تتعدد المواقف في حياتنا اليومية وتمر سراعاً فتنسى ولا يبقى منها الا التي يوثقها التاريخ والشعر.. وان كان الشعر أكثرها وأسرعها.. ومن هذه المواقف الجميلة.. موقف مر به أحد الشعراء المغرمين بالماضي الجميل حن اليه كما حن الى صباه.. موقف سطر قصيدة تقطر ابدعا وحبكاً فيا أجمله من موقف، ألا وهو موقف الأديب الشيخ سليمان بن موسى الموسى الذي كان متواجداً في محله كالعادة والذي يبيع فيه قطع غيار السيارات حينما مر به أحد الأشخاص يريد شراء قطع غيار لسيارته وكان مع هذا الرجل قدر قديم فظل الشيخ الموسى يطيل النظر الى القدر وهو يقلب الماضي في نفسه ويتذكر النساء وهن يملأن القدور من (غدير كميت) ذلك المورد العذب الذي ارتوى منه أهالي مدينة مرات لقرون عديدة وأطفأ ظمأهم وكيف كانت النساء يضعن قطعة قماش تسمى (الوقات) وهي على شكل العقال الذي يضعه الرجال على العقل التي تعتلي رؤوسهم حالياً ولكنه يعمل يدوياً دائري الشكل يوضع على الرأس لوقايته من ثقل قدر الماء ويمنع من ملامسته للرأس فلا يؤذيه، ولم ينتبه الشيخ الموسى إلا على قول صاحب القدر كأنك تعرف هذا القدر؟ فانتبه الموسى وقال لا. فذهب صاحب القدر بقدره وما اشتراه من بضاعة وماهي الا لحظات وإذا بالموسى تهيج قريحته بأبيات جميلة فأخرجت لنا قصيدة بديعة تصور الماضي العريق الجميل الذي عاشه في صباه، وتقول أبيات القصيدة: وين القدور وين هاك الوقايا يوم (ن) كل قدر يبرا له وقات وين المعصّم فيه زري وزوايا وين العبي اللّي عراض وطويلات وين الحلاق وين هاك الحوايا وين الجدايل فوق الامتان صفّات وين الشرف والجوخ راحت حكايا وين الكموم مطرزات بدقات وين المريكاني وهاك العبايا وين المرورت المسمى أبو شلحات الساحلي اللّي بقي له تلايا ماعاد له ياكود تكفين الاموات وين الزعب وين هاك الركايا وين (الوليدي) فيه قرو ومصفاة وين الغروب بصافي الما ملايا على معاويد حدور وقبلات ومحّال تسمع له ونين وعوايا مثل الذياب اللّي خلايا مجيعات وين الركية والبيوت الدنايا متماسكة مثل اليدين القويات وجنب الركية مسجد له بقايا فيه الذكر لله وفيه المناداة وين (المجيلس) والعلوم الطرايا تسمع سوالفهم جداد وقديمات وين الزبيل متوبك بالعرايا وين الشمال وين هاك المحشات بادت مثل ماباد شن السقايا مثل الصميل اللّي جدع له بمضماة وبدلهن المعبود رب البرايا يعطي من الدنيا ويهدي الجنات