سوق العمل في المملكة يحتاج الى عقول وتحصيل كل أبناء الوطن، فهم من يعتمد عليهم في مسيرة التنمية الشاملة، وهذا يحتم مشاركة كل الشرائح، وبالذات مساهمة المرأة كعنصر بشري عليه واجبات ومسئوليات إنتاجية. ومن هذه الشرائح شريحة المهندسات، حيث أكد كثيرات منهن أن المرأة السعودية استطاعت أن تثبت نفسها في مجال الهندسة، في فن العمارة والتصاميم الداخلية، إلا أنه لايزال هناك قصور اجتماعي يزداد تفاقمه وتغذيه بعض القطاعات الخاصة، وربطها بالجامعات التي تخرج المهندسات وتتركهن يواجهن مصيرهن في سوق العمل، الذي يشترط الخبرة الجيدة للمهندسة حتى يقبلها، فتبقى المهندسة حبيسة قيود عالية، إذا ما وجدت الفرصة السانحة لتقفز فوق السور، بعضهن تحدث ل "الرياض" عن أهم الصعوبات والمعوقات التي تقابل المهندسة السعودية في مجال العمل، التي يطالبن بإيجاد الحلول السريعة لها حتى يحدث التطوير الجيد في مجال الهندسة. واجهة كلية البنات بجامعة الأمير سلطان من تصميم المهندسة جواهر المدبل لا يوجد جهة تدريب وعلى الرغم من توفر فرص العمل للمهندسات في الوقت الحالي، إلا أن العضو في مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين المهندسة نادية حسن بخرجي ترى "أنه لابد أن يكون هناك تأهيل للمهندسات الخريجات، بحيث يكن مستعدات لسوق العمل، فهناك فجوة في التدريب، كما أن هناك عدم تحديد للتخصصات في بعض الجامعات فيما يخص التصميم الداخلي، فبعض الجامعات تدرس طالبة الاقتصاد المنزلي التصاميم الداخلية، فتخرج تلك الخريجية إلى سوق العمل برتبة مهندسة متقنه التصميم الداخلي، وتلك إشكالية كبيرة، إلا أن هناك بعض الشركات والمكاتب لا تقبل توظيف المهندسة الحديثة التخرج؛ لأنها تشترط الخبرة التي لا تقل عن خمس سنوات، وليس هناك جهة تدربها، وإذا وجدت تلك الجهة المدربة فإن التدريب يحتاج إلى وقت طويل لا يقل عن سنة؛ لتمارس المهندسة العمل، موجهة "ناديا" أصابع الاتهام إلى بعض الأشخاص المدعين مهنة الهندسة الذين يقومون بعمل المهندس من دون أن يكونوا خريجين حاصلين على شهادة الهندسة، فتحدث في السوق منافسة غير شرعية بين المهندسات والمهندسين، والمدعين الهندسة من بعض المقاولين وتجار الشنطة وبعض المدعيات اللاتي يعملن من المنزل، ويدعين معرفتهن التصميم، والمتسبب في ذلك المعاهد التي تمنح الدبلومات في التصميم الداخلي، ويخرجن إلى السوق ممارسات لعمل الهندسة وهن لسن مهندسات، وذلك ما دعى هيئة المهندسين السعوديين إلى الانطلاق لوضع قوانين جديدة لحماية المهندسين من هؤلاء؛ لأن هناك تخبطاً واضحاً في سوق العمل، وخلطاً للمفاهيم الهندسية، فالمهندسة تنافسها معارض المفروشات، وخريجات الدبلوم، ومكاتب المقاولين، وغيرهم، وهذا موضوع ذو أثر خطير على مستقبل فرص الوظائف للمهندسات والمهندسين، وكذلك على المفاهيم فطالبة الهندسة تبذل جهداً كبيراً في دراستها فيأتي من ينافسها من دون دراسة لمجرد أنه يملك الذوق في التصاميم الداخلية. تصميم مجلس شعبي من عمل المهندسة نورا سليمان نظرة المجتمع! وترى المهندسة آيلة الشدوي أن الإشكالية التي تقابل المهندسة ليست في القوانين، وإنما في المجتمع المحيط بها، فكثير من الذين يتعاملون مع المهندسة من الزبائن يفتقرون إلى التعاطي الصادق والواضح، إلا أنه يبقى المعوق الكبير الذي يقابلها هو محدودية الحركة، والتنقل بين المشاريع؛ لأن ذلك يحتاج إلى سائق مرافق ودائم، وقد لا يكون بالمقدور توفر ذلك، كما أنه مازالت هناك إشكالية في استقدام الرسام؛ لأن المهندسة من الصعب أن ترسم هي بنفسها التصاميم، وكذلك اشرافها على باقي العمل، فتحتاج إلى رسام، وذلك يحده كثير من القوانين التي تمنع الاستقدام بالنسبة للمهندسة، فتقع في مشكلة في عملها، كما أن التدريب على الرسم غير متوافر لدينا، فالاستقدام لابد أن يكون بطلب من الذكور من دون الإناث، مشيرة إلى أنه لم يحصل أن تعرضت مهندسة للمضايقة من قبل الآخرين؛ نظرا إلى الجدية والحزم التي تتسم بها المهندسة والتي تظهرها بشكل مختلف أمام الرجل. الثقة تبدد المخاوف وتؤكد المهندسة آلاء الحريري أن ما تحتاج إليه المهندسة هو وعي المجتمع بالمفاهيم الهندسية، خاصة التصاميم الداخلية، فالآخرون، خاصة رجال الأعمال والشركات الكبيرة، لديهم كثير من التخوف من التعامل مع المهندسة، إذ لم تتكون الثقة المطلوبة معها، وحينما تتقدم المهندسة إلى تقديم نفسها للإشراف على مشروع فإنه يطلب منها تقديم فكرة مميزة وجيدة ونموذجا لتصميم مختلف، ثم تبقى المهندسة في قائمة الانتظار، ولذلك فالمهندسة المتخرجة حديثاً تعاني تخوف الشركات لاستقبالها؛ لأنها تفتقر الخبرة، فليس هناك الثقة الكاملة بطالبة الهندسة التي لم تمارس عمل الهندسة لسنوات، ولذا فمن يستقبل المهندسات المتخرجات حديثا؟، متمنية أن تقوم هيئة المهندسين بدعم المهندسات من الناحية القانونية في الأمور المالية، وتوفير المحامين الذين تحتاج إليهم المهندسة أحياناً في بعض القضايا، كذلك تقديم بعض التسهيلات والاعتراف بالمهندسة كمكاتب هندسية، لها الأولية في استلام المشاريع الضخمة التي تأتي من الخارج، والتي غالبا ما تحول إلى مكاتب هندسية خارج البلد، على الرغم من أن المهندسة السعودية هي الأولى، فلماذا لا يكون هناك ربط بين الجامعات التي تخرج المهندسات وسوق العمل، وتدريب الخريجات حديثاً؟، كما لابد أن يكون هناك متابعة للمكاتب الهندسية وليس فقط الاقتصار على منح التراخيص لها. قاعة استراحة متعددة الأغراض من تصميم المهندسة أريل البليهد جدارة المهندسة السعودية أما المهندسة أمل الرويعي فترى أن المهندسة السعودية أثبتت في الآونة الأخيرة نفسها، وأنها جديرة بالتميز رغم كل الصعوبات التي تواجهها في مجال العمل، والتي تنحصر بصورة أساسية في كونها امرأة تمارس مهنة، لطالما كانت تقتصر فرضياً على الرجال، ولذلك فان الصعوبات التي تواجهها المهندسة ليست صعوبات بقدرما هي تحديات تواجهها في محاولاتها لتغييرالنظرة الشمولية للمرآة في ممارسة المهنة، وما فيها من مواجهة غير المعتاد الذي يحتم عليها التعرض لشرائح مختلفة من المجتمع، والتعامل معها بطريقة عملية ضمن العادات والتقاليد المحلية؛ وفي ذلك اعتماد كلي وأساسي على شخصية المهندسة ووعيها في إبراز قدراتها المهنية في إطار العمل، وأنها تؤدي عملها بصفة شرعية، ولذلك يجب أن يكون هناك وعي كبير من المجتمع في أهمية دور المهندسة السعودية، وما تقدمه من خدمات في مجال عملها، وحرصها على أداء وظيفتها، فالمهندسة مطالبة بالعمل مع الجهات الحكومية المختلفة، والإشراف المباشر على العمالة، ومتابعة الإجراءات الإنشائية، وقد يشكل ذلك صعوبات بحكم وضع المرأة السعودية في المجتمع، وما لها من واجبات، وما عليها من التزامات؛ ولكن ذلك لا يقلل أبداً من الثقة التامة في قدرة المهندسة السعودية على تحمل تلك المسئوليات، وتخطي تلك الصعوبات، متى ما أعطيت الإمكانات والتسهيلات اللازمة لممارسة المهنة، وذلك يشمل فرض لوائح تحمي حقوقها المهنية، وتفرض لها القوانين التي يلتزمها شركاء العمل والعملاء؛ لضمان وحماية حقوقها في سوق العمل، موضحة بأن المهندسة رغم التغيرات الإيجابية البسيطة في الفترة الأخيرة، إلا أنها مازالت تعمل بأنظمة "افتراضية" وليست رسمية كما هو المعتاد وليس كما يجب في جميع دول العالم، ما أعطى الفرصة لمن أراد أن يستغل ذلك في محاولات للمراوغة والاحتيال من جهة، ومزاولة المهنة من دون صفة شرعية من جهة أخرى. لا يراها أحد! وتذهب المهندسة إلهام زيد الحليبة إلى أن المهندسة السعودية عليها تحدي جميع الصعوبات، مهما كانت تلك الصعوبات، فمهنة الهندسة كأي تخصص آخر تحتاج إلى العمل بجد، وتطوير للخبرات والإمكانات، ومتابعة كل جديد في هذا المجال، وإلا سنبقى في الظل، حيث لا يراها أحد ولا يريدها أحد، وهذه أحد الأسباب التي جعلت بعض المهندسات في مجال العمل يتوسعن ويفتحن فروعا لشركاتهن لأعمال العمارة والديكور، حيث يعرضن في تلك الشركات الهندسية أهم المعارض الجديدة، وأحدث التصاميم ووسائل تنفيذها المختلفة، من أعمال للجبس، والدهانات الفنية، وفن الفسيفساء، والأسقف الخشبية الدمشقية، وغيرها من المواد التي تستخدم في الديكور، وأنماط الأثاث المختلفة، والإضاءة، والإكسسوارات.