في منتصف التسعينيات استضافت المذيعة التونسية كوثر البشراوي الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود في برنامجها الشهير آنذاك (السهرة المفتوحة)، وكانت طوال دقائق تلك الحلقة المثيرة تحاول استفزاز الأمير إيجابياً، بغية سبر جوانب مهمة في حياته الرياضية وغير الرياضية. في أحد الأسئلة اتهمت البشراوي الأمير بأنه متعصب للنصر، فرد سموه السؤال للمذيعة بسؤال مفاجئ حينما قال لها: "أولا تحبين النصر؟"، فأجابت بسرعة وهي لا تدرك مغزى السؤال "أنا يا سمو الأمير لا أتابع الكرة"، فأعاد السؤال من جديد؛ ولكن بصيغة أخرى "أنا أسألك ألا تحبين تحقيق النصر دائماً في حياتك"، فأجابت بثقة متناهية وهي لا تدرك مراميه "نعم أحب النصر"، فاقتنص الراحل الجواب ليقول لها بانتشاء غمر محياه: "إذاً أنت نصراوية"، فلم تجد المذيعة بداً من إرسال ابتسامة خجلى؛ رداً على الفخ الجميل الذي أوقعها الأمير فيه. وجدتني أتذكر هذا الموقف وأنا أرقب الحراك النصراوي الدؤوب في سبيل تحقيق البطولة الخليجية والتي باتت على مرمى حجر من أيدي النصراويين، لاسيما بعد النتيجة الكبيرة التي خرج بها الفريق امام ضيفه الوصل الإماراتي في جولة الذهاب التي احتضنتها العاصمة الرياض، والتي ستجعله اليوم في الإياب أكثر اطمئناناً للعبور إلى النهائي. شخصياً، أكاد أجزم بأن البطولة الخليجية إن تحققت فستكون بمثابة الولوج الحقيقي لبوابة العودة للماضي المشرق الذي خلفه النصراويون منذ عقد ونيف، خصوصاً وأنها ستبصم بقوة على نجاح مشروع الأمير فيصل بن تركي، الذي بدت ملامح نجاحه منذ أن تسلم رئاسة النادي في الموسم الماضي، وتجلت أكثر والموسم الجاري لم ينقضِ حيث حقق فيه الفريق المركز الثالث في الدوري كأفضل مركز له منذ ستة مواسم، فضلا عن حجز مقعده بين كبار القارة الصفراء بتأهله لدوري أبطال آسيا في نسخته المقبلة. أما بيت القصيد في قصة الأمير عبدالرحمن بن سعود وكوثر البشراوي، فأراه يكمن في ما وقفت عليه من تراشق جماهيري وكذلك إعلامي -للأسف الشديد- بين بعض المتاخمين للمعسكرين الأصفر والأزرق، وأعني معسكري النصر والهلال، فثمة نصراويون يظنون بأن الهلاليين لا يريدون لناديهم الخير، إذ لا يتمنون فوزهم بالبطولة الخليجية، في وقت لا يتردد فيه بعض المتعصبين من الهلاليين في التعبير عن هذا الواقع، وهو ما تظهره بعض المواقف الساخطة ومعها ردات الفعل المتشنجة في منتديات الناديين، والأكثر سوءاً من موقف الجماهير، هو موقف بعض الإعلاميين الذين بدوا متخمين بالتعصب حد استفراغه في بعض الأقنية الإعلامية، وهو بدا لافتاً في محاولة البعض منهم استثمار التباين في الحضور الجماهيري بين مباراة الهلال والأهلي الإماراتي، ومباراة النصر والوصل الإماراتي، للعزف على أوتار تعصبهم المقيت. وكل تلك المواقف إن عبرت عن شيء فإنما تعبر عن التعصب في الميول لدى البعض من الطرفين، والذي ارتقى لمستوى التطرف، إلى حد أصبحوا فيه لا يفرقون بين ان يكون النادي يمثل نفسه في منافساته المحلية، أو يمثل الوطن في استحقاقاته الخارجية. ليعلم أولئك المتعصبون أننا هلاليون وشبابيون واتحاديون وأهلاويون في حضور فرقنا الأربعة في المعركة الآسيوية، ونحن نصراويون على طريقة عبدالرحمن بن سعود مع كوثر البشراوي في النزال الخليجي، أولا لأنه يمثلنا كسعوديين، وثانياً لأننا جميعاً نحب "النصر"!.