أودع الخالق سبحانه حواس كثيرة لدى الحيوان ، والكلاب خاصة . لكن الخالق لم يودع لدى الكلب حاسة معرفة القيمة المالية لصاحبه ، وعما إذا كان الصاحب ذا مال وفير ، أو محتاجا فقيرا . وضُربت الأمثال بوفاء الكلب حتى أصبحت أكثر من أن تُحصى . قرأتُ حكمة أو هي مثلا إنجليزيّا يقول : إذا أردتَ أن تعرف مقدار ثروتك أو غناك فلا تعد مقدار العملة التي تحت يدك أو الأرصدة التي في حسابك ، أو ما تملك من بضائع وعقارات . عليك فقط أن تذرف دمعة ... ، ثم احص من يُبادر إلى مسْحِها . ولدينا من الأمثال والحكم في الشعر والأدب العربي ما يدعونا إلى القناعة بأن الرجل المحبوب هو الثريّ . قال شاعر : - لو لَحََنََ الموسرُ في مجلسٍ لقيل عنه إنه يُعْرِبُ ولو ( ... ) يوماً لقالوا له من أينَ هذا النَّفَسُ الطّيبُ وقال آخر : وما أكثر الإخوان حين تعدّهم ولكنهم في النائبات قليلُ لكن هذا الموسر لن يجد أغلب زملاء الثروة والأنس وسرعان ما يتوارون عنه لمجرّد هزة مالية مر بها خوفا من أن يطلب منهم العون والسند . ومتى ما ظهرت بوادر الإفلاس عند المرء – رغم إتاحة صكوك الإفلاس – فقلما يجد " المصاب " علاجا من داء اسمه " الاجتناب " أو " التفادي " من أصدقاء الرصيد أو منتفعي المنصب . هذا ما لديّ لكنني أقف عند مفردة " أفلس " فأقول إنها تعنى من لم يَبْقَ له مالٌ، كأَنما صارتْ دَراهِمُه " فُلوساً "، أو صارَ فقيرا بحيثُ يقالُ: ليس معه فَلْسٌ. وقال المعجميُّ رفائيل نخلة في كتابه " غرائب اللغة العربية " إن كلمة " فلس " دخيلة من اليونانية ، وتعني نقدا نحاسيا ( follis ) قطعة نقد صغيرة زهيدة الثمن . وأفلَسَ الرجل : لم يبق له مالٌ ، كأنَّما صارَت دراهِمُه فلوساً . وتحمّلوني لوذهبت بعيدا بعض الشيء ، لأقول إن الإنجليزية اختارت لفظة ( بانك رابت ) ) ; ( كلمة واحدة )BANKRUPT لتعني " المفلس " وليس لذلك بالفلس والفلوس . لكنها دخلت الإنجليزية في العام 1530 للميلاد – كما جاء في معجم الجذور الإنجليزي . وجاءت من أدبيات اللاتينية (المصطبة المكسورة). Banka rotta التي اعتاد الصرافون والمقرضون الجلوس ووضع العملات عليها. وقانا الله وإياكم الحاجة إلى غيره .