قد تستعذبون العبارة معي ، وقد لا تستعذبونها لكنها معروفة عند متعاطي الطب الشعبي ، قديما وربما لا تزال آثارها باقية ومفهومة حتى عند مراجعي أهل الطب الشعبي . وهبرة الساق لا تحتاج إلى الكثير من الشرح ، فهي الجزء الرخو واللين من الساق . أما " مجر الورك " فهو الجزء الأعلى من الرجل ، وهي فُصحى تعني : مافوق الفخذ ، كالكتف والعضد . قد يأتي الطبيب الشعبي بهذه العبارة لتشخيص علة أو لتعيين مكان الداء الذي أصاب المُراجع ، مثلا . أو هي لموضع الألم الذي يجب على المريض دهنه أو وضع الكمادة عليه . المهم أنها مصطلح يستعمله الطبيب الشعبي . والحال عندنا أخيرا أن التشخيص – إن صدق – تحوّل إلى سلسلة من الإجراءات بين تحليل ومنظار وأشعة ومع هذا فالطبيب يُطبق على الحالة ما تعلّمهُ في كلية الطب . ومثل هذا التعاطي أو التطبيق يجعل حيرة المريض في ازدياد فأكثر الأطباء لا يتابع مسيرة البحوث في الأدوية ، وقد تعلّم أن تلك الحبوب تصلح لهذه العلة . يأخذ المريض الوصفة ويبدأ باستعمالها ، ثم يسمع نشرة تلفزيونية أو يقرأ في صحافة اليوم التالي أن مركز كذا التابع لجامعة كذا قد توصّل إلى استنتاج يفيد بأن ( الدهون الثلاثية مثلا ) غير ذات صلة بمعيشة المرء وأن الأدوية التي تؤخذ للتخلص منها هي غير ذات جدوى أو أن لها أثرا جانبيا على الغدّة الفلانية . ويمضي الخبر بأن وكالة الغذاء والدواء الأمريكية ستعيد النظر بتعاطيها . ان الدهون الثلاثية في الجسم البشري هي وراثية ومعالجتها سلوكية أكثر منها دوائية . المريض – في حالة كهذه – سيرتبك ، وربما عاود سؤال طبيبه عن دقة أو عدم دقة ما نُشر من أخبار . والمثير في جوانب طوفان الإعلام الطبي الحديث ، عبر الفضائيات وشبكة الانترنت ، أن أول الخبر يأتي سلساً ناعما مريحا ليقول :التوصل إلى علاج فعال لمرض ( ... ) لكن الخبر ينتهي بعبارة : ولازالت التجارب تُجرى على الفئران.! وعندئذ يذوب حماس القارئ وتنطفئ جذوة الأمل . وإن كان طبيب " هبرة الساق " في الماضي يجهل عناصر الطب الحديث فهو على الأقل لا يحمل سجلا محملا بالأخطاء الطبية التي نسمع عنها اليوم . وطب اليوم يحمل التقدم العلمي ، ويحمل أيضا سوء التشخيص ، كذلك يحمل أخبار الجراحة الدقيقة ويحمل معها الأخطاء الطبية التي بدأنا نسمع عنها بكثرة هذه الأيام . وتختلف أعراض الأمراض تبعا لنوعها، والأسباب الكامنة للإصابة بها والمشاكل الصحية الخاصة بالمصاب. وقد يترافق مع مشاكل طبية أخرى قد تؤدي إلى ظهور أعراض لتلك المشاكل الصحية أولا. فهل يُجري طبيب هذا الزمن فحوصا تجعله يُلاحظ هذا ؟ وهل الإصابة بسيطة أو تطورت على مدى فترة زمنية طويلة من الوقت، فقد لا يتم ملاحظة أي عرض. ولكن بشكل عام الاكتشاف المبكر للعلة قد يُسهّل العلاج ..