حينما تفشل علاقة وجدانية ، وتنقطع وشائجها ، تحدث صدمة عاطفية أقسى من الاصطدام بالأرض الصلبة ، وأشد مرارة من العلقم ، يصاب الشخص حينها بانعدام التوازن ، فيتبدل أمنه خوفاً ، ونومه أرقاً ، وعافيته مرضاً ... ***** قد يخطط الشاب للزواج من فتاة أحلامه ، فيبني قصوراً في الهواء ، وقد تحجر الفتاة لنفسها شاباً تعتقد أنه زوج المستقبل ، فترسم معه حياة وردية في مخيلتها اليافعة ، ولكن هذه المراهِقة أو ذاك المراهق ، نسيا أو جهلا ضوابط الشرع ، وقوانين الحياة ، وآداب المجتمع وأعرافه ، ولذلك سرعان مايتحطم ذلك الزورق الخشبي الصغير بأول صخرة تعترضه ، وتتحطم معه قلوب غرة صغيرة ، لم يتعنّ آباؤها أن يعلموها بأن لكل شيء آداباً وأصولا وقوانين ، وأن ( الحب ) رغم سهولة الخطوة الأولى في دربه ، إلا انه درب لا رجعة فيه ، بل ان دربه يصيب صاحبه بالعمى والإدمان ، فلأجل حبيبه يبيع ماله ويعادي أهله ، ولا أخطر من حب المراهقة الذي يذهب ببقايا عقل المراهق الثائر ، فلا يبحث عن حبّ قريب من مستواه العقلي والتعليمي والاجتماعي والعمري ، ولا حتى يراعي الأعراف الاجتماعية والفروقات النسبية التي تقف أمامه كالجبال الشامخات ، لأنه يرى أن الحب قويّ وفوق كل اعتبار !!!... ***** وعندما يحصل الانفصال أو الفراق أو الطلاق أو الهجران ، تحدث صدمة عاطفية نفسية ، لا يستطيع وصفها إلا من كابدها ، أشبه بالموت ، أو بالزلزال أو بنهاية العالم ، فهو لن يستطيع أن يعيش بدون ذلك الحبيب ، ولن يستطيع أن يجد مثل ذلك حبيباً ، ومن يشبه الحبيب ؟؟ ، ويدخل حينها المصدوم في مرحلة التكذيب والإنكار ، فلا يصدق ماوقع ، يظنه حلم ليل ، أو نوعاً من المزاح الثقيل ، أو ربما هناك لبس وسيتم تعديله ، وينشغل المخ حينها بإيجاد الأعذار والمبررات ومخالفة المنطق والظاهر ، دفاعاً عن قضية فاشلة ... ***** ثم يدخل المصدوم في المرحلة الثانية وهي مرحلة القهر والغضب ، لأنه شخص مظلوم وهو المتضرر الوحيد ، وان قلبه قسا عليه بشدة ، فيبكي كثيرا ، وينعزل عن العالم والمجتمع ، ويحاول أن يجد سبباً مقنعاً لماحدث ، يكره نفسه والناس من حوله ، وتتبدل أخلاقه إلى عدوانية وغضب ، ويحاول أن يعاقب نفسه بغمسها في التعاسة والإهمال وسماع كلمات الحزن ونغمات التعاسة ، حتى يفيق .. ***** وعندما يفيق، يكون قد دخل في مرحلة جديدة من الاستقرار والتكيف والتعايش مع الواقع ، وقد يعجب حينها من ضحالة تفكيره وصغر أفقه حين حبس نفسه في بوتقة حبيب قد باعه وتركه ، فيستأنف حياته من جديد بعد أن تعافى ..!! ***** ولكن بعض المصدومين عاطفياً خصوصاً المراهقين منهم ، تكون صدمته قوية جداً ، فيجلب له الحزن الشديد دوامة من الأمراض الجسدية كأمراض القولون والقرحة والضغط والسكري وارتفاع نسبة الكلسترول في الدم ، وربما دخل في ضغوط نفسية تخلف له العقد النفسية والهموم والمعاناة العقلية ربما ... ***** يالله كم من مراهقة ذرفت على سرير عيادتي سيلاً من دموع الحزن ، بسبب حبّ كانت بدايته خاطئة وقوانينه معكوسة وطريقته مخالفة ، وبالتالي كانت نتائجه مدمرة وقاهرة ، في غفلة من الآباء الذين بخلوا بالتوجيه والنصيحة والتحذير ، وللحديث بقية من حياة ، وعلى دروب الخير نلتقي ...