هناك خلط معلومات وبالتالي خلط العناية بالأولويات.. لا شك أننا جميعاً يهمنا أمر الزميل الصحفي متفرغاً كان أو متعاوناً، لكن لا بد من إيضاح الفرق المهني بين الصفتين.. المتعاون لا يمارس الصحافة وهي مهنة أساسية، أما المتفرغ فهو يمارسها وهي وظيفته الوحيدة وجميع مستقبله مرتبط بها.. بالطبع ما كان من الممكن أن يتوسع عدد المتعاونين، فيفوق في بعض المؤسسات الصحفية عدد المتفرغين، لولا إهمال مزايا التفرغ وضعف المغريات.. كيف يترك متعاون وزارة عمله إذا كان راتبه في حدود الثمانية آلاف ريال، بينما جريدته لن تعطيه أفضل من هذا المبلغ بل ما بين الأربعة والستة في البداية؟.. ثم ما هي ضمانات التفرغ ومزاياه؟.. هو كمتعاون يضمن في وزارته حقوقه التقاعدية وزيادته السنوية، فكيف هو وضعه لو تحوّل إلى متفرغ؟.. أجزم أنه في سبيل التوسع في عدد المتفرغين وجعل الممارسة الصحفية العملية مهمة رسمية ومضمونة الحقوق لا بد من تعاون بين وزارة الإعلام وهيئة الصحفيين لإعادة النظر في نظام المطبوعات وإيجاد مواد تلزم بحد أدنى في التفرغ داخل الصحف اليومية وضمان الزيادة السنوية في المرتب وكذا وضع حد أدنى للمرتب.. في جريدة «الرياض»، ونحن لا نطبل ولا نزمر، لكن منذ بضع سنوات والمحرر يتقاضى زيادة سنوية ومرتب شهرين بدل سكن ومرتب شهرين نصيبه سنوياً من الأرباح.. ويوجد في عضوية ملكية المؤسسة ما يقارب الثلاثين - كتّاباً ومحررين - وبينهم سيدات.. لماذا لا تُلزم الصحف اليومية بذلك؟.. لماذا لا يُطفأ وهج هوس الأرباح عند بعض المتدنية أرباحهم ويكون تطوير مستوى قدرات المحرر أولوية أولى؟.. وللمالك الحق في تطوير رأسمال صحيفته.. فيما يخص الحضور الصحفي للمرأة لا يستطيع أحد أن ينكر تألق وجوده، بل تسارع عدد المتفرغات في «الرياض» حيث بلغ بين صحفيات وكاتبات ما يقارب الثلاثين اسماً وهو يتصاعد بشكل ملحوظ.. ولا تُمنع المحررة من ممارسة أي مهمات صحفية بما في ذلك المشاركة في ندوات ومؤتمرات وفرص تدريب تقام في الداخل أو الخارج، لكن طبيعة حياة المرأة.. المنزلية والاجتماعية.. تجعل من الصعب أن تمارس دوراً قيادياً أو شبه قيادي كالمتفرغ، فتكون متواجدة في العمل ما بين العاشرة صباحاً وحتى الحادية عشرة ليلاً مع إفراغ زمن محدود للغداء وكذا العشاء.. ولا نريد أن نتوقف عند الصحافة السعودية، لكن عند مَنْ سبقونا بأكثر من مئة عام من النادر أن تجد صحيفة يومية ترأسها سيدة.. ليس لعدم قدرتها لكن لاختلاف مسؤولياتها الاجتماعية والمنزلية..