أقفلت مراكز بيع الحديد أبوابها أمام المستهلكين معلنة عدم وجود أي كميات من الحديد رامية بالمسؤولية على المصانع التي بدورها ألقت باللائمة على الوكلاء مدعية أنها تسلم الكميات بانتظام دون توقف حسب ما أشارت لعملائها، الأمر الذي تسبب في توقف امدادات الحديد المسلح للمقاولين والمنفذين للمباني والمشاريع، وكانت " الرياض " قد أشارت منتصف الشهر الماضي الى بداية عمليات تعطيش السوق للتمهيد لعملية رفع الأسعار، أعقبها تطمينات من وزارة التجارة باستقرار الأسعار وتوافر الكميات، لتعلن بعد ذلك بأيام شركة سابك تعديل أسعار منتجات الصلب الطويلة – من قضبان التسليح ولفات الأسلاك – بإضافة مائة ريال للطن المتري اعتباراً من مطلع شهر مارس الحالي. إلى ذلك أبدى عبدالله العمار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية استغرابه من المماراسات الاحتكارية التي يسعى من خلالها منتجو الحديد لتحقيق أرباح كبيرة تؤدي لأضرار جسيمة بالمقاولين والمستهلكين عبر رفع الأسعار بطريقة غير مبررة، اضطرت معها المقاولين والمستهلكين لتحمل خسائر كبيرة أثرت على عمل مشاريع تنموية وخدمية كبرى. وقال العمار إن المنتجين يعيدون التاريخ نفسه وما تسبب فيه الرفع غير المبرر في عام 2008م إلى تعطيل المشاريع، والأضرار التي طالت الجميع من تأجيل المشاريع وتكدس الحديد وتعرض المصانع نفسها لخسائر نتيجة توقف المستهلكين عن الشراء لحين انخفاض الأسعار، معتبرا أنهم يعيدون الكرة دون عبرة من أخطاء الماضي. وأضاف العمار:"كثير من المقاولين تعرضوا للإفلاس وهناك مناقصات كبرى ذهبت لمقاولين أجانب بعد تعرض سمعة المقاول السعودي لكثير من التشويه بينما السبب الفعلي هو الارتفاع الجنوني في أسعار الحديد وبمعزل عن الأسعار العالمية ونحن في الأساس مرتبطون بعقود مثبتة وإجرءات التعويض قد تكون صعبة". وأوضح العمار أن السوق يعاني من شح شديد في كافة المناطق حيث بدأت الأزمة بعد رفع سابك لأسعار حديدها 100 ريال للطن لتتبعها بقية المصانع،مضيفا :" المنتجون يدعون أنهم يسلمون الكميات للوكلائها والوكلاء بدورهم ينفون ذلك، ونحن ". وكشف العمار أنهم سيبعثون ببرقية عاجلة لوزير التجارة عبدالله زينل للتدخل في هذا الموضوع والذي أكد غير مرة أنهم مهتمون بتوافر المخازن الآمنة وتوفير 10% من المخزون لسد احتياجات السوق من الحديد ومواد البناء بشكل عام، مضيفا :"لا نرى الآن أي مخزون والأسواق خالية تماما وللأسف أننا ضعنا بين يدي المنتجين والموردين، والمقاولين يشتكون من عدم أي توفر كميات بالسوق، ولا بد من دخل رادع من وزارة التجارة، وإلغاء التعرفة الجمركية التي تمت العودة لفرضها مؤخرا على استيراد الحديد بواقع 5%". وأكد العمار أنه بالرغم من المزايا الكثيرة التي يحظى بها المنتجون المحليون من منحهم لأراضي وتعرفة مخفضة على أسعار المياه والكهرباء ودعم الغاز، إلا أن الحديد المستورد كان أرخص من الحديد المحلي في عام 2008م،معتبرا أن عبدالله العمار المقارنة مع أسعار الحديد عالميا تعتبر غير منطقية مع ما يحظون به من مزايا نسبية. من جانبه قال محمد العريفي المدير العام لمجموعة التجويد إنه لابد من إنشاء ميناء خاص بالحديد في المملكة لوقف هذه الأزمات المتكررة من التقلبات في أسعار الحديد وللتواصل بشكل مباشر مع الأسعار في البورصة العالمية. وأكد العريفي أن الارتفاع في الأسواق العالمية لم يتضح حتى الآن، متوقعا أن يرتفع مع نهاية العام بحدود 25% ولن يتجاوز هذا الحد على الأكثر من واقع الطلب والعرض في الأسواق العالمية، معتبرا أن ما يحدث في السوق السعودية بسبب الشائعات أدى لأضرار جسيمة على المستهلكين وخاصة مع أزمة الحديد في عام 2008م. كما قال ماجد المحيميد أحد العاملين في مجال الاشراف وتنفيذ المشاريع السكنية أن السوق شهد خلال الأسابيع الماضية شحاً كبيراً في حديد التسليح، ولم يتوفر إلا بكميات بسيطة مطلع الأسبوع الحالي بعد أن تم رفع الأسعار من قبل الشركات المحلية المنتجة لحديد التسليح، مبينا أن التصاريح التي نشرت مؤخرا في " الرياض" حملت توجيهاً جيداً للعاملين في هذا القطاع بأخذ الحيطة عند التعاقدات المقبلة تجنباً لنشوب الخلافات التعاقدية في حال ارتفاع الحديد كما حصل في الأعوام السابقة عندما ارتفعت أسعار الحديد وما نتج عنه من تعثر الكثير من المشاريع وتكبد البعض منهم شيئاً من الخسائر المادية. وأبان المحيميد أن أزمة حديد التسليح بدأت تلوح مجدداً بداية من أمس الأول بعد صدور التحذير في وسائل الاعلام، حيث إن معظم الموزعين يفيدون بعدم توفر الحديد، وهذا خلاف ما كانوا يعدون به خلال الأيام الماضية بأن الحديد سيتوفر بكميات كبيرة هذه الأيام بعد الارتفاع الأخير إلا أن (التحذير) قطع الأمل أمام المستهلك بتوفر هذا المنتج، وكشف حسين منصر مسؤول مبيعات بشركة المتولي للمنتجات الفولاذية أن أسعار عدة انواع من الحديد المسلح ( 12 – 14 – 16 ملم ) ارتفعت من 1800 ريال إلى 2200 ومرشحة للارتفاع إلى 2500 مالم تتدخل وزارة التجارة خلال الأيام المقبلة، معتبرا أن مخازن الموردين مليئة بحديد التسليح إلا أنهم توقفوا عن البيع بعد رفع شركة سابك للأسعار بواقع 100 ريال للطن وإيقاف المنتجين لعمليات البيع ورفضهم في ذات الوقت لتسعير الحديد، مؤكدا أن المصانع أوقفت الطلبات الجديدة منذ 14 فبراير الماضي ورفضت تسليم كميات أخرى بعد ذلك إلا للفسوحات القديمة وعبر أجزاء من الكميات المطلوبة.