عرفت المرأة على مر عصور التاريخ بأنها الباحثة الأولى عن الجمال، وعن أدواته، لدرجة أن هذا الجمال تحول إلى صرعات وموضات ومجالاً للتباهي، والخروج بالغريب والجديد؛ حتى لو دفعت المرأة مقابل ذلك من مالها أو من صحتها وألمها ثمناً باهظاً لتبدو متميزة، فحولت المرأة عملية البحث عن الجمال إلى عملية مضنية تركض خلفها العديد من السيدات اللاتى حرصن على أن يبرزن جمالهن عن طريق استخدام مساحيق وأدوات التجميل أو عمليات التجميل، وهذا ماشهدته صالونات التجميل مؤخراً من إقبال بعض الفتيات على عمليات "حفر الظهر" في بعض العيادات التجميلية الخاصة، حيث استوقفتني هذه العمليات، والتي يبدو أنها جديدة ولم تصل إلى حد الظاهرة بعد، مما يتطلب التنبيه عن مخاطرها الصحية والاجتماعية، وهو ما تنشده "الرياض" من هذا التحقيق.. غصن شجرة تقول فاطمة عسيري أذهلتني فكرة اتجاه العديد من الفتيات من بنات الطبقة المخملية أو الراقية إلى عمليات حفر الظهر، وتحويل العمود الفقري إلى قصبة أو غصن شجرة بحفر هذه المنطقة والمناطق المجاورة لها من الظهر بأدوات جراحية، كما رأيت العديد من الفتيات يتباهين بحفر ظهورهن وإبراز الأشكال الجديدة من خلال فساتين السهرة المفتوحة من الظهر، بحيث يمكن للفتاة عمل شكل فرع شجرة وغصونها وذلك بحفر هذه المنطقة بأدوات جراحية لدى جراحي تجميل يقومون بحفر هذه المنطقة. لوحات فنية وأضافت سلمى الجداوي أن المرأة طالما اعتزت بعمل النقوش والتاتو والوشم أحياناً في مناطق من جسدها، إلا أن هذه التقليعة التي بدأت تظهر وبدأت الفتيات في عملها والتباهي بها خاصة في الأندية الخاصة والمسابح النسائية التي تتسابق فيها الفتيات لإبراز جماليات حفر الظهر وعمل أشكال فنية مبتكرة مما جعل كل فتاة تحول ظهرها إلى لوحة فنية تحمل أشكال القصبة أو فروع وغصون الأشجار باللون العودي، مشيرة إلى أنه رغم ما أعلمه من الألم الرهيب الذي قد تتعرض له الفتاة نتيجة لمثل هذه العمليات، إلا أن رغم كل ذلك فان الإقبال على هذه الرسومات أصبح مجالاً للتباهي. عملية مؤلمة وتحكي سهى إسماعيل قصتها مع هذه العملية التي قرأت عنها بالإنترنت وسمعت من صديقاتها عنها كثيراً، فاستفسرت عن أماكن العيادات التجميلية التي تقوم بها، وبعد فترة من التقصي اختارت عيادة تقوم بإعطاء "كاتلوج" تختار منه الرسم المناسب لها، وقد استغرقت العملية ساعتين، حيث تختلف مدة العملية من فتاة لأخرى حسب الرسمة المطلوبة، وكذلك قيمة العملية، وعن آلام هذه العملية تقول سهى: هي مؤلمة ولكن النتيجة النهائية مرضية خاصة أنها تميزني بين صديقاتي في المناسبات الخاصة وفي النادي الرياضي!!. لفت للانتباه ويرى استشاري جراحة التجميل د.مصطفي مكي أن عمليات نحت الظهر هي احد أنواع الوشم الذي ظهر في موضة جديدة ومبتكرة وحديثة للفت انتباه الفتيات للدخول في هذه التجارب، وقال: لم تُطلب منه هذه العمليات وحتى لو طلبت مني فاني اعتبرها من باب تغيير خلق الله، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تكون هذه الاتجاهات صحية لما لها من أضرار أولاً على الجلد الذي قد يتأثر بالمواد الكيميائية والذي يصيبه الاحمرار بمجرد تعرضه لأي ندبة فكيف سيكون حاله عند زراعة مواد كيميائية تحت الجلد، والتي قد تؤدي إلى وجود ندبات جلدية وتهيج، إضافة إلى إمكانية الإصابة بالتهاب كبدي مزمن أو سرطان. وأضاف أن مثل هذه العمليات لا تدخل ضمن إطار الجراحات التجميلية ولا الطب التجميلي، وإنما ضمن إطار الطب الشعبي والذي يقوم به أشخاص غير متخصصين في مجال الجراحات التجميلية، وهو منتشر في الصين وتايلند بهدف الزينة، مؤكداً على خطورة مثل هذه العمليات التي قد تؤدي إلى وجود أمراض خطيرة، نتيجة إجرائها علي أيدي من يتاجر بالتقليعات والموضة. وأشار إلى أنه شاهد العديد من الأشكال مثل رسم الحروف على اليد أو الظهر، ولكن هذه التقليعات قلَّت بعد اتجاه العديد من الفتيات إلى رسم التاتو بالحناء أو بمواد تجميلية على الجسم، موضحاً أن ابرز العمليات التي يقوم بها جراحو التجميل حالياً هي عمليات نفخ الشفاه او حقن البوتكس وتصغير الصدر وشفط الدهون وتجميل الأنف، ويراعي في كل هذه العمليات خصوصيات المرضى. تميز أنثوي من جهة أخرى أفاد استشاري طب الأسرة والمجتمع د.عبدالله الناصر أن اتجاه الفتيات إلى هذه التقليعات يجب أن يتم دراسته من ناحية صحية ونفسية واجتماعية، فمن المستهدف في هذه العملية.. هل هي علاقة المرأة بالمرأة وحبها لإبراز تميزها وتفوقها على المرأة الأخرى؟، أم أن السبب يكمن في محاولة لفت انتباه الرجل؟، وفي كل الأحوال فإن الأكيد أن هناك أثاراً صحية سلبية وخاصة عند عدم وجود كفاءة كافية لمن يقوم بعمل مثل هذه العمليات والذين لا يأخذون في الاعتبار الاحتياطات الطبية والعدوى، إضافة إلى الآثار السيئة على الجلد الذي قد يصاب بالتهاب وبروز جلدي بمنظر غير مناسب، وقد يتطلب إجراء عمليات جراحية للإزالة، داعياً إلى معرفة الأسباب النفسية والاجتماعية التي تحث الفتيات الصغيرات على الاتجاه نحو التقليعات دون دراسة عواقبها؛ وخاصة عند المراهقات، مبيناً أهمية توفير الوعي الكافي تجاه الاتجاهات الغريبة عن المجتمع وآثارها السلبية على الأسرة؛ وخاصة بعد زواج الفتاة ومشاهدة زوجها لهذه الرسومات والآثار السلبية التي قد تترتب على تركيبة الأسرة، والتي تكون غالباً في البداية هشة، إضافة إلى الجانب الديني وموقفه من هذه التقليعات، وتساءل عن تراخيص هذه العمليات، مؤكدا على أن هذه الاتجاهات لا تأتي إلا من باب التقليد والتنافس في عمل الغريب منها، معتبراً حلة "حفر الظهر" مؤشراً خطيراً على الفتاة ومجتمعا وبيئتها وصحتها.