من مظاهر الازدهار الثقافي الذي تشهده المملكة يبرز معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الجديدة كحدث ثقافي عربي المساحات حيث كثافة الدور العربية المشاركة وعلى الأخص الدور المتميزة في إصداراتها والتي عرفت على مر الزمن بالجودة والانتقاء وسعة رقعة المساحة في العالم العربي التي تحاول أن تجوس أبعاده وتمسحه من أقصاه إلى أقصاه بمنشوراتها واستقطاب الكاتبين من الباحثين والمبدعين من العالم العربي كافة ودون استثناء هذه الدور عندما تجتهد وتعمل من أجل المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب فإنها ترى فيه مالا تأمله في سواه من ناحية القوة الشرائية والحراك المستمر طيلة أيام المعرض العشرة ؛ حيث التزاحم العددي للرواد المتلهفين على اقتناء الكتب التي تعج بها رفوف المشاركين .. وقد ذكر لي أكثر من ناشر عربي بأنه يعمل طوال العام من أجل أن يؤمّن مايرى أنه المناسب من الجديد المطلوب والمرغوب ، لأن مرتادي المعرض يشترون ولا يتفرجون كما في كثيرمن المعارض الأخرى التي تكون بمثابة التنزه والفرجة، بينما هنا يحدث العكس تسوّق وشراء وبحث وتنقير في أركان كل دار عن الكتاب ، وفي هذا تأكيد على لهفة القارئ السعودي وحرصه على اقتناء الكتاب ، وهذا جاء نتيجةً لسعة الواجهات وسهولة إجراءات الفسح التي كانت عائقا وعاملا منفرا لكثير من الناشرين في أوقات ماضية بحيث يكون التندر على الرقيب والرقابة التي كانت تمارَس بتطبيق قائمة يضعها أحد الموظفين متضمنة أسماء كتاب معينين حسب ما يسمع وما يملى عليه وهو لا يعرف مضامين الكتب التي دوَّن أسماء مؤلفيها، ولكن اليوم المساحة متاحة رقابة، وعرضا، وتسوقا، وتسهيلات للعارضين والرواد، تمثلت في سعة المكان وتقنية العرض وتوزيع الأماكن للدور المشاركة ، ولو أن في ذلك بعض الإجحاف في حق المشاركين من الخارج على حساب المشاركين من الداخل الذين من المفترض أن يفسحوا المجال للضيوف الذين يحملون المغاير والجديد، كما ان المحلي متواجد طوال العالم بينما المشارك يطل مدة أسبوع في العام ، ولكن المشاركة الداخلية ليست مرفوضة أو مستبعدة وإنما أحبذ أن تكون بشكل مقنن بالمساحة التي يفترض أن تتماثل مع المشارك العربي أو الأجنبي الذي يومض أيام المعرض ثم يختفي ، ومع هذا يفترض أن تكون هناك غربلة دقيقة قبل منح الترخيص للمشاركة في المعرض وإعطاء الدور المحلية التراخيص حسب الأهمية ومكانتها النشرية ، وكم من مكتبة مشاركة لم يُعرف عنها النشر وإنما البيع تشارك وتضايق (ببسطتها ) من الكتب التي هي نتاج غيرها ، والغريب أن ال(غيرها) موجودة ومشاركة وببضاعتها من الكتب . معرض الرياض معْلم للعاصمة، وحدث لافت ودليل على التطور التعليمي وانتشار القارئين الباحثين عن الكتاب وهو أمر يسرّ الجميع ويوحي بالوعي المتنامي والمتطلع إلى الآفاق الأرحب لمستقبل الأجيال التي ستواصل النهل من المعرفة والعلوم ما يساعد ويساند على الرقي والسعادة للإنسان المحرّك الأساسي لدينامية الحياة وسعة أفقها. إنه حدث ثقافي منتظر دوماً، ويراد له الاستمرار ليخدم الغرض الذي أقيم من أجله وهو خدمة (المعرفة)..