مدخل : طويق : هو العارض أو عارض اليمامة ويسمى (اليمامة ) أيضاً ،قال عمر بن كلثوم: فَأَعرَضَتِ اليَمامَةُ وَاِشمَخَرَّت كَأَسيافٍ بِأَيدي مُصلِتينا قال ابن خميس في معجم اليمامة : و (للعارض) مفهوم قديم، ومفهوم حديث0 فأما قديماً فكان يطلق على (جبل اليمامة) من الشمال إلى الجنوب،كما قال يزيد بن عبدالله الكلابي العامري صاحب كتاب النوادر ،أما ما اصطلح عليه أخيراً، بل وحتى ما قبل قرنين من الزمان0 فهو يطلق على جزء من جبل (اليمامة) (طويق)، هو ما بين منطقة (الشعيب) إلى (منطقة الخرج) أي (الرياض ) وملحقاتها0 ولذا نجد في رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. وهي الرسائل التي يوجهها إلى علماء ومنتسبي الأقاليم الأخرى0 نجد ما هذا مفهومه وحتى الآن لا يخرج عن هذا المفهوم0 بين ابن كلثوم وابن مقبل : وكما شدّ هذا الجبل العظيم عقل ونظر ابن كلثوم فتغنى فيه بهذا البيت الذي يصوره في جهته الغربية تصويراً دقيقاً، قال ياقوت: "قال أبو زياد العارض باليمامة أما ما يلي المغرب منه فعِقاب وثنايا غليظة وما يلي المشرق وظاهره فيه أودية تذهب نحو مطلع الشمس كلها العارض هو الجبل قال ولا نعلم جبلاً يسمى عارضاً غيره..." فقد تغنى به عدد كبير من الشعراء قديماً وحديثاً فهذا الجبل العظيم يحتضن عددا كبيرا من القرى المحيطة ومنها (قصور آل مقبل) التي ولد فيها شاعرنا (عبدالعزيز بن صالح بن محمد المقبل) في منتصف القرن الرابع عشر ونشأ فيها يتأمل هذا الجبل ويتعجب من تكويناته العجيبة، حتى شب عن الطوق فتولع بالصيد في وهاد هذا الجبل وقلاته وثناياه، فكان يتناول بندقيته في كل وقت ميمماً هذا الجبل فيصطاد الوعول وغير الوعول، ولكن الوعول هي الصيد الأمثل وكانت تتخذ من هذا الجبل معتصماً تلوذ به قبل انقراضها . ومع ولع شاعرنا بالصيد ازداد حب هذا الجبل بين جوانحه ، ولذا فقد تغنى فيه بشعره في قصائد خاصة ، بل تمدد ذكر الجبل في قصائد الغزل والمدح والرثاء لديه ، وقد عاش ثمانين عاماً وهو يرى هذا الجبل شاهداً على حياته صباحاً ومساءً ، فيبث الأشعار إليه مستعيداً شريطاً من الذكريات الجميلة في أحضانه خاصة في آخر حياته عندما ضعف بصره وخارت قواه منها قوله : عزّي لعين تقذف الدمع تقذيف تقذيف كبدٍ فوقها المرّ زايم ماهوب جفوى من البني الغطاريف ولا مريضٍ من شقاهن مهايم متذكّر مبداي روس النفانيف مالي على هاك المراقيب لايم يا ذا الخشوم اللي علينا مقاييف بالله وين محجّلات القوايم وين الوعول اللي تربّ الحجاريف ما عاد منها في فروعك علايم وين الرجال اللي لهم بك مواقيف اللي لحذرات الجوازي صرايم ياما بها عدّوا بروس المشاريف وحَطّوا على روس الحجايا وسايم وسايم بقيت بروس الشفاشيف ما غيّرتها لافحات السمايم وقال مخاطباً طويق ويبثه شكواه ومعاناته وشوقه إلى صعوده وشم نسيمه: زهقت من المجلاس وحدي وغنّيت وعبّرت عن هاك الخشوم المقاييف يا طويق لى شفتك من الشوق ونّيت ونة معاق جاريٍ له صواديف يا طويق ياما بك طلعت وتمشيت وسبرت حذرات ترب الحجاريف يا طويق ياما بك لحالي تمخليت وأمسيت في روس الحجايا المشاريف يا طويق ياما بك تسمعت وأوحيت وقش الوعول مداحمات المهاييف يا طويق لو لي حيلةٍ كان عدّيت وسجّت النفس في روس هاك النفانيف وعندي هواك بقمتك لى تعلّيت ربعه يوازن ضامرات السراجيف وشاعرنا حين يسمع بيتاً لشاعر آخر في طويق ينساق انسياقاً لا شعورياً في عبدالعزيز المقبل رحمة الله مجاراته أو الرد عليه فحينما قال الشاعر الكبير راشد بن جعيثن : على خشوم طويق خلوني أويق أسبر مواترهم وكبدي مغلّه جاء الرد سريعاً من أبي صالح رحمه الله حيث قال : حي الكتاب وحي رمز العشاشيق حيّه عدد وبلٍ سحابه يهلّه وإعداد ما فوق الوطى من المخاليق وإعداد ما خطّ القلم في سجلّه اشتقت له واشتاق بالي بترويق وجزعت من فرقا خليلٍ وخلّه وعدّيت روس مشمرخات الصعافيق أصيح وأومي وأزعج الصوت كلّه جزع لصويب عيون نجلٍ مراميق وحقٍ أعزز موقفه جازعٍ له وآقف معه لو يِيبس الحلق والريق وأشيل من حمله معه واحتمل له وأمشي معه في ماسع الدرب والضيق وآطا برجلي ما وطا لوه ملّه يابن جعيثن صَفّق الوقت تصفيق أحدٍ جزع وأحدٍ وقف راسيٍ له وانته تغلّق قاف الأشعار تغليق ماعاد يلقى شاعرٍ مدخلٍ له وتسبر دروب خشوف ريمٍ غرانيق وتقول حالي كنّها مستسلّه لو صار قلبك ينتله من المعاليق إصبر على فرقا وليفٍ يتلّه هذي عوايد لابسات الخنانيق من ياوَحَن له بالهوى واغنجن له يجي لقلبه بين الأضلاع تخفيق ويخطي طريقه لى مشى ما يدلّه الله يعذب لابسات العشاريق كم عذبن من عاشقٍ ما صفن له وحينما شق طريق الرياضالطائف السريع جبل طويق ورأى الشاعر مرابع الصبا ، ومراقب الوعول ، تلتهمها البلدوزرات ليخترقها الطريق عبر ما يسمى ب(القدية ) اليوم ،تأثر كثيراً بذلك وقال مستعيداً ذكرياته : يا والله اللي تزلزل نايف الجالي مدهال حجل القوايم هدّوا خشومه هدّوا رفيع النبا والمرقب العالي ابو مطيريد مع نبعان وقصومه عْلِيت يا مرقبٍ للصيد مدهالِ هذي مواريه فيه وهذي رسومه ياما تلوّى بجاله كل ختالِ قبل صلاة الفجر ما ياخذه نومه يشيل مسلوبة يطرَب لها البالِ سبرٍ علمها وهي في الصيد ملحومه صنع الفرنجي عليها لفة حبالِ يشقى بها واحدٍ ما صوبن هدومه يقدح ذخيره وزنده يشعل اشعالي إشعال برقٍ سرى في مَقْدم غيومه هذي تواصيف جيل وقبله أجيالِ وكلٍ خذا له من الطيب مقسومه وحينما شاهد أعرنا صورة لأحد الوعول في إحدى المجلات، تذكر أيام اقتناصه في قمة حبه الأول (طويق) فقال معبراً عن خبرته بصيد الوعول : صورة وعل حصلتها بالمجله كبّرتها وبروزتها من غلاها في قمة بطويق في مرتعٍ له بفروعها يرعى ويزبن حجاها وا زين شوف قرونه المستقله مثل السيوف اليا اصطفق في قراه اما كل من شال التفق حابيٍ له ماهوب ضبٍ جاحرٍ في وطاه اولاهوب طيرٍ له جناحٍ يفلّه ولاهوب وبرٍ صلّته ما عداها يزبن شواهيق رفاعٍ مظلّه ما كل من كبرت متونه رقاها كم واحدٍ فاته وهو لاقفٍ له عدّاه عنه مشمرخاتٍ عطاها وأخيراً فإن المتتبع لشعر شاعرنا الرائع الذي طرق كافة أغراض الشعر لا يغيب عنه حضور (طويق) في قصائده الغزلية والوطنية وفي الاجتماعيات والإخوانيات وفي المدح والرثاء، ولذا رأيت أنه يستحق أن يطلق عليه (شاعر طويق) خاصة وأنه ممن عاش في أحضانه طيلة حياته . والحقيقة أن الشاعر رغم شاعريته المتدفقة، ومساجلاته مع كبار الشعراء كالشاعر عبدالله السياري وراشد بن جعيثن، فإنه لم ينل حظه من الإعلام كسائر شعراء جيله الذين لا يطرقون أبواب الصحافة ولا يتسولون ، ولولا ما نشره الأستاذ راشد بن جعيثن من قصائده في مجلة اليمامة لم نعلم عنه ، كما أشكر الأستاذ سعد بن عبدالعزيز المقبل الذي زودني مشكوراً بقصائد غير منشورة لشاعرنا المبدع عبدالعزيز بن صالح بن محمد بن عبدالرحمن المقبل الذي انتقل إلى رحمة الله صبيحة يوم الاثنين 5/11/1429ه عن عمر يناهز الثمانين عاماً، ولكنه حتى آخر أيام حياته لم ينس (طويق) ومما قاله مودعاً لهذا الجبل: قام قلبي يرجّ ودمع عيني يسيل نازلٍ للسهل من عقب هاك الرفاع يا نوايف خشوم طويق قرب الرحيل وصل وقت ارتحالي والوداع الوداع ما بقى بالعمر يا كود شيٍ قليل راح وقت الشباب وحلّ وقت الضياع