يطرح اللقاء الوطني الثامن للحوار الفكري المنعقد حالياً بمنطقة نجران، محوراً يتعلق بحقوق المرضى وأخلاقيات العمل في القطاع الصحي، ورغم رسوخ حقوق المرضى ضمن منظومة حقوق الفرد المعمول بها في المملكة؛ إلا أنه يعد من المفاهيم الحديثة التي لم تنل ما تستحقه من اهتمام؛ وبالتالي لم تحظ بالتفعيل والتفاعل المطلوبين من جهة تقديم الخدمات الصحية، أو من جهة المستفيد من الخدمة على حد سواء. إيجاد نظام واضح تقول "د.حنان الأحمدي" مديرة معهد الإدارة العامة للقسم النسائي، إن الدولة لم تقصر فيما يتعلق بتحديد حقوق المرضى، لكن تبقى الإشكالية في أن هذه الحقوق غير مقننة؛ أو كما يقولون تترك "بالنيات"، مما يتسبب في ظهور الاختلافات عند الممارسة أو التطبيق، مضيفةً أن بعض المستشفيات تضع لائحة حقوق المرضى في الاستقبال؛ وتعلقها في الطرقات؛ وكذلك بين الغرف، إلا أن العكس يحدث في مستشفيات أخرى، لذا لابد من إيجاد نظام واضح يبين حقوق المرضى بالتفاصيل وليس بالخطوط العريضة، ويوضح كذلك إجراءات التظلم والمطالبة بهذه الحقوق، إذا تعرض المريض لخطأ أو ظلم أو انتهاك. كثرة الأخطاء الطبية وأوضحت "د.الأحمدي" أنه في الماضي كان ينظر للأطباء على أنهم يقومون بخدمة إنسانية؛ لذا فان اقتراف الخطأ الطبي عادةً لا يكون مقصوداً؛ ويتم التغاضي عنه، لكن بسبب كثرة الأخطاء حالياً نهضت حركة المطالبة بحقوق المريض؛ ولم تعد هناك حصانة لمقدم الرعاية، مشيرةً إلى أن حقوق المريض متفاوتة؛ وتبدأ من سرية المعلومات المتعلقة به، إلى جانب الحصول على تصريح منه قبل اتخاذ أي إجراء طبي، مع اطلاعه على البدائل المختلفة للرعاية وإشراكه في اختيار نوع الرعاية التي يفضل. تفويض الإجراء الجراحي وقالت "د. الأحمدي": إن أنظمة تفويض الإجراء الجراحي لا تزال غير منظمة، متسائلة: هل يحق للمرأة أن توقع عن نفسها؛ أم يوقع ولي أمرها عنها، وكذلك الحال بالنسبة للأولاد، إذ لا تزال بعض المستشفيات لا توافق على إجراء جراحة الطفل إلا بموافقة الأب وليس الأم، كذلك فيما يتعلق بسرية المعلومات ومن له الحق في الاطلاع على الملف الخاص بالمريض، لافتة إلى أن القضية بشكل عام تحتاج إلى أنظمة واضحة تطبق على نطاق مناطق المملكة ثم يتم التوعية بها. وعي المواطن بحقوق المرضى وترى "د.الأحمدي" تزايد وعي المواطن بحقوق المرضى؛ إلا أنه بحاجة إلى المزيد، من خلال توعية الجهات المقدمة للخدمة الصحية بأن تتقبل حالة المريض واعتراضه؛ على طريقة أداء الخدمة وقت اللزوم، معتبرة مقدم الرعاية مسئولاً، والمريض مسئولاً، وكذلك منظمو الخدمات الصحية أيضا مسئولون، ومبدية تفاؤلها بازدياد الوعي على مختلف الأصعدة، حيث ترى أننا نسير بالاتجاه الصحيح، ولعل في تخصيص الحوار الوطني للخدمات الصحية خطوة في الاتجاه الرامي إلى رعاية صحية وطنية أكثر تميزاً. المواطنون لا يعرفون حقوقهم! بدورها تقول "د. بثينة المرشد" الأستاذ المساعد بكلية التمريض جامعة الملك سعود، إن من شروط الاعتماد الدولي للمستشفيات أن تعلق لوحات داخلها؛ توضح حقوق المرضى، وهذا أمر نصت عليه أنظمة المملكة، ويحدث في معظم أماكن تقديم الرعاية الصحية، مضيفةً أنها قرأت دراسة مؤخراً نشرت في الصحف المحلية؛ تفيد بأن القسم الأكبر من المواطنين لا يعرفون حقوقهم، وعند توجيه أسئلة لكل من أتعامل معه عن مقدار ما يعرفونه عن حقوقهم؛ فوجئت بجهل معظمهم، وأنا هنا لا أعني غير المتعلمين فقط، لأن هناك فرقاً كبيراً بين التعليم والتثقيف؛ فالثقافة خبرة نحصل عليها من الحياة. حقوق المريض وعددت "د. المرشد" بعضاً من حقوق المريض تجاه المستشفيات؛ مثل إيجاد الرعاية الصحية التي يحتاجها عندما يحتاجها، إلى جانب توضيح مفهوم "الخطأ الطبي" وكيفية المطالبة بحقه عند وقوعه ضحية له، ومن حقوق المريض كذلك إمداده بالمعلومات التي تساعده على اتخاذ القرار؛ لأن الأمر ببساطة يتعلق بحياته. العجز في الخدمات فقط! وكشفت "د.المرشد" عدم وجود عجز في الميزانية التي تصرف على القطاع الصحي، إلا أنها أكدت وجود عجز في الخدمات، مضيفةً لابد من التفريق بين خدمات طبية متخصصة؛ وخدمات صحية أولية، وأرى أنه ينبغي أن يكون عندنا اعتماد على الخدمات الصحية الأولية؛ لتفادي كثير من الضغط والمشكلات، فمثلاً لا يحتاج "مريض السكر" بعد زيارته للمختص في المرة الأولى أن يزوره مرة أخرى، إذ لابد من الاعتماد على نفسه، وعندما يحتاج المريض إلى استشاره طبية؛ فإنه يكفيه الطبيب العام؛ أو طبيب الأسرة لمتابعة حالته، وبهذا يخف الضغط على الاختصاصي الذي سيجد وقتاً لغير هذا المريض هو بحاجة حقيقية إليه. التغير البطيء أفضل وتتمنى "د. المرشد" أن يتغير الواقع الصحي الحالي إلى الأفضل، داعية إلى التروي في خطوات الإصلاح الصحي، لأن التغير البطيء الدائم خير من التغير السريع المنتهي، فالتغيير ليس "حبة" نتعاطاها فتحدث تغيراً بين عشية وضحاها، مشيرة إلى أن مبادرة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في تخصيص حوارها الثامن للقطاع الصحي، هي بداية طيبة نحو الأفضل في هذا القطاع. احترام حقوق المواطن وتقول "ميس أبو دلبوح" المستشارة القانونية: إن الإنسان بغض النظر عن هويته يجب أن تحترم حريته وحقوقه، فكل فرد له حقوق يجب أن تصان وتحترم، مضيفةً المشكلة تكمن في وعي المواطن بهذه الحقوق؛ ومعرفته بآلية الحصول عليها؛ إلى جانب قدرته على متابعة حقه حتى يحصل عليه، مستشهدة بقضية إحدى السيدات التي ذهبت للولادة؛ فتم استئصال رحمها بطريق الخطأ، وبسبب وعيها ووعي زوجها وإصرارهما استطاعا إدانة المستشفى، وبالتالي الحصول على تعويض مناسب.