السماية عادة معروفة في منطقة جازان، منذ القديم، وقد يحصل أحد الأشخاص على مولود جديد، فيطلق عليه اسم أحد الشيوخ، أو الأمراء، أو كبار التجار، أو الأبطال الشجعان المعروفين بشجاعتهم في المعارك، أو أحد الأشخاص من أعيان القرية، أو المدينة، أو علماء البلد؛ تيمناً باسمه؛ وتيمناً أن يخرج هذا المولود للحياة متصفاً بصفة سميه، أو الشخص الذي سمي به. وعندما يولد لشخص ما ولد ويرغب في تسميته بشخص آخر يعز عليه، سواء من قبيلته، أو قرابته، أو أصدقائه المقربين، أو حتى من قبيلة أخرى، وقبل أن يقطع سر الطفل يصرخ والده قائلاً: لقد سميت ابني باسم فلان من الناس، ومن وقتها يصبح ذلك الاسم علماً عليه، وإذا وصل الخبر للشخص الآخر المسمى به، فإنه يقوم بالاستعداد لزيارة أسرة سميه في المدينة أو القرية الأخرى، ويدعو كبار أهل القرية لمرافقته في الزيارة، ويلبس أحسن الثياب لديه وهي الثياب الشعبية المتوافرة في ذلك الوقت، والمستمدة من البيئة الجازانية، وتكون من مئزر من الخام المثلوث ومصبوغ بالألوان الزاهية وصدرية سوداء مصنوعة من البفت، أو القطن أو الكتان، وكوفية من الخيزران كغطاء للرأس، حيث لم يعرف الناس في ذلك الوقت الألبسة الحديثة من الغتر، أو الاشمغة، ثم يلف عليها عمامة سوداء ويتمنطق المسمى به خنجرا طويلا فضيا أو مذهبا، يسمى "الجنبية" أو "الجوفية"، ويأخذ الشخص المسمى به معه النقود الفضية "الفرانسة"، وعدداً من الإبل، أو الغنم، أو البقر، حسب استطاعته؛ ليقدمها هدية لوالد الطفل المسمى به، ثم يرسل لوالد سميه يخبره بقدومه. وعندما يصل إلى القرية تطلق الأعيرة النارية والرصاص معلنين قدوم سميهم العزيز، ثم يدخلون القرية وهم في كامل زينتهم، ويخرج والد الطفل وكبار أهل القرية لاستقبال الضيوف والسمي، وهم مسرورون مبتهجون لقدوم ضيوفهم، وتذبح الذبائح، وتقام لهم الولائم الكبيرة المكونة من الحنيذ والسمن والعسل والبر وأقراص الخمير المصنوعة من الذرة البيضاء، والمغاش الفخارية، والهريسة وكافة أنواع الأكلات الشعبية، التي تشتهر بها المنطقة. وبعد الغداء يسلمون على الطفل الجديد ويقوم سميه بتقديم الهدايا لوالد الطفل وتزيد بعد ذلك الصلات والوشائج الاجتماعية بين الأسرتين، بل وبين القبيلتين إذا كان المسمى به من رؤساء وشيوخ العشائر الكبيرة، ثم تقام بعد ذلك الرقصات والأهازيج الشعبية الجميلة، ومنها رقصة الزيفة، والسيف، والعرضة، والربش، والمعشي، وغيرها من الرقصات والألعاب الشعبية، التي تشتهر بها منطقة جازان، ومن تلك الأهازيج هذه الأهزوجة: اقرأ كتابي واثني بالنبي.. يا مدرمه نجمي عليكم قاهري من بارقي حمله شادني امساحلي يسري من الزهرة يصبح سايره حلي الشيب في صدري وفي دقني وفي أهزوجة أخرى يقولون: أمساحلي حمران لو رد على المعطان له رديف تسمع عجة القردان كالمطر والشيف تسمع شيط المصيب تقول يا لطيف شيخنا أحمد ويا شيخ تمام يركب على مدهم وسهالة اللجام عسكرو قبله شواش النظام ينطح الصف والصفين ومازالت هذه العادات والتقاليد موجودة حتى عصرنا هذا، وخصوصا المناطق الجبلية والريفية، الا انها اختفت من المدن بعد دخول المدنية الحديثة، واتساع رقعة المدن وتوسعها، وهجرة كثير من مواطني الارياف والمناطق الجبلية الى المدن، ويظل لتلك العادات نكهتها وحلاوتها، رغم مرور مئات السنين عليها.