جدل ساخن على ساحتنا العامة بين أنصار دفع رواتب للعاطلين، والممانعين وكل لديه وجهة نظره تجاه الآخر، ومع أن هذا الإجراء تتخذه العديد من الدول في العالم المتقدم، وفق ضوابط إجرائية وقانونية، إلا أنه لدينا هو مشروع جديد والحكم على نجاحه من عدمه يجعل التجربة مهمة.. المعترضون يستندون إلى أن المملكة لديها آلاف الفرص الوظيفية التي يحتلها الوافدون مثل مبيعات التجزئة والنقل وورش الصيانة، واحتياجات أجهزة الأمن بمختلف تفرعاتها وكذلك الجيش في توسيع دائرة التجنيد والتوظيف ، وأنه لو سُنت قوانين تراعي إخلاء الوظائف التي يشغلها الأجانب واستبدلناها بمواطنين لسددنا أكبر ثغرة في التوظيف.. أيضاً يرون أن ما يسمى بالأعمال الدونية كالحرف وأعمال المطابخ والمطاعم، ليست بموازاة عمال النظافة مثلاً، ولعل تعقيدات التقاليد هي من فرض هذه الصور النمطية، بينما إلى وقت قريب وقبل تدفق العمالة الأجنبية ، كنا في حالة اكتفاء ذاتي لمختلف المهن والوظائف الدنيا والعليا، ، وقد يقول البعض إن انتشار التعليم وتزايد السكان ومضاعفة الموارد المالية، هي التي خلقت ضرورة بناء سياسة للتوظيف أكثر مما هو معمول به، أي إلزام الشركات والبنوك والأسواق وغيرها بإحداث نقلة في التوظيف بدلاً من صرف المليارات على عاطلين سوف تزيد بطالتهم التي لم تدرس جيداً لفرز من لديه قابلية العمل والاستمرار فيه من غيره الآخر الذي لا يملك أي حافز للانخراط في وظيفة ما.. الجانب الآخر، وأعني المؤيدين لدفع رواتب أو مكافآت أو بدل للعاطل عن العمل فهم يرون أن كل الإجراءات ستكون بطيئة، وأن سياسة التعليم والتدريب عامل في تضاعف أعداد من ليس لديهم عمل، وهؤلاء يشكلون خطراً أمنياً واجتماعياً إذا ما اتجهوا إلى طريق آخر، كالانخراط في السرقة والمخدرات أو الذهاب بعيداً إلى التطرف للانتماء للقاعدة، أو أي تنظيم آخر.. ويضيفون ان الاعتراف بأحوالنا الاجتماعية والخلل الذي تشكّل فيها نتيجة العديد من العوامل يفترض مساعدة الشباب والشابات على تخطي حالة العوز، وضرورة سن نظم تجعلهم طاقاتٍ منتجة طالما الشركات والقطاع الخاص يتحايلان في عدم التوظيف ، أو دفع رواتب غير منطقية أمام أعمال شاقة بساعات طويلة.. نحن أمام قضية معقدة، والحلول لها طويلة لا تقبل التأجيل ، وبين خيار دفع رواتب للعاطلين، أو ضرورة توظيفهم، تبقى القضية معلقة على تحليل موضوعي لكل الحالات والموازنة بين مصلحة المواطن والدولة، ولا نعتقد أن تأسيس ضمان اجتماعي آخر يمكنه حل المشكلة إلا لمن هم معاقون أو كبار السن والأرامل، ممن لا يملكون القدرة على مزاولة أي نشاط، والموضوع مفتوح للنقاش طالما المصلحة عامة للجميع..