أن يُطلَق على الحدث المفصلي في حياتنا الثقافية والأكاديمية الذي تبنته وزارة التعليم العالي تسمية «المعرض الدولي للتعليم العالي» فهذه تسمية متواضعة جداً، إذ إن الحدث يفوق هذه التسمية والمسمى بكثير ،0 فهو تظاهرة أكاديمية فكرية ثقافية رؤيوية، وهو انبعاث لمجتمع ظل يناضل من أجل المعرفة، والتنوير، واكتساب المهارات، والدخول في صناعة الوعي الأممي، وبناء الحضارة الإنسانية بشتى معارفها، وفنونها، وأنماطها. وهو - أيضاً - تحدّ لمعوقات كثيرة طبعت حياتنا الاجتماعية، والتنويرية من إقصاء، ومصادرة رأي، وتهميش، وفرض نمط تفكير مقولب يرفض الحداثة، ويهاجم العقل، ويريد أن نبقى مسربلين في مفاهيم ورؤى عصور الانحطاط، والغياب الفكري، وتعطيل العقل كمصدر إبداع، وخلق، وتوثب ، وكأننا نعيش في كوكب آخر لا نتعامل، ولا يوجد تلاقح مع ثقافات، وأفكار شعوب أخرى، ومنتج مجتمعات تسعى إلى التكامل، والفهم، والمشاركة مع الآخرين. إن هذا الحدث الذي احتضنته الرياض - العاصمة - وعملت وزارة التعليم العالي على إقامته شكّل عند المجتمع بكل شرائحه، وأطيافه، وثقافاته حالة وعي بأن هناك رؤية للتحول في مسارات كثيرة، ومفاهيم متعددة. وإن العزم توفر لدينا بشكل قوي للتوجه إلى الإنسان صياغة، وصناعة، ووعياً، وفهماً، وتحولاً فهو الثروة الحقيقية، والمخزون المتفوق للتاريخ، والجغرافيا، والإرث الحضاري والإنساني، وإن النفط ما هو إلا سلعة لم تكن في يوم من الأيام هي الرصيد في البناء، وتأسيس مداميك التنمية. لقد أثبتت وزارة التعليم العالي من خلال هذا الحدث أنها تتجاوز النمط الإداري الضيق، إن لم نقل الهامشي، وتكتفي بدور الإشراف، والتخطيط الورقي، إلى فضاءات التأثير في المجتمع ككل، وإنتاج المعرفة، والثقافة، والعقل البشري كأسس تقوم عليها المستقبلات، وتفتح أبواب الفراديس لمجتمع متوثب، متعطش إلى العلم، والتنوير، ومكان له في قمة التاريخ الإنساني. المفرح جداً، ألف جداً، أن معالي د.علي العطية قال لنا خلال زيارتنا (تركي، يوسف، وصاحب الزاوية) أن هذا الحدث سيكون متتابعاً، وقد حجز له لمدة خمس سنوات قادمة. والسؤال: - إذا كان هذا أول الغيث، فإن فضاء الفراديس الأخاذة من المعرفة، والعلم، والتنوير سيكون بانتظارنا. تحية إلى وزير التعليم العالي، وإلى نائبه، وإلى كل رجالات وزارة التعليم العالي.