صاروخ يحلق ببول سايمون وآرت قارفنكل عالياً في سماء شهرة ستينات القرن الماضي، عقد الهييبز والحركات الثورية والاغتيالات السياسية الشهيرة، على الرغم من أن محركات دفعه تبدو للوهلة الأولى مختلفة جذرياً عن محركات أقرانه في ذلك الوقت، لكن مع قليل من التأمل يمكن إدراك التشابه الكبير بين أعمال الستينات وبداية السبعينات في القرن الماضي، الفترة الأكثر نشاطاً وتنوعاً والتي شهدت "الغزو الإنجليزي" "وموسيقى الكاراجات" وغيرها فيما أطلق عليه لاحقاً "العصر الذهبي". يقال إن الدافع الأكبر خلف هذه الأغنية، هو اغتيال الرئيس الأمريكي ج. إف. كينيدي في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1963م، حيث بدأ بول سايمون بعد حادثة الاغتيال بفترة قصيرة، كتابة اللحن قبل أن يجد الكلمات المناسبة للقصيدة الغنائية، ولم يلبث طويلاً حتى كتب القصيدة وقام بعرضها على قارفنكل، الذي شاركه التدريب، ليقدموا الأغنية سوياً كثنائي في النوادي الشعبية بنيويورك، وتوالت الأحداث وتم تسجيل الأغنية في ألبوم حمل اسم "الثالثة صباح الأربعاء" وصدر في عام 1964م، لكن حظه تعثر بشدة لدرجة أن الثنائي افترقا وسافر سايمون إلى إنجلترا، مشهد آخر لفرقة تتلاشى بعد ألبومها الأول، وأغنية رائعة جديدة ضمن مسمى "الأعجوبة"، يشبه ما نسميه "بيضة الديك". لكن الأمر لم يسر على هذا النحو، فبعد عام وأثناء قيام سايمون بتسجيل الأغنية مرة أخرى في انجلترا وضمها إلى ألبومه المنفرد الأول، دون أي نجاح يذكر، وصلت أخبار إلى توم ويلسون منتج ألبوم الثنائي، بأن أغنية "أصوات الصمت" تبث على محطات متعددة حول أمريكا، مما جعله يجازف وبدون استشارة بول سايمون أو رفيقه، بإضافة آلات مختلفة للأغنية التي عرفت بأن ليس فيها آلة غير الجيتار الهوائي، ومع عودة سايمون من إنجلترا وفي الأسابيع الأولى من عام 1966م، كانت الأغنية تتربع على عرش قوائم الأفضل في أمريكا، والتئم شمل الثنائي، وكانت سبباً مباشراً في وصول بعض أعمالهم الأخرى إلى مراتب عالية في العديد من القوائم في أمريكا وخارجها. في الكلمات التي كتبها سايمون بالاشتراك مع آخرين، نسمعه يخاطب الظلام ويخبره عن الرؤيا التي زرعت بذورها في عقله، ولما استوت على سوقها، بدأ يرى الحلم الذي يرويه بوضوح، شوارع موحشة بمصابيح تصيبه بغشاوة، ومع انجلاء بصره يرى جموعاً من الناس، قد نفهم أن العزاء هو سبب تجمعهم، لكن لا يلبث المشهد أن يتحول إلى لغز يتحدث فيه سايمون عن تعبد الجموع لإله النيون الذي ابتدعوه بأنفسهم، يغلق الحلم على توجيه من لوحة النيون تدعو مريديها إلى إتباع الكلمات المنقوشة على جدران مترو الأنفاق وردهات الشقق والمباني، وفي همسات أصوات الصمت. حلم يجسد كثيراً من الأفكار التي سيطرت على جيل تلك الفترة.ظهرت الأغنية في العديد من الأعمال السينمائية أشهرها "الخريج" لمايكل نيكولس عام 1967م، الفيلم الذي فجر موهبة الممثل الأمريكي داستين هوفمان، و"بوبي" الذي أخرجه الممثل إيمليو استيفيز عام 2006م، وآخرها الفيلم اللافت للنظر "المراقبون" لزاك سنايدر عام 2009م.