رفع البنك الفيدرالي الأمريكي بطريقة " مفاجئة " سعر الفائدة " سعر الخصم " أي القروض التي يمنحها للبنوك حيث تم رفعها 0.25 أي من 0.50% إلى 0.75%، هذا الارتفاع لم ترحب به البنوك ، ورحب به الاقتصاديون وليس معظمهم بالتأكيد وفرح به السياسيون ، فرع سعر الفائدة يعكس حالة " انتعاش " أو بدء الانتعاش ، ولكن حين نتعمق بهذا القرار السريع والمستغرب لحد كبير، يجب أن يطرح سؤال مهم ، هل فعلا الاقتصاديات العالمية والولاياتالمتحدة خصوصا خرجت من الأزمة المالية بكل تبعاتها أو ملامح خروج تلوح بالأفق ؟ الواقع يقول ليس بعد ، فبنك التسويات مثلا أصدر دراسة حذر من " أزمة ديون عالمية " خاصة في الدول الصناعية ، حيث أصبحت دول مديونياتها أعلى من ناتجها القومي ، فكل خطط التوفير المالي التي أنتهجتها الولاياتالمتحدة ودول اليورو لم تفلح في كبح الديون والبطالة حتى الان . البنوك لا ترحب بهذا القرار رفع الفائدة فهذا يعني أن الأموال التي تستعين بها من الحكومة الفيدرالية الأمريكية أصبحت أكثر كلفة ، وهي بذلك سترفع التكلفة للاقراض على المستثمرين بالأسواق المالية مما يعني أن الاقبال على سوق البورصة سيكون أكثر كلفة من مستويات شبه مجانية سابقا ، وهذا سيعيد حسابات البنوك ، والأرباح التي حققتها كثير من البنوك سابقا لسبب أنها استخدمت أموال الحكومة من مستويات متدنية في مارس 2009 حتى ارتفع معها مؤشرات السوق الأمريكي بما يقارب 70% ، وهذا يدفع أن الأسواق أصبحت لا تمثل قيمتها الحقيقية ومبالغ بها وهذا هو واقع النتائج المالية ، ولكن دعم الأسواق أتى من أموال حكومية متدنية الكلفة ، دفعت بالأسواق وهذا أدى في النهاية لرفع الأسواق بقوة السيولة لا بقوة أداء الشركات ، ورفع الفائدة الان سيعني أن كل مقترض ستبدأ ترتفع تكلفة اقتراضه وهذا سيكون له الأثر العكس لكل مقترض والفوائد التي سيكون لزاما علية سدادها . الخطأ هنا وبهذه السياسية النقدية الأمريكية ، ان الاقراض الضخم تم في قيعان سعرية لمؤشرات الأسواق ، وأن ارباح من استفاد ضخمة وقد يصفون أو يتجهون لتصفية مراكزهم ويحققون الأرباح الضخمة ، ولكن هل فعلا تحسن الاقتصاد بتوفير وظائف وفتح مصانع وتحقق النمو الاقتصادي ؟ الواقع ينفي ذلك ، وهذا سيؤثر كثيرا ويلزم برفع الفائدة للقادم من الأيام لكبح التضخم المتنامي وأيضا لعدم ضخ مزيد من الأموال في الأسواق لتحقيق الأرباح للبنك والبنوك الاستثمارية ، من أصعب القرارات أو الأوضاع هو ما يتم الان ، فكبح سعر الفائدة شجع على الاقراض السلبي ، ورفع الفائدة سيزيد الفوائد والعجز عن السداد مستقبلا ، وهذا محك مهم وكبير لاقتصاديات الدول ، ولكن رغبة تحقيق الأرباح والجشع والطمع هو ما يدمر الأسواق ولم يكن هناك توازن بين الاقراض والتضخم ، ووضع شروط أكثر ضبطا للبنوك للحد من اسرافها بالقروض لمجرد الربح بعيدا عن تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ، وتظل ديون الدول ترتفع وسترتفع ومعها الشركات والمؤسسات مع كل رفع للفائدة ، فهل خرجنا من الأزمة ، أم بدأنا بأزمة أخرى منتظرة ، لنتابع أثر رفع سعر الفائدة مع كل مره يتم .