قبل أيام شهدت الرياض " العاصمة " تظاهرة فكرية ثقافية إبداعية تجسدت في العناوين التنويرية التي ميزت معرض الكتاب،وأضافت اليه وهجاً احتفائيا ، وبعداً انفتاحيا يعيش الوطن مخاضات ولادته ، ويستعيد عبره مكانته الريادية في صناعة الوعي ، والتنوير، وإشاعة الثقافة كسلوك وممارسة ، وتحصيل معارف أممية ، وترسيخ مفاهيم واعية تأخذ بُعدها في سديم الحضارة والفكر الانساني ، وبهذا يكون الانسان في هذا الوطن على تماس مباشر مع المنتج الانساني الأممي من الفكر الخلاق ، والوعي المتفوق ، وتكون فضاءات الوطن تربة منتجة ومستوعبة وحاضنة لكل عطاءات الخلق ، والإبداع في هذا الكون الواسع . احتوت ، واحتضنت الرياض " العاصمة " معرض الكتاب بكل تجليات الوعي في مضامين عناوينه ، واحتفت بالكثير من الناشرين الذين يقدمون الكلمة والحرف كتبشير رسولي لصياغة عقل الإنسان ، واستشراف مستقبلاته، وكانت الصورة النمطية التى حددت لنا بأننا مجتمع أحاديّ الثقافة ، مقولب في نمط فكري معين ، نضيع ونتحول الى حالة إشفاق حضاري وفكري إذا مالامسنا المنتج الثقافي للشعوب والمجتمعات الأخرى ، بينما الواقع المعاش أن الوطن هو منبع إنتاج ثقافي متميز ، وهادف ، وفضاء رحب للمتميزين الذين استطاعوا أن يضيفوا عبر ثقافاتهم المتنوعة بعداً واسعا لماهي عليه ثقافة المبدع السعودي في هذه الصحراء الملهمة ، وأنه كائن مؤثر وفاعل في إنتاج حوار الثقافات ، وتلاقح الأفكار ، وتشكيل مناحي التوجه ، وصناعة العقل . أتت تظاهرة معرض الكتاب بكل إيحاءاتها، وأهدافها ، وأغراضها بعد تظاهرة أخرى هي بنفس الاهمية والمكانة والإيحاء ، أتت بعد تظاهرة معرض وزارة التعليم العالي الذي أعطى أبعاداً انفتاحية ، وبعث برسائل واضحة ومقروءة لمن يحاولون أن يعيقوا مسيرة الوطن التحديثية ، ويسربلوا خطواته السريعة نحو الدخول الى دائرة التأثير ، وصناعة التاريخ. واليوم تشهد الرياض " العاصمة " احتفالية مهيبة تتمثل في " المهرجان الوطني للتراث والثقافة " وما يصاحبه من ندوات ومحاضرات ومناشط ثقافية . وأعتقد أن تناول المهرجان أصبح تحصيل حاصل ، ولن ينبثق أي جديد في التناول ، غير أن مايهمني هو قيمة الأسماء الأدبية والفكرية والعلمية المتواجدة لإثراء المهرجان ، وبالتالي عقل المتلقي ؛ فالأسماء التي تحتفي بها "الرياض"العاصمة هي قامات شامخة ، ورموز عظيمة في الفكر العربي والأممي ، مع اختلاف آرائها ، وأفكارها ، وتوجهاتها ، وتنوع مدارسها الفكرية، وتلاوين إيماناتها . الرياض بهذا الحشد التنويري ، والهامات الرائدة ، والعقول المفكرة تعطي للآخرين مؤشرات الانفتاح الإبداعي الذي تعيشه عبر حراكها التنموي ، والحياتي ، والاجتماعي . والمسيرة التي تشهدها نحو أمكنة القمم .