استمرت أزمة ارتفاع أسعار الحديد في تداعياتها المتلاحقة حيث برزت يوم أمس وأمس الأول سوق سوداء لبيع حديد التسليح بعد إعلان موزعي الحديد عن عدم وجود مخزون لديهم وزادت الأسعار بنسب متفاوتة مابين 300 ريال و500 ريال للطن بزيادة خمس وعشرين بالمائة عن الأسعار المعتادة والمعروفة والتي تعلنها وزارة التجارة أسبوعيا عبر مؤشرها لأسعار الحديد وأفرزت ظاهرة السوق السوداء فرصه سانحة لبعض الوافدين السماسرة في بيع كميات متفاوتة من حديد التسليح وعرضها على المقاولين والمواطنين بأسعار مبالغ فيها وسط تخوف من المستهلكين من استمرار الأزمه وارتفاع الأسعار بشكل متصاعد على غرار أزمة الحديد السابقة في 2008م في ظل غياب الشفافية الكاملة لحجم وأرقام السوق وحجم العرض والطلب والكميات المتوفرة لدى موزعي الحديد. وقال ل"الرياض" فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين بالغرفة التجارية بالرياض بأن أزمة الحديد الناشئة حاليا تستوجب على سابك أن تقوم بدورها بحفظ توازن السوق وذلك بضخ كميات كبيره من الحديد وتحديد الأسعار بسعر التكلفة حتى وإن تنازلت قليلا عن أرباحها تحقيقا لاستراتيجية وأهداف خادم الحرمين الشريفين في تنفيذ المشاريع الجبارة لإرجاء الوطن، محذرا بنفس الصدد من استمرار تداعيات الأزمة وتكرار ما حصل في عام 2008م والتي تسببت بإشكاليات كبيرة للمقاولين والمواطنين. وأكمل الحمادي أن بعض أقطار الحديد اختفت من السوق حاليا وسط تضارب أقوال وتبريرات الموزعين والذي يبرر بعضهم اختفاء بعض أنواع الحديد بعدم توفر الحديد لدى سابك حاليا. وطالب الحمادي وزارة التجارة بتكثيف جولاتها الرقابية على مستودعات الموزعين وتطبيق عقوبات صارمة على المخالفين ومحتكري السلع وإشهار تلك العقوبات بوسائل الإعلام لردع المخالفين وضعاف النفوس والذين يجدون مثل هذه الأزمات فرصة سانحة لتحقيق أرباح غير مشروعة. ودعا إلى عدم تضخيم أنباء الأخبار العالمية المعتادة مما يجعل البعض يجدها ذريعة وفرصه لرفع الأسعار كيفما اتفق مما يؤدي لإرباك المقاولين وشرائهم كميات كبيرة بغير أسعار السوق الحقيقية خوفا من تفاقم الأسعار ولعدم تعثر مشاريعهم. وشدد الحمادي على ضرورة تكاتف الجهود الحكومية للقضاء على هذه الأزمه وذلك بفتح الاستيراد للحديد وخفض الرسوم الجمركية كما حصل في أزمة 2008م في حالة نقص المعروض المحلي وهو مايساعد على حفظ استقرار السوق. من جهة ثانية قال إبراهيم الراجحي أحد المستثمرين في قطاع المقاولات إن هناك عدم وضوح في الأسباب الحقيقية للازمة الحالية بعد شيوع الأنباء بأن سابك وبعض المصانع الأخرى تقوم حاليا بعملية صيانة لأفرانها الخاصة مما أدى إلى نقص الكميات المطلوبة بالسوق وهو مالم يتم نفيه أو تأكيده حتى الآن. وأردف أن جزءاً رئيسيً من مشكلة الحديد الحالية مفتعلة، حيث يلاحظ حاليا عدم وجود أسعار ثابتة للموزعين والمصانع المنتجة باستثناء سابك التي تقوم بإشعار الموزعين عند حدوث أي تغيير بالاسعار حيث تقوم هذه المصانع بتغيير الأسعار بسعر متفاوت للموزعين والتجار والمقاولين والمواطنين بشكل مختلف وغير منظم، إضافة إلى عدم وجود قائمة أسعار ثابتة لديها، وأن ألازمة الحالية مؤقتة وستنتهي متى ما تم فتح الاستيراد بخفض الرسوم الجمركية كما حصل في الأزمة السابقة. وأكد الراجحي أن الكثير من أصحاب المشاريع يقومون حاليا بإرسال مندوبين تابعين لهم للبحث عن من يبيع الحديد والشراء بأي سعر تفاديا للتأخر في انجاز المشاريع مشيرا إلى أن الزيادة العالمية بأسعار الحديد لم تتجاوز الخمسة بالمائة لبعض الأقطار بينما وصلت محليا إلى خمس وعشرين بالمائة خلال الثلاثة أشهر الماضية. ونوه بأهمية قيام سابك كونها تستحوذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق وكونها عراب السوق المحلي بالمبادرة بتوضيح إنتاجها ومخزونها وكمية بيعها للموزعين للقضاء على الممارسات غير الشرعيه من قبل بعض الموزعين والتجار. واختتم الراجحي حديثه بأهمية التدخل الحكومي لكبح أسعار الحديد بالقيام بعملية الاستيراد كماحصل أثناء أزمة سلع الرز والسكر مما يردع المتلاعبين من تكرار بعض الممارسات والتي تنشأ بين الفترة والأخرى من دون أي أسباب حقيقية.