تحاول فرقة كركلا اللبنانية للرقص أن "تمسرح التاريخ بطريقة فنية" من خلال مسرحية "زايد والحلم" التي تبدأ عروضها في بيروت في الخامس من شباط/فبراير الحالي وتتناول حياة مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة ورئيسها الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وتستعين الفرقة ب"اطار موسيقي خليجي مطور وموزع بطريقة اوركسترالية ضخمة"، على ما يفيد المشرفون على الفرقة. ويقول مخرج العمل ايفان كركلا لوكالة فرانس برس ان المسرحية "احتفال بحياة شخصية عربية وعالمية تاريخية وانسانية". وتشير مصممة الرقص اليسار كركلا الى أن "زايد والحلم" تركز "على الطابع الانساني لشخصية الشيخ زايد، وعلى دوره التاريخي في النهضة العمرانية والتنموية لبلاده". ويتابع ايفان كركلا "نحاول في هذا العمل أن نمسرح سيرة الشيخ زايد، وان نمسرح التاريخ، بطريقة فنية. كركلا مسرح وليس حصة دراسية في التاريخ". ويضيف "ثمة ثقافة ورسالة حضارية وانسانية نقلناها من خلال شخصية الشيخ زايد، مع الحفاظ على هوية مسرحنا الذي يتميز بمزجه بين الهوية العربية والتقنية الغربية في المسرح والرؤية والحركات الراقصة ، ليصنع لغة خاصة به. حاولنا ان نوازن بين مسرح كركلا وتجسيد عالم الشيخ زايد ومضمونه". وينفي أن يكون تقديم الفرقة أعمالا باسماء زعماء، يحولها "فرقة بلاط"، مؤكدا انها "لم تكن يوما تابعة لبلاط معين". ويقول "كركلا فرقة لبنانية ولكن عربية الهوية، وكل قائد عربي او زعيم عربي يفتخر فيها ويستعين بها لرسالتها الثقافية. لا اعتقد ان ليوناردو دا فينشي مثلا كان تابعا لاي حاكم، لكن الحكام والامراء كانوا يتنافسون على استضافة الشاعر الاهم او الرسام الاهم". أما اليسار كركلا فقالت في هذا الصدد "ثمة تعاون بين الدول والفنانين، فالموسيقي الايطالي جوزيبي فيردي، على سبيل المثال، الف اوبرا عايدة لمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس في العام 1871، واعتقد ان تعاون ابو ظبي مع عبد الحليم كركلا هو لانه فنان لبناني يمثل الشعب العربي بصورة جيدة". اما عن الطابع الفني للمسرحية فيصف كركلا "زايد والحلم" بأنها "مسرحية راقصة غنائية"، لكنه يوضح ان "لا حوارات مغناة فيها بل غناء كورس وشعر". وطعم السيناريو الذي كتبه عبد الحليم كركلا مؤسس الفرقة، بكلمات اغنيات وقصائد للشعراء جورج جرداق وكريم معتوق ورعد الشلال وعلي مطر، والف الموسيقى الفنان الايراني محمد رضا عليغولي. ويشارك في الافتتاح المغني اللبناني عاصي الحلاني والمغني الاماراتي حمد العامري. وتبلغ مدة المسرحية 90 دقيقة مقسمة الى جزأين، وهي تضم 18 مشهدا، وتمت الاستعانة فيها ببعض المشاهد الوثائقية والصور الفوتوغرافية. وحرص ايفان كركلا على المزاوجة بين التقنيات والبصرية، وتطور القصة، والرقص. وتقوم سينوغرافيا العرض التي صممها الايطالي جوليانو سبينيللي، على اربع شاشات عملاقة خلفية وامامية تعطي انطباعا ثلاثي البعد، وهي مندمجة مع الديكور. ويرتكز العرض على شخصيتين رئيسيتين، هما الراوي (يؤدي دوره الممثل غبريال يمين)، والشيخ زايد، الذي يجسد دوره الممثل ياسر المصري. والعرض مترجم الى الانكليزية، في حين أن الكلام باللهجة الاماراتية، مترجم الى العربية الفصحى. وتقول مصممة الكوريغرافيا اليسار كركلا ان "سينوغرافيا العرض مكملة للوحات الراقصة والقصة" مضيفة "قدمنا الرقص الاماراتي بطريقة ثقافية، وطورناه على المسرح بحيث يكون بمثابة لغة، ويوصل القصة والرسالة الى الجمهور". وتتابع "من خلال اشراك فرق راقصة من العالم في المسرحية، بينها فرقة اماراتية محلية وأخرى من الصين وثالثة من اوكرانيا ورابعة من اسبانيا، عبرنا عن الطابع الكوزموبوليتي لأبو ظبي ودولة الامارات، وعن كونها ملتقى للشعوب والحضارات، ومدينة للثقافة". وتشير الى أن "120 راقصا يجتمعون في نهاية العرض في نوع من احتفال جماعي، تعبيرا عما تمثله ابو ظبي من انفتاح". ويشدد ايفان كركلا على ان "مسرح كركلا حاليا لا يقوم فقط على الرقص، بل على الموسيقى والسينوغرافيا والازياء". ويضيف "اخذنا ملامح من التراث موسيقيا فبات لدينا اطار موسيقي خليجي مطور وموزع بطريقة اوركسترالية ضخمة، واخذنا ملامح من الازياء الخليجية ومن الحركات الراقصة وترجمناها من خلال مسرحنا، واضفينا عليها بعدا افقيا". ويتابع "ثمة فرق بين التراث والمسرح، والفولكلور يختلف عن المسرح. الفولكلور يعيد نفسه. رقصة الدلعونا (الجبلية اللبنانية) لايمكن ان تتأثر بالعرضة الخليجية، والعرضة لا تصير دلعونا. طبيعة البيئة تؤثر كثيرا على الرقص وحركاته، ونمط الرقص في الصحراء يختلف عن نمط الرقص في الجبل. كل نمط يحتفظ بهويته من جيل الى اخر، اما المسرح فيطور نفسه باستمرار". وصنع ديكور "زايد والحلم" في ايطاليا، لكن المدخل الى قاعة المسرحية هو عبارة عن قلعة تمثل بيت الشيخ زايد الاساسي. ويوضح ايفان كركلا ان "هذه القلعة انجزت في لبنان خصيصا للعرض الذي سيقدم في بيروت". وتوضح اليسار كركلا أن والدها عبد الحليم كركلا "تولى تصميم الأزياء، وأخلص للزي الاماراتي ولأجوائه، لكنه ادخل اليه الالوان". ويفيد ايفان كركلا أن تحضير "زايد والحلم" وتنفيذها "استغرق سبعة اشهر فحسب، مع أن تحضير مسرحية لكركلا يستلزم عادة ما بين سنة، وسنة ونصف سنة". وتعرض المسرحية التي انتجتها هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث، في بيروت حتى السابع من اذار/مارس المقبل، بعدما عرضت في ابو ظبي، في مناسبة العيد الوطني السابع والثلاثين لدولة الامارات العربية المتحدة، في كانون الأول/ديسمبر 2008. من جهة أخرى، استبعد ايفان كركلا مشاركة فرقة كركلا في مهرجان بعلبك الدولي الصيف المقبل، رغم المفاوضات التي تجرى معها لاعادة تقديم "اوبرا الضيعة". وقال "نحن منهمكون بارتباطات كثيرة، اذ سنقدم اوبرا الضيعة في القاهرة وزايد والحلم في 8 و9 ايار/مايو في قصر المؤتمرات في باريس ومن 1 الى 3 آب/أغسطس على مسرح الاوبرا الوطنية الانكليزية في لندن". وكشف أن الفرقة في صدد تحضير "الفي ليلة وليلة"، التي سيتم التركيز فيها على القصة التي تدور في الصين، على أن تعرض في مدينة شنغهاي الصينية مع فرقة رقص صينية". وكان عبد الحليم كركلا أطلق فرقته في العام 1968 مع نحو 12 راقصا، وهي اليوم تضم اكثر من 100 فرد، من بينهم 45 راقصا لبنانيا واجنبيا، على ما قالت اليسار كركلا.