يقول الصينيون عن النميمة (وهم بالمناسبة أهل حكمة وصبر مدهش) " عندما يكون الجذر عميقاً ، لمَ الخوف من الريح ؟ وعندما تكون الشجرة مُستقيمة لماذا تحزن حين يُلقي لها القمر ظلاًّ مُلتوياً " . أقول بأن مُعظم مآزقنا تأتي من فتح الآذان (جمع أذن وهي عضو السمع) حتى لا يفهم غلطاً المُترصد ومن في قلبهِ مرض، والذي يُصغي ويُصدق كل ما يُقال لهُ دون تمحيص وتقص لا شك سيقع في ورطاتٍ قد لا يستطيع الخروج منها والحكمة تقول بأن سُمّ الصِل (ثُعبان سمّه قاتل) يُخشى أقل من الإنسان الذي يُضمر الأذى . حول النميمة تلك المُمارسة البغيضة بعث لي أحد الأصدقاء برسالة اليكترونية تحوي حكاية بليغة لكنّهُ لم يُشر لمصدرها ومع هذا رأيت الاستشهاد بها لما تكتنزهُ من دروسٍ لمن يبحث عن واقع معقول يُؤدي إلى الاعتراف بأن غالبيّة مُجتمعنا يضعفون أمام العواطف الدينية فيستغلها أصحاب المصالح، يقول صاحبي في رسالته : " في أحد الأيام صادف سقراط أحد معارفه الذي جرى له وقال بتلهف: (سقراط،أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟) رد عليه سقراط بعد انتظار : (قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحانا صغيرا يدعى امتحان الفلتر الثلاثي ) ..،"الفلتر الثلاثي؟" ( نعم هذا صحيح ) تابع سقراط: (قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله. الفلتر الأول هو الصدق،هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟ )(لا) رد الرجل،(في الواقع لقد سمعت الخبر و...) (حسنا قال سقراط ) إذاً أنت لست متأكدا أن ما ستخبرني صحيح أو خطأ. لنجرب الفلتر الثاني، فلتر الطيبة.هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟)(لا على العكس...)(حسنا ..تابع سقراط ..إذاً ستخبرني شيئا سيئاً عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟)بدأ الرجل بالشعور بالإحراج. تابع سقراط : (ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان،فهناك فلتر ثالث - فلتر الفائدة. هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟ ) قال : (في الواقع لا)..!(إذاً .. تابع سقراط) : إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا ذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟) ...! قبل النقطة الأخيرة في سطر هذا المقال أرجو منكم تذكّر متى آخر مرة أصغيتم لواشِ كان مسعاهُ إفساد علاقة ما بسبب مصلحته الشخصية ..؟؟