بعيدا عن بطاقات المعايدة المعتادة التي تطبعها الشركات أصدرت شركة قانونية يملكها قاض اتحادي أمريكي سابق بطاقة مثيرة للجدل تصور جلسة تاريخية للمحكمة العليا تحدى فيها القاضي بنجاح أسلوب معاملة إدارة الرئيس جورج بوش للمحتجزين في قاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا. والأكثر غرابة أن الرجل الذي عرض القضية على المحكمة العليا جمهوري وكان قاضي استئناف سابقا عينه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون. وقال جون جيبونز الذي أسفرت دعواه عن حكم مهم للمحكمة العليا في يونيو - حزيران الماضي يقضي بالسماح للمحتجزين الأجانب في غوانتانامو المشتبه في تورطهم في أعمال أرهابية برفع دعاوى أمام المحاكم الأمريكية «ان مسائل حقوق الانسان ليست مسائل جمهورية او ديمقراطية». وأبلغ جيبونز الرئيس السابق لمحكمة في فيلادلفيا رويترز إنه لم يسمع قط انتقادا لدفاعه عن حقوق المحتجزين من أي محام آخر بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية. وأضاف «لا أعرف أي مجموعة من المحامين اتخذت موقفا يرى أن الحكومة على حق. أعتقد أن أغلب المحامين يرون على الأرجح أن الحكومة أصابها الجنون». وبالتأكيد فإن هذا القاضي السابق الحصيف الذي يمعن التفكير قبل أن يجيب على سؤال لا يتورط في مجرد خطب جوفاء. وجيبونز رجل متدين متمسك بقناعاته كما يقول زملاؤه وكثيرا ما يضع نفسه في المقدمة عندما يرى أن هناك خطأ يتعين عليه تصحيحه. واهتمام جيبونز وفريق العمل في شركته ومقرها نيوارك في نيوجيرزي بالقضايا الانسانية دفعه وزملاءه مرارا للدخول في قضايا مثيرة للجدل. فقد تولى المحامون قضايا مثل الدفاع عن حقوق مرتكبي جرائم جنسية وتحدي عقوبة الإعدام. وفي ديسمبر تجاوز جيبونز (80 عاما) حدود عمله في قاعات المحاكم للقيام بدور قصير في مسرحية بعنوان (غوانتانامو.. رباط الرعب للدفاع عن الحرية» وهي المسرحية التي استقبلت بحفاوة في عرضها الأول في لندن في الربيع الماضي واعتبرت اتهاما شائكا لأسلوب إدارة بوش في التعامل مع المحتجزين. وفي حين ساعدت المسرحية في التوعية بمعاناة السجناء إلا أن ظهور جيبونز في الفترة الأخيرة في المحكمة العليا وتأييد محامين آخرين له كان هو ما شكل أكبر صفعة حتى الآن لسياسات إدارة بوش في غوانتانامو. وحث جيبونز القضاة في إطار دفاعه عن أجانب من 04 دولة محتجزين في إطار مكافحة الإرهاب على رفض أراء الحكومة القائلة بأن المحاكم الاتحادية غير مختصة بنظر ما إذا كان السجناء محتجزين بشكل قانوني. وقال إن الوضع في غوانتانامو يرقى إلى ان يكون «كهفا خارج نطاق حكم القانون». ورغم أن ذلك قد يبدو موقفا غريبا على جمهوري يقول جيبونز إنه وشركته لم يترددوا في قبول قضايا من غوانتانامو في المراحل المبكرة جدا من التقاضي. وقال «القرار كان سهلا بالنسبة لنا.» موضحا أن الشركة أعدت برنامجا قبل 51 عاما يدفع للمحامين أتعابهم مقابل القيام بأعمال تهم الصالح العام. ولم تكن شركة جيبونز هي الوحيدة التي شاركت في ذلك فيقول مركز الحقوق الدستورية الذي ينسق هذه الجهود إن هناك الآن نحو 51 شركة تقدم تمثيلا مجانيا لنحو 70 من المحتجزين في غوانتانامو. ورد جيبونز على سؤال عن السبب في أنه ليس لدى جميع المحتجزين في جوانتانامو وعددهم نحو 550 سجينا محامين يدافعون عنهم قائلا «المسألة ليست قلة المحامين في هذه المرحلة». لكن ذلك يرجع إلى مشكلات يواجهها المحامون والجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان في الحصول من الحكومة الأمريكية على أسماء ومعلومات أخرى عن المحتجزين. وتابع جيبونز أن محاولات المحتجزين للاتصال بالعالم الخارجي عادة ما تعطل لأن خطاباتهم تتأخر وتخضع لرقابة شديدة من قبل الحكومة. وتابع «أسر المعتقلين لا يعرفون أين هم ولم يتصلوا بهم ولا يدركون ان بامكانهم توكيل محام». وتوقع جيبونز أن يكون من مجالات التقاضي التالية السعي لاجبار الحكومة على تسهيل اتصال المحتجزين بالمحامين لكنه أضاف «اتوقع ان تقاوم الحكومة ذلك بشدة». ويبدو ان التقاضي بهدف حماية الحقوق المدنية يوسع من نطاق تاريخ جيبونز المهني وهو في سن يتقاعد عندها غيره من المحامين. وقد غير عمله مرتين حتى الآن فعمل قاضيا وعمل استاذا في جامعة سيتون هول. ورد على سؤال عما إذا كان يفكر في تغيير عمله مرة أخرى قائلا «انا حيث أحب أن أكون». وعن تجربته في العمل المسرحي قال «لا أعتقد أنني سأترك عملي الحالي».