ذهب «المهاتما غاندي» ضحية هندوسي رفض أفكار الزعيم الكبير بتعايش الهندوس مع المسلمين، والآن هناك أكبر تجمع إسلامي في الهند يفوق سكان دول مثل أندونيسيا ونيجيريا والباكستان، وأبو الكلام مهندس ومنتج القنبلة النووية الهندية مسلم استطاع أن يصل إلى رئاسة الجمهورية، ويعد رمزاً قومياً فيها.. وعندما نستعرض التاريخ نجد أن هذه الدولة الكبيرة، هي من حمل مسؤولية إعادة تحقيق ونشر التراث الإسلامي باللغة العربية وبناء المدارس التي تختص بتعاليم هذا الدين، وفي مختلف فترات التاريخ نجد الدولة الكبرى حاضرة في بنيتنا الفكرية والعلمية عندما كانت الترجمات من اللغة «السنسكريتية» للعربية ظاهرة أساسية في لغتنا وتطورنا العلمي والثقافي.. في العصر الراهن كانت الهند مؤسِّسة لدول عدم الانحياز ومؤيدة للقضايا العربية، وحتى بعد انفصال باكستان عنها، ظلت وفية لتعهداتها والتزاماتها في علاقاتها مع العرب والعالم الإسلامي، وهذا المسار الطويل، هو الذي جعل المملكة شريكاً أساسياً اقتصادياً وأمنياً، واستفادة من منجزات هذه الدولة التي تشكّل في عالم اليوم أهم مركز ومصدر (للمبرمجين) في الحواسيب وإدارة أعمال شركات كبرى من وسط الهند لخارجها.. قطعاً مايجمعنا مع هذا البلد الكبير، والذي يزحف لأنْ يكون رقماً أساسياً في الجلوس على الكراسي المتقدمة، عوامل التواصل التاريخي والجغرافي، إذا ماعلمنا أن التجارة منذ التوابل والأخشاب وصناعة السفن وغيرها، إلى الشراكة الراهنة في الاقتصد والتعليم والصحة، والعمالة الماهرة ومن دونها تجعل كلاً من المملكة والهند على رأس قائمة من يؤمنون بالشراكة في مختلف الميادين، وفي الزيارة الراهنة لرئيس وزراء الهند الدكتور «مانموهان سينغ» يعيد تاريخ زيارات متبادلة منذ «نهرو» وحتى اليوم، والملك عبدالله الذي يؤكد أن صيغة العلاقات السياسية لا تبنى على أحادية الجانب، أو الإملاءات من الأقوى للأضعف، أو التحالفات ضد عدو ما، يؤمن أن استقلالية القرار بين البلدين وتعزيز فرص السلام في العالم، هما اللذان جعلاهما بمنأى عن الغرق في القضايا الجانبية على حساب المصلحة الوطنية والقومية.. الهند تتطلع، وخلال السنوات القادمة، لأنْ تكون قامة كبرى بين الدول العظمى يؤهلها لهذا الدور مساحتها وسكانها وخططها طويلة الأمد، وبنيتها الفكرية والعلمية وديموقراطيتها التي لا يوازيها في تعدديتها وألوانها الدينية والقومية أي بلد آخر، وكذا المملكة التي تبحث عن الشركاء من خلال قيم أخلاقية تراعي مختلف المصالح، وحين تكون الهند شريكاً مفضلاً للمملكة نجد كل المبررات توفر هذه العلاقة، سواء كانت لحاجتها للنفط والسوق السعودي، أو الصادرات والواردات من كلا البلدين وهي صيغ تنطلق من بداهة عامة، أي أن محور الجدلية العالمية ينصب على الاقتصاد كعمود فقري لأي بناءٍ للعلاقات.. ومثلما تتلاقى الأفكار والمصالح وتتجدد الثقة في مسار البلدين فإننا على يقين أن التطورات اللاحقة في مجالات التكنولوجيا والفضاء والصناعات والموارد البشرية، ستكون على قائمة الأولويات، وهذا يعد توسيعاً لنطاق المعاملات بين بلدين يؤكدان صداقتهما وضرورة كلّ بلد للآخر..