بشكل واضح في منطقة العصب التجاري وهي الواقعة بين طريق الملك فهد وشارع العليا العام . 4) تتركز معظم المستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات العامة والخاصة في أحياء معينة من المدينة ولم يتم مراعاة توزيعها بالشكل المتساوي والمتوازن مع التوزيع العمراني والسكاني للمدينة والذي يخدم جميع الاحياء والسكان بالطريقة الاسهل والاقرب قدر الامكان لمساكنهم فهناك احياء سكنية تقل فيها المنشآت الصحية بينما احياء اخرى لديها تضخم في توفر تلك المنشآت وكان الاجدى ان يتم مراعاة ذلك تخطيطيا كي يضمن من خلاله تغطية كامل الأحياء صحياً مع مراعاة سهولة الوصول لها عند الطواري . 5) معظم الاحياء في مدننا تفتقد الى غياب خصوصية الحي حيث ادت كثرة المداخل والمخارج حول تلك الاحياء الى تفكيك النسيج العمراني السكني المكون للحي وجعلت اختراقه امرا سهلا وميسورا لكل قائد سيارة يريد اختصار الطريق والابتعاد عن زحمة اشارات المرور مما جعل التحكم الامني بتلك الاحياء امرا صعبا ومكلفا ويكون الامر اكثر ضررا في الحالات الطارئة كما ان غياب دور ادارة الحي يجعل توجيه ساكنيه عند الطواري غير ممكن . 6) الناحية الاعلامية والتوجيهية من خلال اللوحات الالكترونية والدعائية معدومة في شوارعنا اضافة الى غياب الدور الاعلامي عبر الاذاعه او رسائل الجوال وتوجيه حركة السير وارشاد السائقين لحالة الشوارع الريئسية اثر كثيرا في تركيز حركة السير ضمن شوارع معينة في ظل غياب التوجيه حيث سيكون الضرر اكبر في حالات الطواري. 7) غياب التوعية العامة لدى المجتمع وعدم وضع تعليم مبادئ الامن والسلامه ضمن التوجيه العام بالمدارس وذلك بتدريب المدرسين والمدرسات والطلاب والطالبات على اتباع ارشادات السلامة ووسائل وطرق الاخلاء والاسعاف الاولي عند الطوارئ بجعل تلك التعليمات جزءاً من النشاط المدرسي والمنهج الدراسي العام . 8) تفتقد مدننا الى توفر الملاجئ المنزلية والملاجئ العامة لتوفير الحماية من آثار الاسلحة المختلفة فمن الممكن إعداد الملاجئ المنزلية في قبو المنزل او تحت الحديقة على ان يخضع لمواصفات معينة اما الملاجئ العامة فيمكن ان تكون تحت الساحات العامة في وسط الاحياء او في اقبية مباني المدارس بعد ان تهيأ لذلك تصميما ومواصفات . 9) لقد خلق الله هذه الارض وشكل طبيعتها وطبوغرافيتها وجعلنا خلفاء عليها لذا وجب علينا احترام هذا التكوين والمحافظة على طبيعته وان ينحصر تعاملنا مع ماهو طبيعي وفق مانحتاج وماهو ضروري وبعد استنفاد كافة الحلول الممكنة وان يكون العمران متماشيا مع طبيعة الارض ومتجانسا معها كما تعلمنا ذلك في كليات العمارة والتخطيط لذا فإن تحويل بطون الاودية ومجاري السيول الى مخططات سكنية ونسف الجبال وازالة الهضاب وإقامة عمارات سكنيه عليها يخالف أصول العمارة والعمران وسوف يكون له نتائج سلبية مستقبلا بشرية ومادية..