فلقد منَّ المولى جل وعلا على هذه البلاد الطيبة المباركة في هذه العصور المتأخرة بدعوة سلفية كريمة، حيثُ نذر رجلان كريمان حسيبان نفسيهما لها؛ فغامرا بهما، وجاهدا بأبدانهما، وحملا حبها في سويداء قلوبهما؛ حتى مكنَّ الله لهذه الدعوة في الأرض، ثم تتابع الخير من أصلابهما، والله جل وعلا يقول: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم). وقد عادى هذه الدعوةَ رجالٌ ودولٌ قديمًا وحديثًا، وتتابعوا في وصفها بالغلو والتكفير تلميحًا وتصريحًا، وزاد هذا الأمر في وقتنا الحاليِّ، فكان لسليلِ المجد والسُّلطان، أميرُ العلماءِ : سلمانُ بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن وقفة صادقة معها، تنبئ عن علمٍ متعمِّق بها، وثقةٍ بمنهجها، واحتفاء بما قامت عليه ونادت به من توحيدٍ لله جلَّ وعلا، ونبذٍ للشِّرك والتنديد، وعدم ِمنازعة الأمر أهله، ولا يعرفُ الفضلَ لأهلِ الفضْلِ إلا ذوو الفضل. إنَّ حبَّ سموه الكريم لهذه الدعوة السلفية المباركة، وحبَّه لمنهجها ولعلمائها ليس حادثًا؛ بل كُلُّ من عرف سموه الكريم عَلِم مقدارَ هذا الحبّ والاعتناء بها، وبرموزها، والاحتفاء بهم في حياتهم وبعد مماتهم، وأقرب شاهد لذلك: ما صرح به سموه الكريم قبل أيام، وصدع سموه الكريم بأن كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب لا يوجد فيها ما يخالف الكتاب والسنة. ولو أردنا أن نسترجع وقفات الأمير سلمان بن عبدالعزيز مع الجهات الشرعية والخيرية، ومؤازرته لها والدفاع عنها؛ لطال بنا المقام، ولعل في الإشارة إلى شيء منها ما يسهم في شحذ الهمم لحصرها في مُؤلفٍ لن يقل عن عدة مجلدات. ففي جانب الاهتمام بالقرآن الكريم وأهله: كان لسموه الكريم أيادٍ بيضاء بدعم جمعيات تحفيظ القرآن، وتأسيس مسابقة سنوية حددت لها لجان وجوائز باسم سموه الكريم، بالإضافة إلى حرصه الدائم على التواصل مع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وتفقد حاجاتها وتغطية جزء من نفقاتها. وفي جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عرف سموه منذ توليه زمام المسئولية بالاهتمام بهذه الشعيرة، وإعطائها جانبًا كبيرًا من وقته وتوجيهه ومتابعته، بالاتصال الدائم بين سموه الكريم والمسئولين في الهيئة وعلى رأسهم معالي الرئيس العام، وتتويج هذه الاتصالات بتوجيهات وقرارات تخدم سير العمل وتضمن بإذن الله مصلحة هذا الجهاز المبارك. أما في جانب أعمال البر ومساعدة المحتاجين: فإن الجميع يعلم رعاية سموه الكريمة لجمعية البر الخيرية ورئاسته لمجلس إدارتها، وما تعيشه هذه الجمعية من نماء وانتعاش وتطور بتوفيق الله جل وعلا ثم بدعم سموه وتوجيهه وإشرافه، وكذلك رئاسته – حفظه الله – لمشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج، والذي قدم وما زال يقدم الدعم المادي والاستشارات الأسرية لكثير من الشباب والفتيات حتى يُعِفُّوا أنفسهم ويرتبطوا برباط الزواج المبارك. كذلك رئاسته لمشروع الإسكان الخيري، والجمعية الخيرية لرعاية الأيتام، وجمعية رعاية مرضى الفشل الكلوي. إن حياة هذا الأمير الإنسانية والعملية مليئة بالمواقف المشرفة، والأعمال العظيمة، والحكم البليغة؛ مما حملني على تسطير هذه الكلمات، والتي لا أملك معها إلا سؤال المولى جلت قدرته أن يديم على سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز ثوب الصحة والعافية، وأن يمد في عمره على طاعته، وأن يوفقه لكل ما فيه عز الإسلام والمسلمين، وخدمة البلاد والعباد، وأن يجازيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. المدير العام لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض