قال إن أقدام لاعبي (الشرقية) هاجرت كما تهاجر الأدمغة: نجيب الزامل: إصابتي بالرباط الصليبي تمنعني من تمثيل المنتخب البليهي أفضل من يدرب منتخب (الشورويين) والقويحص رأس حربتنا الدمام- محمد الشيخ الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون خارج الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة بعيدة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم هو عضو مجلس الشورى والكاتب نجيب الزامل. * لماذا في ظنك يسعى كثير من المثقفين ومعهم بعض المسؤولين للاختباء خلف أصابعهم خشية أن يعرف أحد أنهم يهتمون بكرة القدم؟ لا أعتقد ذلك، خصوصا في هذه الأيام، اصبحت لعبة كرة القدم من معطيات الرجل العصري، وصارت علما ومؤسسات، وطرائق حياة، واقتصادا، ونهضت فنون وتكتيكات واستراتيجيات في استقطاب واكتشاف اللاعبين، وصارت لها الشركات الوسيطة، والعملاء، وصيادي الرؤوس، وخصِّصَتْ لها مئاتُ المحطاتِ الفضائية والدوريات الإعلامية، لم يعد أحد يستطيع أن يختفي وراء اصبعه، كيف تخبيءُ مارداً وراء أصبع، مستحيل! * وسط صليل سيوف معركة مصر والجزائر الكروية ونقعها الذي غطى السماء العربية سقط من المثقفين والمسؤولين العرب مضرجين بدم التعصب أكثر مما سقط من الرياضيين، في اعتقادك لماذا حدث ذلك؟ التعصب الرياضي، وأي نوعٍ من أنواع التعصب، هو مجرد أسطورة، هو مجرد خرافة، يجب أن تعلم ذلك، إن التعصبَ مذهب واحد، إنه أيدولوجية واحدة، إنه طبع وسلوك واحد اسمه التعصب فقط. ثم مع التعصبِ يأتي المتعصِّبون، فهم إن جاءوا في أي مجال من مجالات الحياة أضافوا عليها صفتهم، فلا يلام قطاع من القطاعات، ولا مذهب، ولا دين، ولا بلد، ولا فريق كرة، فعندما نعالج التعصب الكروي مثلاً، فهذا هو العلاجُ الخاطئ لأنه نابع من تشخيص خاطئ، وكذلك التعصب الديني، الحقيقة يجب أن نعالج التعصب بإجماله كحقيقة حياة منفصلة ومستقلة، ويعالج المتعصب بعقدة التعصب، كما يعالج من يصاب بعقدة نفسية من العقد المتعارف عليها في علم النفس الحديث. * في مقال لك تحت عنوان "في طهران نيتشمورا لم يوقف النسورا" تناولت مباراة المنتخب السعودي مع نظيره الإيراني وأسرفت حتى دخلت في التفاصيل الفنية، ما جعل قارئاً يصرخ: "يا هوه يا عمو نجيب أتاريك بتفهم في الكورة كمان"، قارئ آخر قال: "وهل خلصت موضوعاتك يا أستاذ".. كيف تعلق؟ مثل ملايين البشر أنا مهتمٌ بكرة القدم، ومن يدعي أنه غير مهتمٍّ بالكرة فله ذلك، لكنه سينعزل عن أكثر من نصف الكرة الأرضية، ومثل معظم الناس لعبتُ الكرة في الشارع وفي المدرسة، ثم أني شاركتُ في مجلس إدارة نادي النهضة، وكنت أيضا في وقت متعاون مع إدارة الاتفاق. وأتابع الكرة المحلية والعالمية، وقرأت كتب سيرة اللاعبين الأساطير مثل بيليه، وبكنباور، وبوبي مور، بل وقرأت سيرة لاعب عظيم مؤثرة، قد أجزم أن لا أحد من متابعي الكرة يعرفه الآن هو "بيل ما كراكين" لاعب "نيوكاسل" الإنجليزي المدهش، وهناك كتاب للاعب الهولندي "كرويف" من أجمل الكتبِ التي تشرح تقنيات اللعب قبل المستطيل الأخضر، وفوقه، وحتى بعده. ومن هنا صار الإطلاع على تكتيكات وفلسفة اللعب عند المدربين هواية لي بحد ذاتها كما يتأمل عاشقُ الشطرنج تنافس أستاذين كبيرين على اللوحة المرقعة بالبياض والسواد. * ثمة من يتهم كتاب الشأن العام بأنهم مصابون بأزمة ثقة مع جماهيرهم في قبالة جماهير كتاب الرياضة، إلى أي مدى يشعر نجيب الزامل بهذه الأزمة؟ ولا أزمة، ولا يحزنون. جماهير الكرة هم جماهير الناس، والتفريق بين جمهور الكرة وبقية الناس أمر أراه مضحكا جدا، لماذا؟ لأنه مستحيل، لن تستطيع. يشجّع الكرةَ المفكّرُ والوزيرُ، وعاملُ الورشة والطبيبُ وربّة المنزل، وكلهم لهم حياتهم وتخصصاتهم الخاصة، فليس هناك جمهور محدد مطموغ ومكتوب على جبينهم ( إحذر مشجع كرة) أو (إقرب مشجع كرة) كلامٌ لا يهضمه المنطق. وبالتالي بين قرائي من هم معروفون في الوسط الرياضي جدا، وينتمون رسميا وقانونيا ووظيفيا واحترافا في مختلف الألعاب الرياضية، لأنهم هنا ينطبق عليهم صفة الجمهور العام والذي منهم القراء.. فقل لي: مَنْ ينحرج مِن مَنْ؟ * في العام 2004 أقر مجلس الشورى توصية بإدخال مادة التربية البدينة في مدارس البنات، واستقبلت التوصية بزغاريد فرح من البعض، وبحجارة الرفض من البعض الآخر، لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق بعد مرور ست سنوات، فهل هزم ذلك المشروع ورفع راية الاستسلام؟ شوف يا أخي، واسمعني جيدا، لن يمرّ مشروع في أي مجتمع من المجتمعات، لا تقبله الذائقة العامة، سواء كانت هذه الذائقة نابعةً من مسوغات دينية، أو دوافع عُرْفية، و الانتظامُ المنقطع وراء عادة من العادات، ورؤية من الرؤى، هذا معروف ويدرسه المنتمون لعلم الإنسان وتطور الحضارات. وبالتالي أي مشروع يجب أن يُمَهَّد له قبلا لتتقبله الذائقة العامة ثم يُبدأ بالعمل من أجل تحقيقه، إنه تماما كنظام الحياة والبيولوجيا لأي شيء منتظم النمو في الأرض، كأن تحرث الأرض أولا، وهذا هو تهيئة الذائقة العامة، ثم تبدأ تزرع في أرض قابلة لاحتضان هذه البذور لتنمو أشجار أو محاصيل. إننا تعودنا الحماسة والتسرع في طرح أي شيءٍ، ثم نشغل نفسنا بمضاعفات هذا التسرع ليكون الموضع هو الاختلاف ليس ما نختلف حوله، ويغور الموضوعُ، كما يغور الماءُ في الرملِ الجاف.. أظنك عرفت قصدي. * في يناير 2009 دعا مجلس الشورى إلى تكوين لجنة فنية متخصصة لدراسة أسباب إخفاقات الرياضة السعودية في المسابقات الدولية ورفع توصياتها إلى المقام السامي، هل تشعر –بالفعل وأنت (الشوروي)- أن الرياضة السعودية باتت مسكونة بالإخفاقات؟ لا شيء مسكون بالاخفاقات، إلا إذا كان العمل ونظمه وإدارته خاطئة. مسكون بالإخفاق ماهذا؟ لا شيء يخلق من طينة الفشل، ولكن الفشل والنجاح نعمله بإرادتنا. لو عملنا بطريقة صحيحة لنجحنا، ولو عملنا بطريقة خاطئة فلن ننجح، ولن يحدث العكس أبدا.. العقلية الرياضية يجب أن تتسع في البلاد، وتنتقل من الرتم التشريفي إلى الطبيعة الدينامية الحركية العقلية والعلمية التي هي طبيعة الرياضة.. أما أن تطلب من نجيب الزامل (الشوروي على قولتك) مجاملة له أن يلعبَ رأس حربة في المنتخب، ثم تقول إننا مسكونون بالإخفاق.. لأنه لم يجرِ متراً واحداً في الملعب.. فهنا الإخفاقُ ليس من اللاعب بل الإخفاقُ من الذي وضع اللاعب، وأرجو ألا يذهب ظنك أن هذه دعاية لي على هذه الجريدة الرائجة في بورصة اللاعبين، فأنا حاليا أعاني من إصابةٍ شديدةٍ في الرباط الصليبي!! * يقول زميلك في مجلس الشورى المهندس محمد القويحص أن وصول قضايانا الاحترافية ل(الفيفا) يؤشر على وجود خلل في الاحتراف لدينا؛ لكنه يعترف بأنه لا يعرف مصدره. فهل تستطيع أن تدله عليه؟ سأقول له " لا تعلم؟! ده كلام؟ يا سلام!" * الاتفاق والقادسية وقبلهم النهضة ومعهم الخليج وكل أندية المنطقة الشرقية باتوا مجرد ضيوف شرف على المنافسة الكروية، وأنت (الشرقاوي) المعتق هلاَّ دللتنا على أصل الداء ومكمن العلة في رياضة الشرقية؟ التراجع الشديد نتيجة الفقر الرؤيوي والتخطيطي وضعف الموارد المالية، وتخبط الإدارة، والمزايدات الشخصية، على مجتمعٍ تعود البساطة والأريحية الشعبية، ثم فجأة دخلته نظُمٌ لم يدركها تماما، وأساء استعمالها، مع أن من أفضل لاعبي المملكة في السابق والآن هم من المنطقةِ الشرقية.. وكما تهاجر الأدمغة يا أخي تهاجر الأقدامُ أيضا! * لو عرضت عليك رئاسة أحد أندية المنطقة الشرقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، هل ستوافق، وأي الأندية ستختار؟ ربما سأوافق. وسأختارُ فريقاً لم يولد بعد! * لو دعيت لارتداء بزة التدريب، وتشكيل منتخب من أعضاء مجلس الشورى، فمن ستختار كأساسيين، ومن ستنتدب من خارج منتخب (الشورويين) ليلعبوا كمحترفين فيه؟ أولا الأحق بالتدريب سيكون البليهي، لأنه سيطبق كل ما قالت به الخطط الغربية الحديثة، وسيلعب بخطة 4-3-3، وسيضع القويحص رأس حربة لميله للإنقضاض، والدكتور نواف الفغم جناحا أيمنا لحبه للمراوغة والتمرير، والدكتور يوسف الميمني جناحا أيسرا لدهائه في صنع الكرات الأخيرة، وفي الوسط سيكون في المنتصف الدكتور ناصر الميمان ( كابتنا) لقدرته الاستثنايية على كشف الملعب وقراءة ما سيُقدم عليه الخصم حتى قبل استلام الكرة، وسيكون بجانبه من اليمين أسامة كردي، لأناقته في صنع اللعب ودقة التمرير من خلال مناورات الوسط، وفي اليسارِ لن يكون غير الدكتور القباني بهدوئه الذي يخرج هادراً مفاجئا، وسيعتمد عليه المدرب في صنع الألعاب المرتدة، وفي الدفاع سيكون في اليمين ظهيرا الدكتور عبدالملك الخيال ومن يملك قلب أسد فليمر من خلاله، وفي وسط الدفاع سيكون هناك الدكتور البازعي المتروي جدا في الالتحام ويستهدف "نقديا" الكرة لا استفزازيا لاعب الكرة، وكي يحمي ظهر الفريق عند غزوات مفاجئة للخصم ستأتي من مجاوره المهندس المرّي الذي من طبعه الإقدام وعدم التردد، ثم سيكون ظهير أيسر الدكتور راشد الكثيري، وسيكون إما سدا منيعا أو صانعا للإلتحام القوي الذي قد يكثر علينا سماع الصافرة، ولكن لن تمر من عنده الكرة بسلام. أما الحارس فسيكون الدكتور طلال بكري، الحريص جدا، والذي لا تقف عنده حواس الكشف والترقب والاستعداد. وسيكون مديرُ الفريق بلا شك، الدكتور خالد التركي واحد من أساطير الملاعب في المملكة. ثم سنستعين بالدكتورين يحيى الصمعان، والدكتور قاروب، القانونيان الكبيران لرفع قضية رد اعتبار لأي فريق يتجرأ أن يهزم فريقنا.. وأظنهما سينشغلان كثيرا!!