قال الضَمِير المُتَكَلّم: (الإنسانية) معاملة صادقة وبريئة مع الغير أولًا، وقبلها مع النفس، (الإنسانية) لمْسَة حانية، هَمْسَة بريئة، (الإنسانية) حَنَان، الإنسانية عطاء؛ فتعالوا نحاول أن نصنع (الإنسان) في (الذات)، ومنه إلى المحيط الأسري والمجْتَمعِي؛ إليكم بعض الكلمات والحكايات؛ فلعل فيها إضاءة على البدايات: (1) (أنت، أنا، نحن) نستطيع صناعة (إنسان) بأن نساعده على الحياة، بأن نشعر بألمه، ونشاركه هَمَّه؛ مِثَال (مجرد مِثَال) هل من جيرانك أو في الحَي الذي تسكنه مَن يعاني الفَشَل الكلوي، ويحتاج إلى الغسيل الدوري؟ هل شاركته في معاناة مواعيده وتنقلاته إلى الغَسِيل في المستشفى؟! هل فكرت هل فكرنا في أن نقيم (وحدة غَسيل صغيرة في حَيّنا، من أموالنا، من تبرعات المحسنين)؛ صدقوني الأمر بسيط، ويحتاج فقط إلى العزيمة والرغبة في صناعة الإنسانية!! قبل سنوات وفي جامعة الإسكندرية في مصر، أحسّ طلاب بألم بعض زملائهم مَرضى الفشل الكلوي، وبتبرعات بسيطة منهم، ومن أساتذتهم؛ جمعوا مبلغًا جَلبوا به جهاز (غَسِيل صغير ومستعمل) باستشارة زملائهم في كلية الطب، ثم جهازٌ ثانٍ.. وهكذا! فهلا جربنا (أنت وأنا ونحن) فِعل ذلك في محيطنا السكني أو الدراسي (شعور وعملٌ رائع) أن تساهم في حياة إنسان؛ دعونا نُجَرّب، ثمّ نَحْكم. (2) اصنع إنسانًا يحافظ على أصدقائه، على علاقاته، بأن يكون حُرًّا، لا تديره أحاديث وعبارات (الوشَاة)!! يُحْكَى أنّ (الحكيم والفيلسوف اليوناني سُقْرَاط) صَادف يومًا أحدهم الذي قال له بلهفة: أتعلم يا سُقْرَاط لقد سمعت اليوم كلامًا في حقك من أحد طُلابك!! وهنا بادره (سُقْرَاط) بقوله: قبل أن تخبرني بما ذكَرَه ذلك الطالب، أود منك أن تجتاز امتحانًا صغيرًا يُدعى امتحان (الفِلْتَر الثُلاثي)!! (الفِلْتَر الأول): هو «الصدق»؛ فهل أنت متأكد من أن ما ستخبرني به صحيح وصادق؟ أجاب الرّجُل: لا، في الواقع لقد سمعت الخبر، ولست متأكدًا منه! (الفِلْتَر الثاني): «فِلْتَر الطيبة» فهَل ما ستخبرني به أمر طَيّب وجَيّد؟ فأجاب ذلك الرجل: لا، على العكس، فهو أمرُ سيء جدًا! تابعَ سقراط: إذن كنت ستخبرني شيئًا سَيّئًَا عن (إنسانٍ) وأنت غير متأكد من أنه صحيح؟! بدأ الرجل يشعر بالإحراج.. أضاف سُقراط: ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك (فَلْتَر ثالث) وهو فلتر «الفائدة»، فهل كان ما ستخبرني مفيدًا لِي؟! فقال الرجل: في الواقع (لا). وهنا قال سُقْرَاط: إذًا كنت ستخبرني بشيء غيرِ صحيح، وهو سِيء، ولا فائدة لِي فيه؛ فلماذا تخبرني به من الأصل؟! دعونا نجَرّب تلك الفلاتر الثلاثة، ونقضي على الوشاية والنميمة في مهدها حتى لا نفْقِد إنسانًا!! هَمْسَة لمصطفى صادق الرافعي: (إذا لم تزد شيئًا على الحياة، فأنت زائدٌ عليها!). ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.