الزمن يغيّر كثيرا من المفاهيم ، يؤثر في أساليب التعاطي مع أنماط الحياة الثقافية ، والفكرية ، والاجتماعية ، والاقتصادية،يفرض واقعا جديدا بحكم التحولات ، والمستجدات ، والمتغيرات في وعي العالم ، وإنجازات العقل البشري في حقول المعرفة والتنوير والوعي الفردي والجمعي ، والزمن تيار عنيف وهادر لايمكن الوقوف أمامه بأي صورة ، وإذا لم تتعامل مع الزمن بعقل منفتح ، ومستوعب ، وتتوفر عندك الرغبة في الدخول الى رؤى الخلق ، والإبداع ، والإنتاج ، والحداثة ، والتحديث . فإن الزمن لن ينتظرك ، وبالتالي لن يرحمك ، أو يشفق عليك ، أو يمنحك الفرصة مرة ثانية لترميم آثار سقطاتك ، وأخطائك ، وتخلفك،بل سيكون موتك حتميا ، وسقوطك مريعا . والذي لايتعامل مع الزمن ، ومتغيراته ، ومنتج التحولات فيه ، هو كائن محدود الأفق لايمكن أن يكون صالحا للحياة ، فضلا عن أن يكون مؤثرا ، أو فاعلا ، أو موجها ، أو مستشرفا لآفاق المراحل التاريخية الاجتماعية ، والفكرية . ولهذا سيبقى في محيطه الضيق والمحدود ، هذا إذا لم نقل المظلم ، السادر في تكهفه . وسيكون عبئا مخيفا على انطلاقة المجتمع ، وصناعة تاريخه،وصياغة مستقبلاته المعرفية ، والتنويرية . باعثا على إنتاج الإحباط ، والعجز عند البعض ، مكرّسا لثقافة التخلف ، والرفض، وإقصاء الآخرين ، وفرض نمط أحادي في الثقافة ، والسلوك ، والفهم . قبل أيام شخصت الى المعرض الذي أقامته وزارة التعليم العالي ، وتلبسني فرح أسطوري مبهر ، بما شاهدته من تحول لم يكن في الذهن مشاهدته بعد ثلاثين أو اربعين سنة . وآمنت بأن الزمن يفرض الواقع كحقائق معاشة ، وأنه بمعطياته ، وتلاقح الثقافات فيه قادر على تجاوز الكثير ممن يبيعون بضاعة لاتتناغم مع معطيات العصر . وأمس ، أمس القريب افتتح معرض الكتاب في الرياض ، ولست في وارد الحديث عنه كحدث ثقافي ، وفكري ، وتظاهرة للوعي ، والفكر ،ومؤشر على المسافات الزمنية التي قطعناها في خلق هويتنا الثقافية ، والمعرفية ، والفضاءات التي أوجدناها لأنفسنا وسط عالم سبقنا بأزمنة طويلة . لكن الذي يعنيني الآن هو دور المثقفة السعودية في المعرض ، إذ ظلت تعاني من الإقصاء والتهميش ، والترويع ، والتخويف فترة طويلة ، وعانت من اضطهاد الفكر الأحادي مالم تتحمله مثقفة في هذا الكون. في هذا التجمع الثقافي الكبير والثري ، والذي استضاف الكثير من مثقفي العالم العربي مشرقه ومغربه ، برز صوت الزميلة المبدعة الاستاذة شريفة الشملان لتلقي كلمة " أهل الثقافة " ، ثم صدحت الاستاذة اعتدال ذكرالله بقصيدة احتفائية بالمعرض، ليدوي صوت المرأة المثقفة ، الواعية ، المساهمة في إنتاج الوعي ، والتنوير في هذا المجتمع الموجوع بتناقضات البعض فيه، وبؤسهم الفكري .. أما بعد . لم يعد صوت المرأة من خلف الباب عورة !؟