بعد نشر موضوع مخطوطة العسافي تلقينا عددا من الاتصالات من المهتمين بالموروث الشعبي وكان من أهم من تم التواصل بهم أحد احفاد الشيخ محمد العسافي المهندس حسان بن ثابت بن سليمان بن محمد العسافي : والذي سلط الضوء على سيرة هذا الشيخ الجليل الذي كان له دور في حفظ الشعر النبطي. فقد تحدث عن تاريخ أسرته وأسباب هجرتها إلى العراق بقوله: في البداية أشكر جريدة الرياض ممثلة في هذه الصفحة الرائعة على اهتمامها ببعث التراث وتسليط الضوء على مخطوطات الشعر النبطي والتي كان آخرها المخطوطة التي عثر عليها في مكتبة الجد محمد العسافي رحمه الله وقد ولد الشيخ محمد سنة 1311ه في بلد الزبير، واسمه كما وجدنا في أوراقه هو: محمد بن حمد بن محمد بن صالح (الملقب بالعَسّافي) بن سليمان بن عبدالله، من آل ابوعُلَيّان من بني تميم ، منشئي بريدة . وقد انتقل حمد العسافي والد الشيخ من عنيزة إلى بغداد قرابة سنة 1300ه ، و قد تراوح حمد على بغداد كثيراً وتعلم فيها شطراً من معارفه لكون والده محمد الصالح العسافي (جدّ أسرة العسافي الموجودة اليوم) أحد تجار العقيلات الذين تنقلوا في بلدان كثيرة أبعدها الهند فيما نعلم و آخرها العراق. واستقر – محمد الجدّ- في آخر عمره على التجارة في بغداد لعقود، متراوحاً بينها و بين عنيزة كما تشير إحدى الوثائق. فقدم عليه ابناه صالح وحمد والد الشيخ في آخر عقد من عمره وسكنا معه بغداد وأداروا تجارة العائلة، ولحمد والد الشيخ ذكر في كتابات الرحالة الإنجليزي تشارلز داوتي (كان في عنيزة حتى سنة 1295ه) وكان قابله في عنيزة و تدارس معه اللغة الإنجليزية لسابق معرفة حمد بشيء منها وتشجيع أحد أقاربه وهو عبدالله الخنيني له لتحسينها والاستفادة من داوتي في ذلك،. توفي محمد الصالح العسافي –رحمه الله- في سنة 1310ه و عمره يزيد على التسعين. استمر صالح وحمد أبناء محمد الصالح العسافي في التجارة وعن حياة الشيخ العسافي بصفة عامة اضاف حفيده: تعلم الشيخ العسافي ونبغ في العلم منذ نعومة أظفاره، و لا أدل على ذلك من رسالته في استحباب النساء الكتابة التي أنهاها وعمره لا يتجاوز ستة عشر عاماً. و قد طلب العلم على جملة من المشايخ بعد أن أتقن حفظ القرآن، ثم النحو والصرف. منهم: العلامة أبو المعالي محمود شكري الألوسي في النحو والصرف والمنطق وفن آداب البحث والمناظرة و قرأ عليه المختصر والمطول قي علم المعاني والبيان والبديع، و قرأ عليه منظومة في علم رسم الخطّ لأحد علماء الموصل و قرأ عليه علمي العروض والقوافي و علم أصول الفقه وغير ذلك ، والشيخ الآلوسي إضافة لهذا صديق والده ورفيق محنته في النفي الذي أتيت على ذكره في الفقرة السابقة. ومن مشائخه العلامة محمد بن عبدالله بن عوجان الذي درس عليه في الفقه والفرائض على مذهب الإمام أحمد بن حنبل و الحساب، كما درس السيرة النبوية عند العلامة محمد الأمين الشنقيطي. و قد تنقل الشيخ في عدد من البلدان لطلب العلم في العراق وسافر من أجل ذلك حتى بلاد الهند كما ذكر ابن غملاس [ت 1354] في الأعلام وأحفاده المعاصرين، وقد حجّ مرتين وزار بيت المقدس. ومكث في بغداد آخر أيامه بينما انتقل أحفاده إلى الرياض ثم توفي رحمه الله في سنة 1394ه. وعن اهتمام الشيخ العسافي بالشعر النبطي قال: الحقيقة إن من ضمن مؤلفات الشيخ محمد الحمد العسافي التي ذكرت في ترجمته لدى محمد صالح السهروردي في كتابه "لب الألباب" المطبوع سنة 1351ه [2/410-424] كتاباً اسمه: "الزهر الملتقط من شعر النبط". و قد ذكره الشيخ محمد في ورقة خاصّة فقال: "وقد جمعت مجموعاً كبيراً في أشعار العامة من أهل البادية والحاضرة المسمّى في هذه الأطراف بالشعر النبطي واسميت هذا المجموع ب (الزهر الملتقط من شعر النبط) و سيكون في عدة أجزاء. و قد انضمت إلى مكتبة الشيخ محمد الحمد العسافي المهداة لجامعة الإمام في الدفعة الثالثة التي وصلتها بتاريخ 29/6/1424ه اثنتا عشرة مخطوطة منها كراريسُ مجموعاتٍ شعرية مختلفة وغير معنونة، أشير لأحدها في بدايته بأنها الجزء الثاني. و له كراريس فيها تراجم شعرية متناثرة و قصائد نبطية بغير هذا المجموع. ونجزم أن الشيخ كان يهتم بالشعر النبطي ويحرص على تسجيله كما نرى في تراثه وكما عرفنا من معاصريه برغم تضلعه في اللغة العربية، وما عرفنا أن في ذلك الجيل من يهتم بالشعر النبطي و يجمع منه و يسجّل من علماء الدين وأهل اللغة.