هيئة الأمر بالمعروف، باختلاف التسميات وتقارب المسؤوليات، موجودة في كثير من مجتمعات العالم.. في بعض الدول.. الإمارات مثلاً أو تايوان، قد يوحي لك خلو الشارع من شرطة أو أصحاب اهتمامات دينية أن الشارع مفتوح لكل التجاوزات، وربما الجرائم.. الواقع يؤكد أن هناك حالات متابعة غير مرئية لما يحدث في الشارع.. وأي تجاوزات تتم أو تهديد أو جنوح سلوكي هناك مَنْ يردعها.. نحن في الحقيقة مع هيئة الأمر بالمعروف، وكنا نطالب بتطويرها وتحسين علاقتها بالناس لتعدّد أهميات مسؤولياتها.. لكن منذ سنوات ليست بالكثيرة اختلط الحابل بالنابل، ووجدت نفسك تعاني صعوبة في تمييز ما إذا كان موظف الهيئة يعي أهمية دوره الاجتماعي، وأن مَنْ يشتبكون بالناس ويشهّرون بشباب يحتاج النصيحة أكثر من العقوبة.. يُحتمل أن يكونوا يبيّتون هدف توسيع التباعد الاجتماعي، وربما كان هناك فكر منقاد خلف القاعدة أكثر مما هو يصحّح بوعي أوضاع مجتمعه.. بالتأكيد ما سبق هو انطباعات عن واقع قديم، بينما يؤكد لنا الحاضر وجاهة مسارات الهيئة، وبرهنت عملياً على ضرورة وجود الأهميات المتنوعة لها.. ونقف باحترام لمقولة الشيخ الحميّن بأن خادم الحرمين قد نقل جهاز الحسبة نقلة نوعية ليعمل وفق أصول المعاصرة والتقنية الحديثة.. ليس هذا كل شيء.. سماحة المفتي العام أخذنا أيضاً في نقلة فقهية وحضارية لم تكن تقال قبله، حيث قال سماحته من جملة عبارات رائعة: «الواجب التناصح، وإذا وُجد الخطأ لا بد أن يصلح بالمعروف لا بالشماتة».. ثم يضيف: «أن يكون الآمر بالمعروف مصلحاً لا منتقماً ولا متسلّطاً وأن يكون ذا حلم وصبر ولا ينتصر لنفسه».. عبارات رائعة كثيرة قالها سماحة المفتي، وليست بغريبة عليه، وهو الرجل المتواضع القريب من كل فئات مجتمعه..